المشاهد تتداعي بلا ترتيب، ضوضاء ، ضجيج، انقسام، استقطاب، تنافر، تنابذ، سب وقذف، اضرابات، اعتصامات، بلاغات، تقاضي، تكفير، اقصاء، معركة شريعة واخري للتشريع! داعية يعذب ابنته ذات الخمس سنوات حتي الموت لشكه في سلوكها، لا حول ولا قوة إلا بالله، آخر قادم من افغانستان يبشرنا برغبة جماعته في تدمير الاهرامات وأبوالهول عندما يتم لهم التمكين، وتتوافر في ايديهم الامكانات التي دمروا بها تماثيل بوذا في افغانستان، ضجيج الفضاء الملوث طغي علي العيش، والحرية، والعدالة والكرامة، اصبحنا اسري لاصوات التحريم والتكفير. كامل الشناوي يظهر في المشهد ، يلقن الادعياء درسا في البناء، أم كلثوم تصدح بقصيدته " علي باب مصر تدق الأكف.. ويعلو الضجيج.. رياح تثور.. جبال تدور. بحار تهيج .. وكل تساؤل في دهشة.. وكل تساؤل في لهفة.. أين.. ومن.. وكيف.. إذن.. أمعجزة مالها من أنبياء.. أدورة أرض بغير فضاء.. وتمض المواكب بالقادمين.. من كل لون وكل مجال. فمن عصر مينا إلي عصر عمرو.. ومن عصر عمر ولعصر جمال.. وكيف تحقق ما كان وهما.. ومن ذا الذي ياتري حققه.. وكيف تحرر من أسره سجين الزمان.. من أطلقه لقد شاد بالأمس أهرام بأيد مسخرة موثقة.. هاهو يبني بحرية.. دعائم آماله المشرقة.. بسد منيع عجيب البناء.. يبث الرخاء ويوحي الثقة.. فأرزاق أبنائه حرة.. وحرية آرائه المطلقة.. وليس لهم سيد أو مسود.. فكل سواء بلا تفرقة.. وصاح من الشعب صوت طليق.. قوي.. أبي.. عميق.. عريق.. يقول أنا الشعب والمعجزة.. أنا الشعب لا شيء قد اعجزه. .. وكل الذي قاله أنجزه.. فمن أرضي الحرة الصامدة.. صنعت حضارتنا الخالدة.. أنا الشعب لا أعرف المستحيل.. ولا أرتضي بالخلود بديلا " . تلك هي مصر التي لا يعرفها دعاة الهدم المتاجرين بالدين والدين منهم براء ، هذا هو شعب مصر المعجزة الأبي العريق الذي يصبر كثيرا ثم يعلن عن فورانه عندما يتعرض تاريخه للخطر، أو تمس حضارته بسوء، لأنه مؤمن بالفطرة قبل ان تأتيه الرسالات والاديان! تقفز في المشهد أم كلثوم من جديد بكلمات عبد الوهاب محمد لترد علي جهل دعاة الهدم في قصيدته "حق بلادك " التي يقول فيها " ياللي بنيت الهرم قبل الزمان بزمان.. وبنيت لنا في عصرنا السد في اسوان.. كمل لمجد الوطن.. وابني كمان وكمان.. خللي الامل بالعمل.. يصبح وجود ممدود.. دانت مافيش يا بطل.. من معدنك انسان ". يا دعاة الهدم، انصتوا واستوعبوا ما تعنيه كلمات القصيدة التي تدعوا للبناء بالعلم والايمان : " كلنا جندي في كل ميدان.. هنا وهناك وفي أي مكان.. الزراع ويا الصناع.. اهل العلم مع الفنان.. زي ما لينا حقوق مشروعة .. ندي وطننا حقوقه كمان.. انوي.. سمي.. صلي .. كبر .. توصل فوق المعجزة واكثر.. قوم بإيمان وبروح وضمير.. دوس علي كل الصعب وسير" !