تمر مصر بمنعطف خطير لم تشهده من قبل.. صراع سياسي عنيف.. يغلفه طبقة رقيقة من السماحة وسعة صدر الرئيس محمد مرسي.. وما بين شد وجذب قد نري في الآونة أو اللحظات القادمة أحداثا غريبة علي العرف والتقليد المصري. هناك سببان لهذا الصراع.. الأول خاص بما يجري في سيناء والثاني خاص بما يجري في الجمعية التأسيسية للدستور. وكنت اعتقد ان السببين محل اتفاق.. أو محل تقارب.. أو ربما محل توافق في الرؤية والهدف والاستراتيجية.. وللأسف الشديد كانا محل شقاق ونزاع ربما وصلا إلي حد الشخصنة والأنانية دون أن يصل إلي حد المصلحة الوطنية! ولنبدأ بسيناء.. فقد انتقلت إليها النظرة الحزبية الضيقة.. والتي اشاعت بين الناس أقاويل مغلوطة وبيانات مضروبة.. لا هم لها سوي الانتصار الحزبي دون النظر إلي ما يهم المصلحة القومية.. وتحت ستار هذا الصراع الحزبي بين تيارات فشلت في الوصول إلي الحكم والتيارات الأخري الحاكمة الآن.. تم نشر الشائعات بين القبائل وتم تدبير خطف بعض رموز القبائل بما يوغر صدرها ضد التيار الحاكم.. وبدأت المناوشات.. والشائعات بسيطرة تيارات تسمي نفسها التيارات الجهادية علي أرض سيناء.. وأشاعت عدم نجاح القوات الأمنية التي تضم القوات المسلحة والشرطة في مواجهة هؤلاء المحتمين بجبال سيناء خاصة ما يسمي جبل الحلال.. لقد كانت »الأخبار« سباقة في ارسال بعثاتها لتغطية ما يجري في سيناء.. وشاهدت كيف يتم مواجهة الفئة الشاردة.. كما شاهدت البعثة ما يجري في الأنفاق بين رفح وغزة.. ورصدت الأحداث علي الطبيعة.. ومازلنا نتابع بأمانة ما يجري في سيناء.. وننقله إلي القارئ العزيز في كل مكان من أرض مصر والوطن العربي. وان صح من بيع أراضي سيناء لفلسطينيين أو غيرهم من أجناس أخري غير الجنسية المصرية.. فاللوم علي من اشتري وباع من خلف ظهر الشهر العقاري وإدارة الأملاك في سيناء والمحافظة.. ومثل هؤلاء سواء كان مواطنا سيناويا أو مسئولا يجب محاكمته بصفة عاجلة ونزع الأرض منه.. لأن سيناء مصرية.. ولن يسمح لأي أجنبي بتملك شبر منها.. وبالأحري تقطع يد وقدم أي إسرائيلي أو صهيوني يشتري أرض سيناء.. بل وينفي من سيناء أو مصر كلها من ساعده في ذلك سواء بنص أو غير نص في لائحة أو تشريع. وعلي الحكومة والرئيس مرسي ووزراء الدفاع والداخلية والعدل ان يقولوا للشعب ماذا يجري علي أرض سيناء في بيان مفصل للشعب. هنا نقتل الشائعات في مهدها ويرتاح الناس وتطمئن القوي والأحزاب السياسية. 000 أما بالنسبة للمسألة الثانية المرتبطة بالدستور والجمعية التأسيسية المنوط بها اصدار الدستور فما المانع من ان يقف الرئيس مرسي وليس المتحدث الرسمي ويقول انه استقبل مختلف التيارات والقوي السياسية في مصر.. وسمع منها رؤيتها حول الدستور القادم.. استمع من عمرو موسي وحمدين صباحي وعبدالمنعم أبوالفتوح ومن البرادعي وكمال أبوالمجد وغيرهم من الشخصيات المهمة في المجتمع.. وأيضا استمع من تيارات المرأة والعمال وأساتذة الجامعات وغيرهم ما يودون ان يشتمل عليه الدستور.. وانه نقل بأمانة إلي رئيس الجمعية التأسيسية هذه الرغبات مذيلة باهتمامه الشخصي بأن يكون الدستور معبرا عن جميع فئات الشعب.. ومطالبهم.. وانه سيكون الوثيقة المدنية المعبرة عن الحكم في مصر دون غيرها.. وان المناطق الشائكة في الفقه والعقيدة مرجعها الأزهر الشريف الذي ارتضاه الشعب المصري معبرا عن وسطيته وعقلانيته في أمور دينه ودنياه.. وان أصحاب الديانات الأخري ينعمون بمزايا الشريعة الإسلامية التي تنتهي إلي ان »لكم دينكم ولي دين«.. تمارسون شعائركم بما ترتضونه.. المهم ألا يكون بيننا أي ازدراء لدين أو لرمز من رموز الأديان. هذا باختصار ما يود ان يطمئن إليه الشعب وبالتالي القوي السياسية الأخري التي تنظر إلي موضوعية الأشياء.. أما الذين هم في شقاق من أجل الشقاق والنزاع والغلبة والصراع الدنيوي علي المنصب.. فسيستمرون علي مواقفهم إلي ان يدخلوا مزبلة التاريخ التي تتسع للشامتين والحاقدين علي الناس.. والباحثين عن مناصب لفرض السطوة.. وليس الرأي والرأي الآخر.. أرجو ان نترفع عن مثل هؤلاء وان نواجه الشعب بحقائق الأمور قبل ان تصبح الشائعات هي المسيطرة.. والحاكمة لتصرفات الناس!