إن أي مجتمع ينشد التقدم ويسعي الي تحقيق العدالة الاجتماعية يعطي اهتماما كبيرا بمنظومة الضرائب بكل انواعها باعتبارها المفتاح الحقيقي للتنمية الشاملة وتلبية احتياجات المواطنين.. وكلما كان النظام الضريبي متوازنا فهذا دليل واضح علي نجاح الخطط والبرامج الاقتصادية في شتي المجالات وعلي جميع المستويات والعكس صحيح. اعتقد انه في ظل غياب السلطة التشريعية فان التدقيق في المنظومة الضريبية يجب ان يكون علي اعلي مستوي لان ذلك ينعكس بصورة واضحة علي الايرادات والاولويات الحاكمة للموازنة العامة للدولة التي تعاني من عجز يتجاوز ال 163 مليار جنيه والاستثمارات والخدمات ومشروعات البنية الاساسية.. لهذا فان المسئولية الكبري تؤكد اهمية دور الارادة الشعبية متمثلة في منظمات المجتمع المدني والنقابات المهنية والعمالية والاحزاب والائتلافات في بحث منظومة الضرائب باعتبار ذلك فرصة تاريخية كبري لحكومة د. هشام قنديل لاثبات جديتها وقدرتها علي تحقيق العدالة الاجتماعية بأعلي معانيها ورفع العبء عن كاهل الفقراء ومحدودي الدخل بمفهوم ثوري يرتكز علي تفعيل دور المجتمع في تحمل المسئولية والمشاركة الجادة في اعادة رسم الاولويات الوطنية وفرض أعلي قدر من الشفافية فيما يرتبط بالسياسات الضريبية. لقد جاءت موافقة مجلس الوزراء في اجتماعه الاخير علي تعديل شرائح الضريبة التصاعدية بقانون ضريبة الدخل خطوة مهمة وفي توقيت حساس في مرحلة كانت تستوجب الاستفادة من الحوار المجتمعي المتحضر الذي يطرح علي الملأ بمصداقية شديدة لتنفيذ الطموحات وحتميات المقترحات القابلة للتطبيق العاجل لاضافة ايرادات الي الخزانة العامة للدولة.. وجاءت تصريحات الوزراء في هذا الشأن لتؤكد ان تعديلات الضريبة التصاعدية لم تتعرض مطلقا لمحدودي الدخل وانها في صالح الاقل دخلا وعدم زيادة الضريبة النهائية في أعلي الشرائح علي 25٪ مع اضافة ضريبة 22٪ علي من يتراوح دخله من مليون وحتي 10 ملايين جنيه.. وأيا كان التعديل والذي يبدأ باعفاء من يقل دخله في الحكومة علي 9 الآف جنيه بينما يقتصر الاعفاء لمن يقل دخله علي 5 الآف جنيه في القطاع الخاص، وهذا فيه شبهة اخلال بمبدأ العدالة احد اهم شعارات ثورة 25 يناير، كما اعتقد ان مثل هذه التفرقة في المعاملة الضريبية بين ابناء الوطن تشو بها شبهة عدم الدستورية. لهذا فانني اري ان في هذا عوارا في التشريع الجديد لشرائح الضريبة التصاعدية علي الدخل.. اتمني ان تكون هناك مبادرة جريئة لحكومة الثورة لازالة هذا الظلم عن موظفي القطاع الخاص.. هذا يحتاج الي تعديل عاجل في قانون العمل بحيث يسمح باعفاء اربعة الآف جنيه من اجمالي راتب موظفي القطاع الخاص من ضريبة الدخل أسوة بموظفي الحكومة واداراتها.. نحن الان في مفترق طرق صعب لكن لا يجوز ان نسمح بغياب العدالة الاجتماعية ضمانا لتصحيح اوضاع فاسدة لا يصح السماح باستمرارها وبقائها.