محمد الشماع سوف أدعمك داعيا إلي تكميم الصحافة وتقطيع أوصال الإعلاميين لو كان ذلك سيساعد علي الكشف عن برامجكم لاستعادة اقتصاد مصر يتشابه الي حد بعيد الموسم السنوي الذي يضعه البعض من خصوم الزعيم جمال عبدالناصر، والمتعلق بالسؤال هل انتحر المشير أم نحر، يتشابه هذا مع الموسم السنوي الذي سئمنا منه أعواما طويلة، وهو المتعلق بزواج عبدالحليم حافظ وسعاد حسني وهل تزوجها فعلا أم هم بها ولم يتزوج. كلا الموضعين ينتميان الي شكل من اشكال الكتابة التي تهدف إلي صرف الناس عن حقائق الواقع والانشغال بأساطير الاولين، وكلتا القضيتين تتسمان بالسخف والتفاهة، كلتاهما تتسمان بأطنان المقالات والاحاديث لا يقطع فيها صاحبها برأي فهي لا تثمن ولا تغني من جوع، وهي تعكس افلاسا فكريا عند بعض الكتاب وبعض محبي الظهور الذين يملأون حياتنا بطنين غير منتج. وربما يعتقد بعض خصوم عبدالناصر ان استغلال قضية المشير عبدالحكيم عامر سوف يسيء إلي عبدالناصر باعتباره متآمرا او قاتلا بالسم. وبغض النظر عن التفاصيل المغلوطة التي تساق لنا من حين إلي آخر فإن هذا الامر لا يخرج سيرة عبدالناصر ولا يهز صورته، كما انه لا يبرئ المشير عبدالحكيم عامر، لأن حجم المأساة التي تسبب فيها الاخير والتي أودت بحياة الالاف من شباب مصر بطريقة مهينة لا تستحقها مصر ولا يستحقها الجيش المصري. وتزامن هذا اللغط هذا العام بقيام إسرائيل باذاعة افلام عن حرب 76 ويشاهد فيها الاسري المصريون وهم يعذبون ويهانون علي أيدي الجنود الإسرائيليين بصورة غير انسانية علي خلاف المعاهدات الدولية التي تنص علي حقوق الاسري اثناء الحروب.. وللأسف الشديد لم نسمع او نر من يعلق علي هذه المأساة التي تسببت فيها القيادة العسكرية المصرية في تلك الفترة المظلمة من تاريخ مصر!! حجم الاخطاء التي ارتكبها المشير كانت كفيلة ان تدفعه إلي الانتحار سواء أكان هذا الانتحار نوعا من عقاب الذات او عجزا عن التكيف مع الأوضاع سياسية وعسكرية مستجدة، والذين يسعون إلي اعفاء المشير من فضيلة حساب الذات عندما يلصقون به تهمة ثقيلة وهي تهمة عدم الاحساس بالمسئولية التي اتسمت بها قيادته للجيش المصري، وخاصة قرار انسحاب الجيش من سيناء الذي تم علي طريقة »الجري نصف الجدعنة« دون احترام او اعتبار للمنطق العسكري. وعموما فإن الاجدي بنا ان نبحث في جذور الصراع العربي الإسرائيلي وان نطرح علي انفسنا الاسئلة الاستراتيجية الأساسية وهي: لماذا هناك صراع مصري - إسرائيلي، ولماذا كانت اسرائيل دائما هي المعتدية، لان لهذا السؤال ارتباطا وثيقا باصرار اسرائيل علي ان تكون سيناء منطقة لا يسمح للجيش المصري التواجد فيها إلا بواسطة افراد ذوي تسليح خفيف. صحة انتحار عامر وقد نجحت إسرائيل إلي حد بعيد في تنفيذ خططها وقد خابت مصر إلي حد بعيد في حماية مصالحها المائية والتنموية، أليس البحث عن اجابات لهذه الاسئلة اكثر الحاحا من البحث عن الكيفية التي رحل بها المشير عامر عن الدنيا؟! ألم يقتل الالاف من الجنود المصريين بسبب حماقة القرارات التي كانت تصدر عن القيادة العسكرية المصرية في هذا الوقت، أليس الاشرف والاكرم ان نأسي ونتألم لهذه الارواح الشريفة بدلا من البحث غير المنتج عن مدي صحة انتحار عامر.. ثم أليس الاكرم للمشير عامر ومسيرته ان يقال ان الرجل أخطأ واهمل وانه حاكم نفسه ونفذ الحكم في نفسه بشكل يليق بعسكري ذي رتبة رفيعة عن ان يقال ان الرجل لم يعبأ بالأرواح التي ضاعت في سيناء وان همه كان البحث عن موقع تنفيذي أو التمسك بموقعه العسكري ثم أليس لنا أولويات وطنية نحترمها أو اننا سوف نظل اسري لأساطير الاولين؟! إعلاميون مرتشون! وفيق حبيب نائب رئيس حزب الحرية والعدالة ومستشار رئيس الجمهورية اطلق تصريحات زاعقة وصف فيها الاعلام والإعلاميين المصريين الذين لم ينضموا مثله إلي الحرية والعدالة بأنهم يتلقون دعما ماليا من الخارج. وهكذا قسم الرجل الإعلاميين في مصر إلي قسمين: اعلاميون عصاميون يعتمدون علي انفسهم ويعملون لنصرة توجهات حزب الحرية والعدالة. واعلاميون مرتشون يعارضون توجهات حزب الحرية والعدالة ويتلقون الرشاوي من جهات اجنبية تنتشر في بقاع الدنيا تنصب الفخاخ وتحيك المؤامرات حتي يتكعبل فيها حزب الحرية والعدالة! وبرغم ان ما ورد علي لسان الاخ وفيق حبيب أيده الله هو كلام لا يستحق الرد لفرط سطحيته وهزاله لانه يصلح في ظاهرة سياسية قابلة للتحليل وذلك لأن كل النظم الاستبدادية لا تملك حجة ولا منطقا ترد به علي الرأي الآخر، وهي بحكم أنها نظم استبدادية لا تؤمن أصلا بالرأي والرأي الآخر، وهي لا تري حولها إلا المؤامرات التي تحاول اسقاطها. تلك حجج كان يرددها النظام السابق علي ألسنة خدامه، وسوف تظل هي الحجة الخالدة التي ترددها كل النظم الاستبدادية التي لا تملك منطقا ولا مشروعا ولا تقتصر هذه الحجة علي النظم الاستبدادية فقط بل انها تمتد في تراثها الشعبي لتصبح هذه الحجة هي الخيار المفضل الذي يردده كل الفاشلين الذين لم ينجحوا في الامتحان الدراسي، فهناك مؤامرة دائمة من المراقب ومن المصحح وكل الفرق الكروية الخائبة سوف يسهل عليها ان تتهم الحكم بالتآمر عليها وتلقي رشوة من الفريق الخصم. ولسنا في حاجة الي ضرب مزيد من الامثلة حتي يعرف الأخ وفيق حبيب ان هذه الحجج قد أكل عليها الزمان وشرب وان الاجدي له ولحزبه ان يخرجا لنا مشروع النهضة وان يأخذا خطوات- ان كان هناك مشروع- عملية لتثبيته علي الارض وإلا كتبنا عليهم انهم بعد ان حصلوا علي ثقة الناخبين يعزون تعثرهم في الطريق إلي ان احتراق الطبيخ منهم يرجع إلي مؤامرات خارجية وإلي عين الحسود وإلي اعمال سفلية تحيكها القوي الخارجية! مكشوفة حجتك يا أخ وفيق وقديمة هي دعابتك بل هي محروقة كما يقول العامة وربما كان كلامك هذا يصلح او يجد له مشجعين قبل الثورة حينما كان تتنادي جماعة الحرية وجماعة العدالة بأنهم مطاردون من قبل اجهزة الدولة ومن قبل اعلام السلطة الذي يشوه مواقفهم ويحرم افكارهم. اما الآن بعد ان اصبحتم في السلطة لديكم حزمة من القنوات الفضائية وتحت ايديكم وسائل اعلام متنوعة، ورغم ذلك ليس لديكم ما تقولونه غير ان الاعلام مرتش وان الاعلاميين العاملين في القنوات الخاصة يتلقون دعما لتنفيذ اجندة قوي اجنبية. مطلوب مستندات استاذ وفيق انك تتهم الاعلام.. كل الاعلام وهذا حرام.. إذا كان لديك مستندات ضد أي اعلامي فلماذا لا تتقدم فورا إلي جهات التحقيق ليحاسب هذا الاعلامي ويأخذ جزاءه، اما اتهام الجميع فهذا لا يجوز وامامنا قضية الزميلة جيهان منصور والصديق الدكتور عصام العريان بعد ان اتهمها علي الهواء دون ان يقدم اي مستند وهذا ظلم لا يرضاه د. عصام العريان ولا سيادتك خاصة انه ظلم كثيرا ويعلم اثر الظلم علي الإنسان اي إنسان! يا أخ وفيق حبيب هل لو اغلقنا هذه القنوات الخاصة سوف يشرع حزبك في تطبيق خططه للتنمية فنوقف الغلاء المتنامي في البلاد؟ وهل لو كتمنا افواه الاعلاميين كلهم سوف يشرع حزبك في الكشف عن خططه التي وضعها للقضاء علي البطالة وهل لو حرقنا الصحف الخاصة سوف يشرع حزبك في تنفيذ خطط تعيد الأمن الذي ضاع من البلد أو السائح الذي هرب من مصر تاركا قطاع السياحة خاويا علي عروشه! يا استاذ وفيق حبيب لو صلبنا الإعلاميين علي جذوع النخيل هل سيكشف حزبكم الجليل عن خططه للقضاء علي ازمة الوقود تلك الطاقة التي يتحرك بها اقتصاد البلد. انا معك يا استاذ وفيق وسوف ادعمك داعيا الي تكميم الصحافة وتقطع اوصال الاعلاميين لو كان ذلك سوف يساعد علي الكشف عن برامجكم لاستعادة اقتصاد مصر الذي يتفكك ويوشك علي الضياع لاستعادة الامن الذي انتهك ولتطبيق خطة للتنمية تنقذ الوطن من التهالك. يا أخ وفيق لن يعفيكم من المسئولية التاريخية ولا من الحساب امام الشعب ان تثرثروا عن المؤامرة او عن الاعمال السفلية او ان تقذفوا الاعلام بالباطل لان ما نحن بصدده هو واقع ومستقبل شعب عريق واننا لسنا في خناقة حتي نرد عليك بل اننا ننصحك والدين النصيحة ان تهتم بايجاد حلول للمشاكل التي انتخبكم الشعب من اجلها ذلك لان الزبد يذهب جفاء واما ما ينفع الناس فيبقي في الارض. صلابة النائب العام كنت مفعما بآمال كبيرة بأن يتضمن مشروع الدستور الجديد ضمانات أكثر لتحصين استقلال القضاء الحصن الأخير والضامن لحفظ حقوق المواطنين في مواجهة تجاوزات السلطة التنفيذية وما قد يعتري السلطة التشريعية من أهواء أو ميول قد تغري الأغلبية البرلمانية بالجور علي باقي السلطات في الدولة.. لكن للأسف الشديد أظهرت المسودة وجود مواد تنتقص من صلاحيات القضاء العادي والنيابة العامة وتنال من استقلالهما. وأصبح أعضاء الجمعية التأسيسية في معركة اشبه بالدوري العام لكرة القدم وطرفاها المجلس الأعلي للقضاء وباقي القوي السياسية بتياراتها المختلفة، أصبحنا نحصي عدد الخلافات والائتلافات حول مواد الدستور بين »المتصارعين« ولا أحد يرضي بالاقتناع برأي الآخر ويعتبرون ذلك الاقتناع الذي لم يتحقق هو »هزيمة«. ثم إن المعركة تواصل ارتفاع حرارتها بين الهيئة القضائية وأعضاء الجمعية التأسيسية.. لاعداد الدستور، ويبدو ان اعضاء الجمعية علي طريقة مباريات الكأس يريدون استدراج القوي والفرق المعارضة لهم إلي وضع المشروع واعلانه علي الرأي العام للاستفتاء بمسودته الأخيرة رغم كل الاعتراضات لأنهم واثقون من تحقيق »نعم« للدستور تماما مثل الفوز بضربات الجزاء في مباريات الكرة. وما يحدث بالتحرش السياسي بالمستشار الدكتور عبدالمجيد محمود النائب العام ودفع مجموعات وأشخاص وتيارات سياسية معينة للضغط عليه لدفعه للتخلي عن منصبه، ومحاولات تصفية حسابات سابقة.. لكن فات هذه القوي ان الرأي العام المصري يدرك كل شيء وانه لا توجد اسرار في مصر وان النائب العام يحظي بتقدير واحترام الأغلبية من السياسيين بل كل ابناء الشعب المصري باعتباره من أفضل من شغلوا هذا المنصب الخطير مع آخرين من هؤلاء الرجال العظام الذين سجلوا اسماءهم بحروف من نور في محراب العدالة.