على إبراهىم في صياغة الدستور الجديد إشارة إلي أن تكوين الأحزاب والجمعيات يكون بمجرد الإخطار، وهي إشارة تبدو متقدمة جداً عما كان من قبل من قيود وتكبيلات وتعقيدات، لكن في غير موضعها فمكان هذه الإشارة هو قوانين الأحزاب والجمعيات وعلي السادة الذين قاموا بصياغة مسودة الدستور تدارك ذلك إذ يكفي أن تنص الصيغة علي حق كل المواطنين في تشكيل الأحزاب السياسية باعتبار أن النظام السياسي للدولة قائم علي تعدد الأحزاب. أما الإشهار بمجرد الإخطار فهو خطوة قانونية قد تري أغلبية تشريعية تغييرها إلي الترخيص من الجهة الإدارية، أو تكون من حق الاتحاد العام للجمعيات بالنسبة للجمعيات. وما نريد أن نشير إليه اعتبار حق تشكيل الجمعيات الأهلية للأفراد هو حق أصيل لتقوم بنتمية المجتمع في النواحي الاجتماعية والاقتصادية والعلمية والبيئية والصحية والتعليمية التي لا تصل إليها الدولة وبدون هدف الربح وعلي القانون أن يحدد سبل ووسائل تحقيق ذلك وفقاً للممارسة العملية التي قد تكشف عن قصور في جوانب أو أخطار في جانب ما مثل تلك التي تبينت من السماح للجمعيات بتلقي تمويل أجنبي ودور هذا التمويل في تخريب وإزكاء نار الفتنة المجتمعية وإثراء أفراد بغير مشروعية عن أنشطة تستهدف الخدمة العامة وليس الربح. فالدستور هو الذين يبين الحقوق والواجبات العامة في المجتمع ويمنع الافتئات عليها أو التعدي عليها في التشريعات واللوائح المنظمة، وبالتالي فإن حق تشكيل الأحزاب للجميع قائم لكن ليس علي أسس مذهبية أو طبقية أو عرقية أو جنسية أو اقليمية وهو ما غاب عن الصياغة في المسودة حيث يمكن أن يؤدي ذلك إلي أحزاب سيناوية أو نوبية أو صعيدية وبحراوية فالصيغة القومية الموحدة هي الأساس وكذلك في الجمعيات إنها قد تقوم برعاية لأصحاب فئة معينة والعناية بفئة كالأطفال والنساء أو المعاقين دون أن تكون لذلك أي أهداف سياسية حيث ان السياسة وما يتعلق بها من شئون كالوعي السياسي والانتخابي والدستوري كلها مهمة الأحزاب ودورها وتنوع الأحزاب يحقق الهدف من أن يكون الوعي ليس محدداً علي اتجاه محدد أما الخلط بين العمل السياسي والنشاط الاجتماعي تحت بند الوعي بالحقوق فيمكن أن يكون مستساغاً في مجتمع يقيد العمل الحزبي ويقصره علي اتجاه محدد أما في مجتمع تعدد الأحزاب فليس هناك مجال للخلط بين العمل الاجتماعي والتطوعي والسياسي. ومازال التمويل الأجنبي عقدة كبيرة فالأصل في الجمعيات أنها تقوم علي تمويل ذاتي من اشتراكات وتبرعات الأعضاء ويحق لها جمع التبرعات من غير الأعضاء لتمويل مشاريع محددة أكبر من إمكانيات الأعضاء، أما التمويل الأجنبي للجمعيات مباشرة فهو أمر غريب وإن كان يجب تنظيمه بحيث لا يكون هذا التمويل دعماً لنفوذ أشخاص أو اتجاهات أو مصالح ترتبط بين الجهة الممولة والجهة المتلقية للدعم. وفي التصريحات الأخيرة للمتحدث الإعلامي للجيش المصري قال إن الولاياتالمتحدة تقدم 3.1 مليار دولار للجيش المصري ليس فيها أموال بل أسلحة ومعدات وخبراء وقطع غيار بينما تقدم لجمعيات بعضها عنوان لفرد واحد ملايين الدولارات بدون رقابة أو محاسبة إلا إذا كانت هناك قنوات غير معلومة تقوم بالمراقبة والمتباعة!! وقيام الدولة ممثلة في وزارة الشئون الاجتماعية بالموافقة علي هذا التمويل لجمعيات ورفض التمويل لأخري ليس مستحبا في قانون جديد للجمعيات مطالب بأن يدعم دورها لتكون الجناح الآخر الذي يعوض غياب الدولة وقصورها في مواقع كثيرة.. كما أن تلقي 082 جمعية من بين أكثر من 03 ألف جمعية تمويلاً أجنبياً حتي ولو كان من خلال موافقة الدولة هو ضد العدالة بين الجمعيات ولغير صالح العمل الأهلي عموماً أن تتسارع أجزاء منه لتلقي تمويلاً بالملايين علي حساب الأخري. وإذا كان التشريع الجديد يجب أن ينحي الجهة الإدارية من التسلط علي النشاط الأهلي فإنه في نفس الوقت يجب أن يمنع أن يكون تلقي الأموال الخارجية بالشكل الحالي أي من خلال الجمعيات المفردة ولكن من خلال المنظمات النوعية والجغرافية التي تضم عددا محددا من الجمعيات في نوعية معينة كالبيئة أو التعليم أو الصحة أو بقعة محددة كسيناء أو القاهرة أو الصعيد وتكون الاتحادات التي يتم تشكيلها بالانتخاب الحر بين الجمعيات ويتم إقصاؤها أيضاً هي المسئولة عن طلب التمويل وتوزيعه علي الجمعيات النشطة وفقاً لمعايير محددة وشروط يتم التوافق عليها من بين أعضاء الجمعية العمومية للجمعيات ويقوم الاتحاد النوعي أو الجغرافي بتوزيع الأموال علي الجمعيات وفقاً لهذه الشروط والمعايير التي هي معلومة لكل الأعضاء ومتابعة التنفيذ، وهكذا سيكون هناك رقابة من جميع الجمعيات علي الأموال غير الرقابة المستحدثة من الجهاز المركزي للمحاسبات.