أحمد طه النقر صباح عيد التضحية ، سقط العميد شرطة اسامة حامد عطوة ، شهيدا وهو يؤدي واجبه لتأمين موكب رئيس الجمهورية ..كان المفروض أن يكون الشهيد وسط أفراد اسرته ، كغيره من عباد الله ، ينعم بفرحة العيد ويتلقي تهاني الأهل والأصدقاء ، ولكن الواجب يفرض عليه وعلي غيره من الساهرين علي أمننا القومي داخل البلاد وعلي الحدود ، التضحية حتي بالروح..لم يكن العميد اسامة أول شهداء الواجب ولن يكون الاخير بالقطع مادام هناك أعداء يستهدفون الوطن. هذه تحية واجبة لرجال الشرطة الذين يؤمنون بقيمة هذا الوطن وبأنه يستأهل التضحية من أجله..وهؤلاء كثيرون لحسن الحظ رغم تصرفات فئة لا تزال تقاتل من أجل إعادة عقارب الساعة الي الوراء والإبقاء علي النظام البوليسي الاسوأ في تاريخ مصر..فرغم تصريح وزير الداخلية الحالي بأن عقيدة الشرطة تغيرت ، وكذلك تصريحات سلفه عن تغيير العقيدة والفلسفة الامنية في أعقاب ثورة 25 يناير ، إلا أن الكثير من التصرفات التي نراها ونقرأ عنها كل يوم ، تكذب هذه التصريحات ، بل تؤكد أن جهاز الشرطة يحتاج الي ثورة جذرية لتطهيره وتنظيفه من عناصر مريضة تري ضابط الشرطة نصف إله ، وتعتبر المواطن مجرما بالطبيعة يجب إهانته وإذلاله وربما تعذيبه ، أو متهما حتي تثبت إدانته في احسن الأحوال!!..هذه العناصر المصابة ب"السادية" تحتاج الي عملية إعادة تأهيل جادة لكي تدرك أن مهمتها الاساسية هي خدمة الشعب وليس استعباده وتعذيبه ، وايضا لكي تعترف بأن ثورة قامت في هذا البلد وأسقطت نظاما سلطويا فاسدا كان يعتمد في بقائه وسياساته علي السيطرة الامنية السافرة ..كلنا يعرف أن الرئيس المخلوع عندما قرر توريث حكم البلاد لابنه ، أوكل هذه المهمة لجهاز أمن الدولة ، وأطلق يد الجهاز في كل الملفات ، حتي في السياسة الخارجية حيث دفعت مصر ثمنا غاليا من استقلال قرارها ..منح نظام مبارك أمن الدولة صلاحيات بلا حدود ، كما وفر الغطاء القانوني لكل العمليات القذرة وانتهاكات حقوق الإنسان وجرائم الفساد المالي والاخلاقي التي ارتكبها الجهاز وجنرالات حبيب العادلي الذي بلغ ما كان يتقاضاه من المال العام شهريا ، طبقا لما قاله لواء كبير بوزارة الداخلية، 47 مليون جنيه !!.. وكان من الطبيعي أن يتوحش الجهاز ويفسد الي أبعد الحدود "فالسلطة المطلقة مفسدة مطلقة"، ناهيك عن دس أنفه في تفاصيل حياة المواطنين حتي قيل علي سبيل التنكيت ، وذلك هو سلاح المصريين التاريخي ضد الظلم والقهر. إن المواطن لم يكن يستطيع حتي معاشرة زوجته إلا بتصريح من أمن الدولة!!.. كانت ممارسات أمن الدولة سببا رئيسيا في تزايد كراهية الشعب للشرطة ، ودافعا منطقيا للثورة ..وعندما انهار النظام وأمن النظام كنا ننتظر تغييرا جوهريا في أفكار الشرطة وسلوكها.. ولكن شيئا لم يتغير ، إذ استمرت الانتهاكات الفظة ربما بأبشع مما كانت.. ففي الأسبوع الماضي فقط تعرض بعض شباب الثورة ، ومنهم الدكتور تقادم الخطيب عضو الامانة العامة للجمعية الوطنية للتغيير ، وخالد السيد عضو أمانة التيار الشعبي ، ومينا قزمان عضو حركة شباب من أجل العدالة والحرية ، للاعتقال والضرب ..والأخطر من استمرار الانتهاكات أنها تستهدف شباب الثورة البارزين فيما بدا أنه موسم لإصطياد الثوار جاء تاليا لموسم إختطاف الثورة ذاتها ، فضلا عن أن مَن يقترفونها ضباط صغار يحقدون علي الثورة وكان من المفترض أن يكونوا الاقرب لأهدافها النبيلة ، وخاصة الكرامة الإنسانية ، التي دفع شباب في مثل سنهم أرواحهم ثمنا لها ..كانت أعز أمنياتنا أن يتغيروا ولكن "ما كل ما يتمني المرء يدركه"!!..