محمد السروجى عشنا كمصريين عقودا طوال في أجواء الاستبداد والفساد والقمع ، أرغمت العقول والنفوس والممارسات علي نمط استبدادي بنسب وزنية مختلفة ، وكانت ثقافة فقدان الثقة وغياب العمل المشترك والنقد لمجرد النقد ، تكلست مكونات الإنسان المصري من ندرة الحركة والفكرة والمشاركة. فكان الجمود والتبعية والرفض وغياب الجديد ، هذا ما نعانيه وبدرجة كبيرة حتي اليوم ، لم يتحرر من هذه القيود المكبلة إلا بعض شباب مصر الثوري لاعتبارات السن والحماسة والفراسة والطموح فضلاً عن بعض الذين لم يستسلموا لثقافة عهد الركود ، المرحلة التي نحياها في مصر الدولة المدنية هي مرحلة جديدة وجديرة بثقافة نوعية ولغة مختلفة تناسب هذا التغيير الهائل في المشهد العام ، الأجواء تؤكد أن شعار "الشعب يريد" أصبح منهجاً علمياً وعملياً لا فكاك منه ولا يمكن تجاوزه ولا الاستغناء عنه لأنه أكبر ضمانة للثورة والدولة معاً ، الشعب كلٌ كبير ، وغيره أجزاء مهما ظن البعض أوهام وأمراض التضخم الهلامي ، المرحلة الجديدة بحاجة لثقافة وحدوية ولغة خطاب تصالحي توافقي يعتبر كل الأطياف والألوان مهما تباعدت واختلفت أو حتي تناقضت، من هنا أطرح وأرجو أن يشاركني البعض في تبني ميثاق شرف وطني لمرحلة تاريخية فارقة ، ميثاق شرف يرتكز علي جملة من المقومات منها : ** احترام الحقوق الدستورية والقانونية لجميع الأفكار والألوان والمعتقدات بعيداً عن الترويع والتهويل والتخوين فكلنا مصريون ** تقديم المصلحة الوطنية علي الحسابات الشخصية والخصومات التاريخية ، وفي المقدمة الوحدة والمصالحة الوطنية حفاظاً علي النسيج الوطني ووحدة الصف المجتمعي ** تجنب فرض الوصاية من أحد علي أحد سواء كانت الوصاية الدينية أو العسكرية أو الفكرية ، خاصة من النخبة التي اكتشفت أنها تحتاج لمعرفة معمقة بالشعب المصري وسماته الشخصية. ** مراجعة الإعلام بصفة عامة والخاص في المقدمة لأدائه في الفترة السابقة وسيكتشف أنه سار ولمسافات طويلة في الاتجاه المعاكس ، لكن فرص التصحيح مازالت متاحة ومطلوبة. ** احترام خيارات الجماهير في التجربة الديمقراطية الوليدة ، ومن المستحيل أن تكون الخيارات الخاصة هي مؤشر نجاح أو فشل التجارب العامة ، وإلا عدنا لمربع الوصاية من جديد. ** تجنب غيبة الأشخاص وتجريح الهيئات، واحترام الخصوصية، والابتعاد عن أساليب التشهير والتجريح. ** مهمة الإصلاح والتطوير وحل الأزمات المستعصية والمتعمدة أحياناً ، لا يقوي عليها فصيل منفرد مهما كانت إمكاناته ، لذا فالعمل المشترك هو المخرج الآمن من حقول الألغام المزروعة في طريق الثورة ومطالبها المشروعة ** الحذر واليقظة والتثبت في التعاطي مع المعلومات والأخبار علي مستوي الأفراد والكيانات والهيئات ، درءً للمفاسد التي أحدثتها شلالات الشائعات المنتشرة وبقصد في عموم مصر ، ما أصاب الناس بحالة من الاحتقان النفسي والاستنزاف المعنوي بدرجة غير مسبوقة ** طي صفحة بل صفحات الماضي وما بها من أخطاء بل وخطايا ، وبدء صفحة جديدة يحكمها الحب والتسامح والتعايش والقبول المتبادل والعمل المشترك المثمر. هذه رؤية لميثاق شرف وطني قد تحتاج للمزيد من الإنضاج، فلنتعاون.