سهىر جبر "الأمم تكبر عندما يعترف حكامها بالأخطار التي يرتكبها المسئولون فيها في لحظة ما من التاريخ" كأن هذا رد فعل عبدالعزيز بالخادم الامين العام لحزب جبهة التحرير الوطني في الجزائر، علي اعتراف الرئيس الفرنسي فرانسوا اولاند رسميا بمذبحة 17اكتوبر 1961، التي لم يعترف بها رئيس فرنسي من قبل. قال اولاند ان الجمهورية تعترف بكل وضوح بهذه الوقائع وترحم علي ارواح الضحايا. اعترافه فاجأ شعبه واغضب بعض معارضيه اليمينيين .استغرق الامر 51عاما وشجاعة كبيرة ليصل اولاند لهذا القرار.رحبت الجزائر بتصريحات اولاند واعتبرت الاعتراف خطوة لانهاء عقود من الصمت الرسمي لواحدة من اكثرالفصول المظلمة في تاريخ الحرب الفرنسية في الجزائر وخطوة لطي صفحة مظلمة من تاريخها الاستعماري الذي استمر130 عاما. بقيت مجزرة اكتوبر مكبوته في ذاكرة الجزائريين لسنوات طويلة بسبب تعتيم كامل من الحكومة الفرنسية علي حقيقة ما حدث وحرص الاباء علي رواية ما حدث لابنائهم.وقد لجأت السلطات الفرنسية المتعاقبة الي حجب الوثائق الرسمية لهذه الجرائم.. كانت الحكومة الفرنسية قد اعلنت حظر تجول للجزائريين في باريس من الساعة الثامنة ونصف مساء حتي الخامسة والنصف صباحا وامرت المحلات والحانات التي يملكها جزائريون بأن تغلق ابوابها في السابعة مساء.قرر الجزائريون تحدي الحظر وخرجوا مع اسرهم واصطحبوا اولادهم في مظاهرة سلمية مساء بلغ عدد المشاركين فيها 30 ألفا مطالبين باستقلال الجزائر. دفع رئيس بوليس پاريس موريس بابون بحوالي 7 آلاف شرطي و1400 من رجال مكافحة الشغب لمواجهة المتظاهرين وتم قمع المظاهرة بوحشية مفرطة واطلق البوليس النار علي المتظاهرين ومن لم يمت بالرصاص تم إلقاؤه من فوق الكباري الي نهر السين حتي اختلطت مياهه بدماء الضحايا واصبح لونه احمر قانيا. القت السلطات الفرنسية في تلك الليلة القبض علي 3 الاف ورحلت 20 ألفا الي الجزائر . حتي اليوم لا يعرف العدد الحقيقي للقتلي المؤرخون وشهود العيان ذكروا انهم بين 250 و400 قتيل من الذي سمح بهذه المجزرة ؟ وما الادوار الحقيقية لموريس بابون وميشيل دوبريه رئيس الوزراء والرئيس ديجول في هذه المجزرة؟ هناك الكثير من الغموض والتعتيم الذي يجب كشف وازاحة الستار حول حقيقة ما حدث. حتي الان ما زالت الوثائق المتعلقة بمذبحة اكتوبر 1961محظور الاطلاع عليها او نشرها رغم مرور أكثر من 50 عاما. كما منعت الدولة نشر كتاب حول المذبحة بعد الحادث.المؤرخون جمعوا تقاريرشهود العيان الذين وصفوا كيف طارد البوليس المتظاهرين في شوارع باريس حتي الموت. اعلان اولاند اعترافه بوقوع المذبحة ليس كافيا وان كان بداية حسنة لتحسين العلاقات بين البلدين .. نعم لقد اعترف بالمذبحة ولكنه لم يبد ندما واسفا علي الجريمة . لطالما سعت الجزائر لاعتراف الدولة الفرنسية بالجرائم التي ارتكبت في حق الشعب الجزائري طوال 130عاما من الاحتلال الوحشي وتقديم اعتذار رسمي وتعويضات للدولة الجزائرية وللجزائريين ولكن فرنسا تهربت دائما من تحمل مسؤلياتها الاستعمارية. الرئيس الفرنسي تعهد أن يكرس فترة حكمه لمصالحة مع الجزائر التي سيقوم بزيارتها في ديسمبر القادم وتعزيز العلاقات بين البلدين. من يعرف ربما يعتذر أتمني ذلك.