عندما هبطت طائرتنا في مطار المدينةالمنورة سرت في جسدي رعشة شوق للقاء الحبيب محمد صلي الله عليه وسلم، ورأيت هذه الرعشة في عيون زملائي وجميع الحجاج الذين اقلتهم الطائرة الي الاراضي المقدسة، تذكرت علي الفور الرحلة الشاقة للرسول الامين من مكة الي المدينةالمنورة تاركا أحب بلاد الله الي قلبه، تلك المسافة الطويلة التي قطعها الرسول وصحبه سيرا علي الأقدام في صحراء جرداء لا زرع فيها ولا ماء تسكنها الافاعي والحشرات.. تذكرت روعة استقبال اهل المدينة للرسول العظيم عندما خرجوا عن بكرة أبيهم مهللين قائلين "طلع البدر علينا من ثنيات الوداع وجب الشكر علينا ما دعا لله داع أيها المبعوث فينا جئت بالأمر المطاع جئت نورت المدينة مرحبا يا خير داع" . وبعد منتصف الليل تسابقنا للسلام علي الرسول والبقاء الي جواره في الروضة الشريفة التي قال عنها الحبيب "مابين بيتي ومنبري روضة من رياض الجنة".. داخل الروضة الشريفة شعرت براحة نفسية لم أعهدها من قبل.. هنا النقاء الروحي.. هنا صدق المناجاة.. هنا القرب من الله.. الجميع هنا علي اختلاف الوانهم والسنتهم وجنسياتهم يذوبون حبا في الرسول العظيم.. هذا يبتهل بالدعاء وذاك تنساب دموعه تضرعا الي الله ان يقبل توبته.. هذا يطلب الغفران ويطلب ان يتخلص من ذنوبه ويغفرها الله له ليعود الي بلده كما ولدته امه. توقفت أمام قبر الرسول عليه الصلاة والسلام أتأمل تلك الحشود الغفيرة وفوجئت بان ثورة الغضب التي اجتاحت العالم لنصرة الرسول صلي الله عليه وسلم بسبب الرسوم المسيئة قد ألقت بظلالها داخل الحرم النبوي والروضة الشريفة وامام قبر الرسول، سمعت من يصرخ مهاجما الكفرة والملحدين الذين اساءوا للرسول، سمعت الجميع يقولون نحن فداك يا رسول الله حتي جاء صوت حارس قبر الرسول ليقول للحجاج ان نصرة الرسول باتباع سنته واجتناب ما نهي الله عنه، غادرت الروضة الشريفة وأنا أردد فداك نفسي وروحي يا حبيبي يا رسول الله .