محمد عرفة في أوئل الستينيات بني الرئيس الراحل جمال عبد الناصر مدينة سكنية رائعة ..تقع علي شاطئ النيل خلف مستشفي حميات أمبابة عبارة عن بيوت من طابقين وحديقة .. وأمر بتمليكها للموظفين بقسط شهري خمسة جنيهات أسوة بمدينة العمال الواقعه خلف المطابع الأميرية. وكانت هذة المدينةالجديدة مثالأ حضاريا حيث توسطها مجمع كبير للمدارس قوامه عشرون مدرسة للمرحلتين الأبتدائية و الأعدادية ..ومرت السنين وبدأت معالم هذه المدينة تتغير بزيادة بناء الطوابق في معظم بيوتها إلأ أنها كانت دائما محط أنظار وحسد المناطق العشوائية والمزدحمة بالسكان والتي حاصرتها من جميع الجهات ولكن مدينة التحرير التي نتحدث عنها بقيت رائعة وآمنة وكانوا يطلقون عليها جاردن سيتي أمبابة ..و أستطاع مجمع المدارس أن يمد يده التعليمية والرياضية بالفضل والعطاء إلي كل أسر المدينة والمناطق السكنية المحيطة بها فتخرج منها الالآف بتفوق. ولكن ماحدث مع بداية هذا العام الدراسي لمجمع المدارس ..يحتاج الي تدخل أمني وتعليمي سريع لإنقاذ مدارسه وتلاميذه وحتي أولياء الأمور من كارثة إنسانية محققة.. فلقد فوجئ السكان ببعض عمال البناء وأصحاب عربات الكارو يحولون أحد شوارع هذا المجمع المدرسي إلي مقلب كبير لحجارة وبقايا الهدم والبناء وأكوام هائلة من القمامه لتمنع السير فيه أمام السيارات والمشاة تماما ..في نفس الوقت وبدون سابق إنذار استيقظ سكان الشوارع المطلة علي هذا المجمع ليجدوا الشارع الأوسط تحول بقدرة قادر إلي جراج خاص للسيارات يسيطر عليه بعض البلطجية من المناطق المحيطة و مسئولون من الحي والذين أشاعوا بين السكان بضرورة نقل سياراتهم الخاصة إلي هذا الجراج الجديد للانتظار أو المبيت وأعلنوهم بعدم مسئوليتهم عن ترك السيارات في الشارع أمام منازلهم ..هكذا كان اليوم الأول الدراسي أمام تلاميذ المجمع الذين لم يجدوا طريقا للدخول إلي مدارسهم وفشل الآباء في توصيلهم -كالعادة - وحدث هرج ومرج ولم يجدوا مسئولا واحدا يقف أمام مدرسة أو شارع مؤد لها خاص أن الشارع الرئيسي الثالث ممنوع فيه المرور للسيارات لبناء رصيف عالي أمامه لا يسمح بذلك.. وعندما لجأوا الي المسئولين بالمدارس فوجئوا بالرد : أننا محاصرون بالقمامة وبقايا الهدم والجارجات والبلطجية.. وعند خروج أولياء الأمور من الشارع الخارجي للمدينة وجدوا عشرات من سيارات السرفيس و التوكتوك تسد عليهم الطريق لتحدث بين الجميع المشاجرات والمشاحنات الكلامية وقد وصلت في بعض الأحيان إلي عراك بالأيدي.. ولم لا فلقد أصبح المرور مستحيلا سواء سيرا علي الأقدام أو بركوب السيارات بعد أن تم إغلاق شوارع المجمع الثلاثة الرئيسية.. فكر أولياء الأمور في اليوم التالي في توصيل أولادهم وبناتهم ألي المجمع من الجهة الخلفية صدموا بأن هذه المنطقة تحولت خلال إجازة الصيف إلي منطقة صناعية لصيانة السيارات وإجراء عمليات السمكرة والدوكو علي مدار اليوم نهارا وليلا.. لمختلف السيارات الأجرة الملاكي والسرفيس وحتي أتوبيسات الرحلات ..وفسروا بذلك أصوات الضوضاء والضجيج التي يعاني منها التلاميذ وايضا المدرسون أثناء اليوم الدراسي .. ولأول مرة منذ إنشاء هذا المجمع المدرسي يتقدم أولياء الأمور بطلبات لنقل أبنائهم بعيدا عن هذا المكان الذي أصبح لا يليق بالتعليم بعد أن غاب عنه الرقابة والأمن.. فهل يتم محاسبة المسئولين عن التعليم والحي بأمبابة من أجل أعادة الحياة إلي شوارع مجمع مدينة التحرير ليعود إلي تحقيق رسالته المرجوة.