إىمان أنور اللصوص أنواع.. منهم من يسرق الكحل من العين.. ومن يسرق الطفل من بطن أمه.. ومنهم النصاب والمحتال والفهلوي.. ولكل منهم مستوي خطورة يلزمها قدر من المهارة حين يتعلق الأمر بالعين والكحل والبطن والجنين.. والوطن والحنين. قبل أيام تواصلت معي قارئة قديمة.. مضي وقت لم أسمع عنها وكنت قد نسيت رقم هاتفها ومهنتها.. وفوجئت برسالة تصلني منها علي الموبايل.. فحواها أن شابا أنيقا زارها في العيادة.. استطاع أن ينال اهتمامها وثقتها.. للدرجة التي ارتاحت لوجوده عند زيارة الاستشارة.. ولم تكترث كثيرا لمسألة ترك حقيبتها علي مكتبها دون "تأمينها" في إحدي خزائنها.. فاستغل الشاب الأنيق "ابن الناس" الثقة.. ونبش في حقيبتها.. وصادر كل مافيها من نقود وأوراق وغيره.. فكتبت لي مصدومة بهذا الموقف!.. وكان شعورها كله أسي علي مستوي أخلاق وتفكير هذا الشاب أكثر منه شعورها بالإنخداع وضياع بعض النقود والأوراق. حدثتني القارئة العزيزة عن فقدان الثقة وما يرتبط به من افتقاد الأمان.. حين يستغل مثل هؤلاء هدوء وطيبة ورفعة أخلاق الناس.. ويقومون بسرقتهم وخداعهم احتيالا ثم إجراما.. تتساءل : ليه بيعملوا كده.. كيف نخلص المجتمع منهم؟.. وتضيف: أنا أمشي الآن بلا أي نوع من إثبات الشخصية الرسمية.. تخيّلي!.. لا أعلم ما الذي يريده مثل هذا "المريض" من سرقة هوية الأحوال الخاصة بي بعد أن سرق المحتويات والنقود الموجودة في الحقيبة!! لا أستغرب أن يقوم قاتل بالسير في جنازة من قتل.. ويصرخ ويولول ويملأ الدنيا صخبا متأثرا بحادثة القتل التي هو الجاني والمجرم فيها.. أمثلة هؤلاء في المجتمعات كثيرة.. ولكن في رأيي أن أخطر اللصوص هم من يسرقون أوطانا.. ويضعون مستقبل مواطنيها في مهب ريح السياسة السوداء.. لا إحصائية بين يدي عن اللصوص وأنواعهم.. لكن لدينا جميعا إحصائية عن حجم ونوع مسروقاتهم.. ويكفينا نظرة واحدة للذي يجري حولنا.. لنفهم أنهم موجودون بيننا بكثافة.. كل واحدة تنتبه لحقيبتها خصوصا حقيبة القلب.. لأن هناك نوعا من اللصوص يتخصص في سرقة القلوب والعبث بها.. وربما بيعها أيضا.. أما أنت يا قارئتي الغالية.. فخللي بالك علي كحل الوطن ودمعه.. فهو حدود عيني وقلبي أيضا..!.