قوم يامصري "فز" كلما استمعت لعمنا سيد درويش في أغنيته الرائعة "قوم يا مصري ..مصر دايما بتناديك" أشعر كأنه "بيآذن في مالطة" فالحال لم يتبدل منذ وقته ..فما باله لو عاش وقتنا هذا ورأي تفرغ المصري للإضرابات والمطالب الفئوية..وكأن عمنا درويش يتنبأ بما سوف نصل إليه..فيكاد يبوس علي أيدي المصري ويحلفه بالغالي والرخيص ويستعطفه بحالنا العدم ان يعمل..فيتوجه باسم مصر قائلا (قوم يا مصري..خد بنصري نصري دين واجب عليك..عد لي مجدي اللي ضيعته بأيديك..شوف جدودك في قبورهم ليل نهار من جمودك كل عضمة بتستجار ..فين أثارك ياللي دنست الاثار..دول بنوا لك مجد وأنت فوت عار..).. وبرضه المصري نايم في العسل نوم. ويزيد له في التوبيخ وفي قضاياه الخيبة ويرصد جرح مازال ينزف من زمن..فيغني بصوت قريب من البكاء مليء بالنصيحة المخلصة قائلا:(حب جارك قبل ما تحب الوجود..إيه نصاري ومسلمين قال إيه ويهود..دي العبارة نسل واحد م الجدود)..منطق والله العظيم ياعم السيد..بس مين يفهم..؟! وكأنه يعي منذ سنوات وسنوات ما يمكن أن تفعله الفتنة الطائفية بالمصري وحكاية مسلم ومسيحي ويهودي كمان..دا كله نسل واحد من الجدود..ويحذره تحذير أخير من عدم القيام..وبأن حب الوجود يعني أنه لا فرق بين إنسان وأخر.. ويتعجب مما يحدث لمصر والمصريين فيقول في نفس الصيحة:(ليه يا مصري كل أحوالك عجب..تشكي فقرك وأنت ماشي فوق دهب..مصر جنة طول ما فيها أنت يا نيل ..عمر أبنك لم يعيش أبدا ذليل..) وبرضه لسه الاضرابات والاعتصامات شغاله والايدي الخفية مازالت تشعل النيران وتحرض علي المطالب دون عمل حقيقي .. وحياة ابوك اسمع كلام عم درويش "قوم يامصري فز" بقي..لعل المانع خير! ديمقرطي والعياذ بالله..! أحمد لطفي السيد "أبو المصريين" وأول رئيس للجامعة المصرية وصاحب الجريدة..فكر في الترشح نائبا عن حزب الأحرار الدستوريين في دائرته الانتخابية وموطن أجداده وعائلته بالسنبلاوين.. النتيجة كانت شبه محسومة لصالحه.. منافسه في الدائرة سليط افندي لم يجد ما يفعله أمام جماهيرية منافسه..فأشاع أن احمد لطفي السيد ديمقراطي وسيدعو البلاد حتي تكون ديمقراطيه.. اخذ يشرح لأهل الدائرة معني الديمقراطية..قال ديمقراطية يعني كفر والعياذ بالله يعني لا مؤاخذه نحكم نفسنا بنفسنا وننسي شرع الله نعمل زي الأجانب اللي سي أحمد عندهم .. وبعدما اطمئن سليط بان اهل الدائرة اطمأنوا لتفسيره المغلوط والانتهازي عن الديمقراطية طلب منهم ان يسألوا احمد لطفي السيد بأنفسهم عن الديمقراطية وان كنتم تريدون ترك الإسلام واعتناق الديمقراطية فانتخبوه فهذا شأنكم وقد أبلغت اللهم فاشهد. وبالفعل في مؤتمر احمد لطفي السيد الانتخابي بالدائرة كان السؤال الرئيسي من اهل دائرته :هل صحيح انك ديمقراطي؟ فاجاب بكل ثقة وإيمان :"نعم أنا ديمقراطي وسأظل ديمقراطيا حتي الممات". وسريعا انفض اهل الدائرة من حوله.. لم يدر ما السبب.. وعلمه وقت فرز الصناديق وسقوطه واكتساح "سليط"للدائرة. سرقة الأمان الطرق لم تعد آمنة علي الأنثي.. فالسرقة وصلت إلي جسدها فيما نعرفه باسم التحرش..والحل المضحك الذي اسمعه من الكثيرين للتعامل مع ظاهرة لمس الجسد هو بالمطالبة بعودة الأخلاق أو التذكير بأنها مثل أختك أو أمك فهل ترضي لأختك او امك ان يتحرش بها احد..؟! اظن التعامل مع المشكلة بهذا المستوي فيه استخفاف واستعلاء علي المواجهة الحقيقية للتعامل مع جذور محاولة لمس الجسد الذي يلهب خيال المراهقين..وبديهيات التعامل المشاكل الانسانية انه لا فهمها بارجاعها لسبب واحد وحيد.. إنما غالبا ما يتضافر في صنعها العديد من الاسباب والعوامل.. واذا كنا مصرين ان نعزو الظاهرة لضياع الاخلاق ..فكان الاولي ان نسأل أنفسنا بداية وما سبب ضياع الاخلاق..؟! ونتعامل مع اسباب ضياع الاخلاق اولا.. فتنجلي امامنا الحقيقة.. واظن ضياع الاخلاق وراءه العديد من الضوائق التي نمر بها بلادنا.. ضوائق اقتصادية واجتماعية وثقافية وسياسية..كلها تسهم بنصيب في لمس الجسد .. والتعامل الجاد لابد ان يكون علي عدة مستويات تنتهي بالقانون الرادع ولا تبدأ به..!