جلسنا في سرادق العزاء لزميل المهنة الذي وافته المنية في ريعان الشباب وترك طفلين وأمهما.. المصاب جلل والدموع انهمرت ظهرا من القلة التي حضرت مراسم الدفن وتشييع الجنازة، ومع ذلك كانت الكثرة التي جاءت للعزاء مساء في أبهي حلة وتفوح من رجالها قبل سيداتها أرقي انواع العطور.. كانوا في واد وأهل المرحوم في واد آخر تماماً. كلما لم تتح لي الفرصة حضور تشييع الجنازة وأجد نفسي مضطرا لحضور العزاء مساء يتأكد في نفسي اصرار الزميل اسامة شلش مدير التحرير علي حضور الجنازة فقط بل والنزول الي المقبرة لتلقين الميت ووضع وجهه امام القبلة وقراءة القرآن علي روحه بعد أن يخرج من المدفن ويقف علي قبر الميت. واذا سألت شلش لماذا لم تأت الي العزاء ينظر اليك بدهشة وهو يقول الواجب والثواب المشاركة في الجنازة والصلاة علي الميت ومصاحبة أهله الي المدافن والوقوف معهم لمواساتهم والتخفيف عنهم، اما حفلات الليل اللي بتسموها عزاء فلا علاقة لها بالمطلوب، حاجات كدة ملهاش صلة بالدين ومناقشات قد تعلو فيها الاصوات خلال الاستراحات بين القراءات وللاسف فهي تستمر حتي اثناء اداء المقريء وان كانت في همس لكنه ايضا يخترق مسامعك، وربما تجد احدهما لم يلتق بصديق منذ سنين فيقابله بحرارة قائلا فرصة سعيدة اني رأيتك، ولا ادري كيف يكون العزاء مناسبة سعيدة. والشهادة لله لا يترك اسامة شلش جنازة الا وكان حريصا علي المشاركة فيها حتي آخر مراسمها وهو ما يجعله علي حق دائما ولا يلومه احد علي عدم حضوره العزاء. اكتشفت أن شلش لا يفعل ذلك وحده بل يحرص الكثيرون أن يحذوا حذوه والأهم انهم يوصون بأن يقتصر العزاء علي تشييع الجنازة وأن تخصص نفقات العزاء للصدقة علي روح المرحوم، قررت أن أوصي بذلك مثلهم فلن ينفع الميت الا من حضروا جنازته وصلوا علي جثمانه ودعوا له بإخلاص حتي لو كان بينهم واحد فقط هو المخلص في دعائه فيكفيه ذلك. ولا اراكم الله مكروها في عزيز لديكم. الاعدام.. رحمة الي الذين ينادون بالغاء عقوبة الاعدام اقرأوا في صحف الاربعاء جريمة قتل الخال لثلاثة اطفال من أقاربه ووضع كل منهم في جوال وألقي بهم في الترعة تمهيدا لطلب الفدية معتقدا أن الجثث لن تظهر قبل ثلاثة أيام.. اصطحبهم معه بحجة تعليمهم القيادة وارتكب جرائمه بدم بارد.. هل مازال دعاة حقوق الانسان يرون في نصوص شرعية وصفتها دار الافتاء بأنها تحمي المجتمع من المفسدة هل مازالوا يرونها موضة قديمة لا تصلح مع المدنية الحديثة.. لن أتمني أن يكون واحد من هؤلاء في موقف الأم أو الاب الذي تعرض طفله للقتل وربما للاغتصاب قبل قتله، يا سادة من قتل نفسا بغير نفس كمن قتل الناس جميعا. امرأة بعينها من تراث الناقد الراحل انور المعداوي هذه المقولة: أنها حيرة.. فيها الشعور بالقلق والشعور بالعجز والشعور بالضياع، ومصدر كل هذه المشاعر المتعددة واحد لا جدال فيه، هو فراغ الحياة من امرأة بعينها.. يا ويلنا اذا لم تجدها ويا ويحنا اذا وجدناها ثم فقدناها ثم عشنا بعد ذلك نفتش عن النموذج ونبحث عن المثال.