سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
الهبوط الأرضي.. في شوارع الاسكندرية قضية تبحث عن حل الخبراء: السراديب الأثرية وأعمال حفر الشوارع والمياه الجوفية .. وراء الظاهرة
أهم الحلول: خرائط للهبوط.. مسح المناطق المهددة.. تغيير شبكات المرافق
الهبوط الأرضي الذي شهده ميدان الخرطوم الأسبوع الماضي لم يكن هو الأول من نوعه فقد سبقه هبوط أرضي متفاوت الدرجات في مناطق متفرقة بشوارع الاسكندرية .. ويلاحظ في كل مرة ارتباط الهبوط بتسرب للمياه من شبكات مياه الشرب المتهالكة أو الصرف الصحي .. فالظاهرة التي تحدث فجأة وبدون سابق انذار تحاول كل جهة القاء مسئولية حدوثها علي الأخري .. مما دفع المواطن الي التساؤل عن ماهية الهبوط الأرضي؟ .. وكيف يحدث ؟.. وما هي أسباب تكرار هذه الظاهرة في الاسكندرية خلال الفترة الأخيرة ..وكيف يمكن تفاديها ؟.. ففي الأسبوع الماضي انهار الأسفلت بميدان الخرطوم وكاد يتسبب في وقوع كارثة حيث انقذت العناية الالهية السيارات والمارة من السقوط بداخله .. وقبلها بأسبوع واحد شهدت حارة الأنصاف بمنطقة كوم الشقافة بحي غرب هبوطا أرضيا مفاجئا أسفل عقارين أدي إلي تصدع أجزاء من جدران ستة عقارات أخري مجاورة له مما اثار الرعب والقلق في نفوس قاطني العقارات الأخري بالحارة المكتظة بالسكان.. ليتبين أن سبب حدوث الهبوط هو تسرب المياه من شبكة مياه الشرب المتهالكة.. كما شهد شارع السلطان حسين وتحديدا أمام المستشفي الجامعي هبوطا أرضيا آخر.. ثم حدثت واقعة مماثلة في منطقة العطارين أسفل قضبان الترام بسبب انفجار ماسورة صرف صحي مما أدي لتعطل حركة الترام حتي تم الانتهاء من اصلاح الهبوط.. في البداية يقول الدكتور فتحي عبد ربه أستاذ هندسة ميكانيكا التربة بكلية هندسة جامعة الاسكندرية أن الانهيار الأرضي.. عبارة عن خلخلة في القشرة السطحية ينتج عنه هبوط لسطح الأرض في موقع ما نتيجة تغير خصائص التربة التحتية أسفل هذا الموقع.. وتحدث الانهيارات الأرضية عادة في التربة الجافة التي تعلو منسوب المياه الأرضية وهي تختلف عن الانزلاقات الأرضية حيث الأخيرة مرتبطة بأعمال حفر أو تكوين ردم وتحدث نتيجة تجويف بالتربة التحتية أو التربة الهشة.. ويضيف الدكتور عبد ربه أن الهبوط الأرضي يحدث نتيجة تغير خصائص التربة التحتية من خلال مؤثرات أسفل سطح الأرض وذلك بالترطيب نتيجة وجود رشح أو كسر في أحد مواسير شبكة مياه الشرب أو الصرف الصحي وكذلك تسرب مياه الأمطار أو نتيجة للأحمال الترددية علي سطح الأرض مثل أحمال السيارات والمقطورات .. ويشير إلي أن أكثر المناطق المعرضة لحدوث الهبوط الأرضي والانهيارات هي شوارع وأحياء الاسكندرية القديمة وكذلك في بعض الأماكن بالساحل الشمالي وخاصة منطقة العلمين وما حولها .. وأوضح أنه يمكن الكشف علي أماكن هذه التجاويف باستخدام الأجهزة الجيوفيزيقية.. مشيرا الي أن تأثير هذه الانهيارات يتلاشي مع المنشآت باتباع ضوابط محددة في التقييم والتنفيذ.. ومن جانبه يري الدكتور ثروت عبدالفتاح أستاذ الجيولوجيا بكلية العلوم جامعة الاسكندرية أن حدوث الانهيارات الأخيرة في حي غرب وميدان الخرطوم يرجع الي طبيعة الصخور الجيرية التي تشكل معظم التربة في مناطق الشاطبي وكوم الدكة وكثرة ما بها من شقوق وفواصل الي ترسب المياه سواء كان مصدرها الأمطار أو شبكات الصرف الصحي أو مياه الشرب فيحدث لها ذوبان تدريجي وتآكل في التربة واضعافها ثم حدوث الانهيار أو الهبوط.. أما التربة الطينية فيحدث لها انتفاخ من أسفل الي أعلي مما يؤدي الي ميل المبني القائم فوقها أويحدث له انهيار.. والسبب الثاني هو انتشار السراديب الأثرية والفراغات المنتشرة في منطقة الشاطبي وتحديدا المنطقة الواقعة بين مقابر المنارة وكلية هندسة والشلالات والتي تزيد بها احتمالات حدوث الهبوط الأرضي. ويفجر الدكتورعبدالفتاح مفاجأة قائلا أن منطقة العجمي مهددة بحدوث كارثة خلال السنوات القليلة القادمة بسبب ارتفاع منسوب المياه الجوفية بها.. موضحا أن جميع المناطق بالمنطقة التي بنيت علي صخور جيرية كانت تتخلص من الصرف الصحي لديها حتي فترة قريبة في بيارات يتم حفرها داخل سطح الأرض لهذا الغرض قبل انشاء شبكة صرف صحي بالمنطقة. ويضيف أن هذه المياه الجوفية مازالت متراكمة في التربة وقد تؤدي الي حدوث هبوط وانهيارات أرضية.. ومن الخطأ استخدام نفس الردم الناتج من أي عمليات حفر في تغطية المواسير ودفنها وهو ما يفعله مقاولو تطوير الطرق.. حيث ستؤدي مياه الأمطار التي تتسرب الي المواسير والذبذبات الناتجة عن الأحمال الزائدة فوقها الي حدوث خلخلة التربة ومن ثم حدوث الهبوط الأرضي مما يستوجب عمل حماية للمواسير قبل دفنها.. منوها إلي أن الأحمال الزائدة كانت السبب في الانهيار المستمر الذي يتعرض له طريق أم زغيو حيث شهد عدة انهيارات متتالية خلال السنوات الماضية. وتجنبا لهذه المخاطر يري الدكتور ثروت عبدالفتاح ضرورة الالتزام بعدة مقترحات من أهمها وضع خرائط يحدد عليها أماكن الهبوط الأرضي التي تشكل خطرا علي حياة المواطنين والتي يمكن تحديدها من خلال جهاز "الرادار الأرضي" حيث يمكنه مسح المناطق ذات الخطورة والأماكن المهددة بالانهيار والتي يمكن للجهاز الكشف عنها.. وكذلك عمل دراسات لطبقات التربة للتعرف علي مدي تحملها للأحمال والضغوط الناتجة عن البناء والمنشأت ليتم اتباع المواصفات والضوابط التي تناسب طبيعة التربة قبل الشروع في أي بناء وتغيير شبكات المياه والصرف الصحي المتهالكة والتي يمكن أن تتسبب في تسربات للمياه تؤدي فيما بعد الي حدوث انهيارات أرضية. وأخيرا يؤكد اللواء محمد الجندي رئيس حي غرب أن السبب الرئيسي في حدوث الهبوط هو تهالك شبكات مياه الشرب والصرف الصحي منوها الي امكانية حدوث انهيارات أرضية جديدة بسبب وجود العديد من السراديب والفراغات الأثرية بمناطق متعددة بالحي.. وطالب بضرورة وجود تنسيق بين مديرية الطرق والعلماء والجيولوجيين لعمل لجان دورية لمسح الأماكن المهددة بحدوث انهيارات مستقبلية تمثل تكلفة اصلاحها وتعويض المتضررين أعباء مالية كبيرة تفوق تكلفة الكشف عنها .