طاهر قابىل أليس غريبا أننا حتي الأن لم نكتب تاريخنا بأنفسنا.. حتي ان ما نحشو به عقول ابنائنا في مدارسنا اما ان يكون نقلا عن مستشرقين عرب أو اجانب أو رؤي شخصية تتلاعب بالمشاعر لتمجيد الحاكم الحالي واهالة التراب علي السابقين. الحقيقة المرة انه لم يصلنا من الكتابات الدنيوية والحياة اليومية لأجدادنا المصريين القدماء الا القليل وذلك لانهم بنوا مقابرهم ومعابدهم من الحجر الصلد علي حافة الصحراء او نحتوها في الجبال.. اما بيوتهم فبنوها في الوادي من الطوب اللبن ومحيت أثارها الا القليل. وقد انحصرت المصادر التي صيغ منها تاريخ اجدادنا القدماء في النقوش التي وجدت علي الآثار وكلها تتحدث عن اخبار الحروب التي قام بها الملوك وتاريخ عظماء القوم والمراسيم الملكية التي تنتشر في طول البلاد وعرضها.. وكلها تهدف الي غرض شخصي.. فالملك يسجل انتصاراته علي اعدائه ليظهر قوته وسلطانه.. ويكتب معاهدات الصلح ليظهر نفوذه علي اعدائه.. اما عظماء القوم فكانوا يسردون تاريخ حياتهم ليظهروا ما نالوه من حظوة عند الملك.. وما قاموا به من اعمال جليلة.. اما باقي النقوش التي تم الكشف عنها فهي دينية بحتة.. وكان ثاني المصادر التي حصلنا منها علي تاريخ اجدادنا القدماء كانت اوراق البردي.. وكل ما كانت تحتوي عليه هو موضوعات ادارية و قضائية و نصوص ادبية! اما أخطرها وثالثها فكانت الكتابات "الاغريقية والرومانية" والتي لم تبتعد عن هوي المحتل وخاصة ان من نقلها يهود.. ويأتي في مقدمة هؤلاء المؤرخ الاغريقي "هيكاته الملاطي" والذي عاش حوالي عام 550 قبل الميلاد.. وكما يقال انه زار وادي النيل وتباحث مع كهنة "طيبة".. وجاء بعده "هيرودوت" حوالي عام450 قبل الميلاد وخصص الجزء الثاني من كتاباته في التاريخ عن وصف مصر.. ويقال انه بدء رحلته بزيارة الدلتا ووصفها بانها هبة النيل ..ثم مكث في "منف "و"عين شمس" وصعد في النيل الي اسوان.. ومر علي الفيوم في طريق عودته.. وزار الدلتا مرة اخري .. وغادر مصر عن طريق " القلزم" او السويس .. وفي اول عهد البطالسة في الفترة من" 302 ق .م وحتي 30 ق.م " كان المؤرخ "هيكاته الأبدري" والذي عاش في بلاط بطليموس الاول.. كما عاش في هذا العصر ايضا "مانيتون السمنودي".. وقال عنه المؤرخ اليهودي "يوسف او جوزيف" بانه كان كاهنا مصريا عظيما وكاتبا في المعابد وماهرا في المصرية والاغريقية.. ويقال ان "بطليموس الثاني" امره بوضع مؤلف عن مصر وذلك حوالي 207 ق.م.. وحاول "مانيتون " ان يضع امام الاغريق صورة حقيقية منقولة عن النقوش المصرية .. ولكن لم يصلنا مما كتبه الا اجزاء مختصرة عن طريق " جوزيف اليهودي" الذي ولد عام 37 ميلادية. اعتقد انه قد حان الآن ان نبتعد عن الدراسات النقلية.. ونبدأ في كتابة تاريخنا المصري القديم.. مرورا بدخول اليهودية والمسيحية والفتح الاسلامي لمصر.. ونسير في التاريخ حتي نصل الي الفترة التي نعيشها الآن حتي تعرف الاجيال القادمة الحقيقة.. ولا تصبح ثورة 25 يناير ثورة فصيل واحد!