خالد جبر عندما فكرت حكومة الدكتور الجنزوري في الاقتراض من صندوق النقد الدولي، لم تسلم من النقد المحلي . وقتها ثار نواب الشعب علي الفكرة.. وطالبوا بإقالة الحكومة لأنها فكرت في تلك الفكرة الشيطانية وتفاوضوا علي قرض بفائدة.. والفوائد نوع من الربا.. والربا حرام.. ساعتها انغلق الباب أمام المفاوضات مع الصندوق وماتت الفكرة واقتنع الناس بالبديل . كان البديل هو مشروع النهضة. كان المشروع يتحدث عن استثمارات تصل الي مائتي مليار دولار فور تولي من طرح المشروع مقاليد الحكم . وبالفعل صوت الشعب لمشروع النهضة في الانتخابات الرئاسية تحت شعار "نهضة شعب".. ومن تلك اللحظة لم يعد المشروع مجرد شعار انتخابي بل برنامج رئيس ودولة وحكومة . لكن الناس فوجئوا باستئناف حكومة قنديل المفاوضات القديمة ، بل وطلبت زيادة القرض من 8.2 مليارا الي 4.8 مليارا دولار وتجدد الحديث عن الفائدة وهل هي تندرج تحت مسمي الربا أم هي مجرد مصاريف ادارية . وتحول الرافضون للقرض الي مدافعين عنه يحاولون اقناع حلفائهم السابقين في الرفض الأول. ولكن مايهمنا هنا.. هو أن الحكومة لم تكشف لنا عن أسباب تغير موقفها. ولم توضح لنا أيضا علاقة القرض بمشروع النهضة وهل مازال المشروع قائما أم واجهته بعض المصاعب . كما لم تحدد لنا الحكومة أوجه إنفاق القرض بعد الموافقة عليه وما اذا كانت هناك أي شروط وضعها الصندوق مقابل الموافقة.. مثل تخفيض قيمة الجنيه المصري أو إلغاء الدعم أو أي التزامات أخري . الذين يعترضون علي القرض من الناحية الدينية لهم وجهة نظر.. والرد عليهم متروك لعلماء الدين . ولكن الذين يعترضون عليه من الناحية الاقتصادية لهم ألف وجهة نظر والرد عليهم يجب أن يكون للاقتصاديين . وأعتقد أن الحكومة لن تستطيع اقناع هؤلاء أو هؤلاء. ويبقي علي أصحاب مشروع النهضة أن يقنعوا الطرفين وأن يتحدثوا للشعب عن العقبات التي تواجه المشروع وكيفية حلها . الاقتراض ليس عيبا.. وهو ليس حراما في تقديري في ظل الفائدة المعلنة له والتي تتراوح فيما بين 1.1٪و 2٪.. ولكن الاجابة علي الاسئلة السابقة شيء ضروري حتي نعرف نحن الشعب أين نضع أقدامنا وحتي يعرف الغلابة أنهم لن يدفعوا وحدهم أقساطه وفوائده والتزاماته. وحتي لا يكون هناك أي سر يخفي علي الشعب . ولابد أن توضح الحكومة للشعب أن مجرد موافقة صندوق النقد الدولي علي قرض لأي دولة فهذا يعني ثقته في اقتصاد تلك الدولة..طالما أن كل الأمور تتم بشفافية ومصارحة. ومن هنا فإنني أري أن رحلة الرئيس مرسي الي الصين التي يرافقه فيها عدد كبير من رجال الاعمال قد جاءت في توقيتها المناسب.. وأرجو أن يعود الوفد المصري من رحلته محملا بالصين كلها.. استثمارات ورجال أعمال وتشريعات وقوانين جاذبة للاستثمارات ومزايا للمستثمرين.. وأيضا بسلوك شعب يحب بلده ويعمل بلا كلل أو ملل وبلا ضجيج أو اعتراضات او اضرابات عن العمل . لابد أن نسفيد من التجربة الصينية التي أبهرت العالم وغيرت مفاهيم كثيرة في العمل وسلوك العاملين.. طالما أننا لم نستفد من التجربة التركية إلا في المسلسلات التليفزيونية ولا من أي تجربة ناجحة أخري. التجربة الصينية مشروع نهضة حقيقية بلا أي قروض.