مستشفياتنا تئن ولا احد يسمع شكواها.. تصرخ من شدة الاعتداءات الواقعة عليها ولا احد يلتفت اليها.. تنزف من سنج البلطجية ومطاوي الاهالي ولكن لا احد من وزارة الصحة يحرك ساكنا.. واخيرا وقعت مستشفي عين شمس التخصصي في براثن البلطجية بعد ان قام مجموعة من البلطجية والاهالي بالتعدي علي الاطباء والموظفين الذين رفضوا التراجع عن محاضر سابقة لبلطجية قاموا بمداهمة المستشفي من قبل.. ليبقي السؤال.. متي نتحرك لمواجهة هذه الظاهرة الغريبة التي اصبحت تهدد مستشفيات مصر وتجعلها مرتعا للبلطجية والفوضي وتضع صحة المصريين في خطر.. " الاخبار" طرحت مسلسل الانفلات الامني بالمستشفيات علي الخبراء لمعرفة كيف يمكن التصدي للظاهرة ؟ يؤكد د. خيري عبد الدايم نقيب الأطباء أن مشكلة التعدي علي المستشفيات والأطباء إلي عدم تواجد إجراءات جدية اتخذتها الدولة بصدد هذه الظاهرة، كما يري حتمية وجود ضغط شعبي لتتفاعل الإرادة السياسية للتصدي لهذه الاعتداءات، لأن الضرر في النهاية يعود علي الشعب.. حيث إن نتيجة الاعتداءات المستمرة بصورة شبه يومية علي المستشفيات يتم إغلاق أقسام الاستقبال بها وبالتالي عدم توافر الخدمات الطبية للمرضي . ويوصي د.عبد الدايم بعدة محاور لابد من أخذها في الاعتبار للوقوف علي رأس حلول هذه الظاهرة ويقول أن أبرزها ضرورة تحسين خدمات الإسعاف بحيث يقدم الإسعافات اللازمة وإبلاغ أطباء الاستقبال بالمستشفيات بالحالات القادمة معهم لإعداد التجهيزات اللازمة لتوفير الاهتمام اللازم للمريض مع تحسين خدمات الطوارئ لتقديم الخدمة المناسبة للمريض وتوفير الدعم المالي اللازم لهذه التحسينات لأن ميزانية وزارة الصحة لا تكفي لاتخاذ هذه الإجراءات.. وأكد د.عبد الدايم علي ضرورة توافر الدور الأمني بصورة أوضح وذلك من خلال توفير قوات الأمن المدربة والمجهزة بصورة جيدة علي كيفية التعامل مع أي معتد أوبلطجي بالإضافة إلي التصدي للتقصير الأمني في أقسام الشرطة بمحاولة إقناع الأطباء بعدم تحرير محاضر ضد "البلطجية" الذين يعتدون عليهم وإقناعهم بالتصالح وبالتالي ضياع حقوق الأطباء.. كما شدد د.عبد الدايم علي أهمية معاقبة ومحاكمة أي من المتعديين علي الأطباء والمستشفيات ونشر هذه العقوبات وإبرازها في وسائل الإعلام المختلفة حتي تكون وسيلة لردع أي "بلطجي " يفكر في ممارسة مثل هذه الاعتداءات وبالتالي من الممكن السيطرة والتحكم في هذه الظاهرة. ويتساءل د. طارق الغزالي حرب استشاري العظام ومدير مستشفي الهلال سابقا ما الذي حدث.. ما الدافع للاعتداء علي الاطباء.. لماذا لم نشاهد هذا الاعتداء من قبل ونشاهده حاليا ؟..من المؤكد ان المجتمع المصري يشهد ظاهرة اجتماعية جديدة وغريبة وطارئة علي الشعب المصري ، موضحا انه لا يمكن القاء اللوم علي البلطجية اوالاهالي الذين يقتحمون المستشفيات ،بل يجب النظرة بمفهوم اوسع الي وضع الاطباء حاليا حيث انهم يعانون نفسيا وماديا ومعنويا ، فضلا عن سوء حالة المستشفيات وعدم توافر الامكانيات الطبية بها وعدم وجود كوادر طبية بشرية مدربة في التعامل مع المرضي واهالي المرضي ، بالاضافة الي افتقار معظم الاطباء خاصة الشباب منهم مهارات التواصل مع المرضي واهاليهم ويوضح د. طارق الغزالي حرب ان الحل الامني ليس هوالحل الوحيد لمواجهة ظاهرة الاعتداء علي المستشفيات ولكن ينبغي ان تكون هناك ميزانية محترمة تخصصها الدولة لاقسام الاستقبال والطوارئ في المستشفيات ، فتواجد ميزانية كبيرة يعني تواجد استشاري واخصائي في كل قسم من اقسام الاستقبال والطوارئ وما هويضمن تواجد اطباء اكفاء في التعامل مع الحالات الحرجة ويضمن التعامل الجاد اللائق مع اهل المريض ويشير د. طارق انه في حال تطوير اقسام الطوارئ والاستقبال سيتم منع زحام المرضي بالمستشفيات ويتم توزيعهم وبالتالي تقل حجم المشاجرات والمشاحنات ، مضيفا انه يجب علي كل قسم شرطة مجاور للمستشفي ان يوفر نقطة شرطة لاقرب مستشفي له زيادة الميزانية والحراسة وتؤكد د.مني مينا عضومجلس نقابة الأطباء أن نتيجة أحداث الاعتداءات علي المستشفيات وعدم التواجد الأمني بها تم إغلاق استقبال مستشفيات المنيرة، الحسين، الدمرداش، شبرا العام، السيد جلال ومنشية البكري في القاهرة فضلا عن مجموعة من المستشفيات في المحافظات الأخري.. وتوصف هذه الإعتداءات بأنها ظاهرة فريدة من نوعها علي مستوي العالم لم تحدث إلا أثناء الثورة في البحرين وتم التعامل معها والتحكم فيها بسرعة . وتشير د.مني إلي أن الأطباء يعانون من هذه الظاهرة علي مدار سنة ونصف.. وكان التعامل معها وحلها علي رأس مطالبهم في الإضراب الذي قاموا به في مايو2011 . ووضعت د.مني مجموعة من الحلول الضرورية للوقوف علي حل هذه الظاهرة ومنها حلول فورية مثل اصدار قرار جمهوري بتغليظ عقوبة الاعتداء علي المستشفيات وتحويلها من جنحة الي جناية مع تخصيص قوات من مديريات الامن تعمل بالتنسيق مع ادارات المستشفيات لتوفير التأمين المطلوب وتغليظ عقوبة من يتهاون في اداء مهامه ، مشيرة ان نقابة الاطباء خاطبت مؤسسة الرئاسة لاصدار مرسوم للقيام بالاجراءات السابقة وبالنسبة للحلول طويلة الامد تقول د. مني ضرورة تخصيص ميزانية أكبر لوزارة الصحة وتحسين خدمات استقبال الطوارئ في المستشفيات لتهدئة بعض الاهالي الغاضبين من ضعف مستوي الخدمات وعودة ثقتهم في تواجد من يستمع إلي مطالبهم وبالتالي سيؤثر علي تفادي العديد من المشاكل وأحداث الشغب ،بالإضافة إلي تحسين أجور الأطباء والعاملين في المستشفيات لأنهم لديهم شعور بالغضب نتيجة قلة اجورهم مقابل العمل الشاق والخدمات الجليلة التي يقدمونها للمرضي فضلا عن المخاطر الصحية التي تواجههم بسبب انتشار العدوي والاهانات التي تصيبهم بعد انتشار ظاهرة البلطجة والعنف في المستشفيات أحكام عاجلة ويقول اللواء محمد نور مساعد وزير الداخلية الاسبق : أصبح الهجوم علي المستشفيات عرضا مستمرا خلال الفترة الاخيرة وذلك يرجع الي عدم وجود التامين الكافي علي المستشفيات وهذا القصور هوما ادي الي البلطجة التي نشهدها الان والتي وصلت الي حد الوصول الي المستشفيات ولم تقتصر علي المشاجرات فقط..ويضيف ان الشرطة تسعي جاهدة الي القيام بدورها في عملية التامين خاصة وان محافظة القاهرة بها اكثر من 20 مستشفي اميري كل واحد منها يحتاج الي ضابط وامين شرطة وعدد من الافراد للحراسة وكان ذلك يتم من قبل ولكن مع زيادة عدد المستشفيات داخل القاهرة وفي المحافظات اصبح الوضع يحتاج الي التامين بشكل اكبر واكثر عددا . ويؤكد ان الاهمال والقصور الذي يعانيه المرضي والمصابون من عدم توافر الامكانيات وعدم وجود الخدمة اللائقة بالمريض هوما ادي في الفترة الاخيرة الي اللجوء الي البلطجة واستخدام هذا العنف هوما يجب ان تلتفت اليه وزارة الصحة بالاضافة الي الدور الذي يجب ان تلعبه وزارة الداخلية من اجل تامين هذه المستشفيات حتي لا تتكرر هذه الماساة. ويقول اللواء عادل عبودي الخبير الامني ان الحل الامثل للخروج من سيناريوهات الاعتداءات علي المستشفيات الحكومية هوتطبيق القانون "بحزم وبقوة وتعجيل المحاكمات واصدار احكام عاجلة ومشددة علي كل من اعتدي علي المستشفيات اضر بحياة المرضي والاطباء مضيفا انه لابد ايضا ان تقوم وزارة الصحة باعادة هيكلة المستشفيات الحكومية وتطويرها لكي تتلاءم مع الاوضاع الصحية المتدهورة والحالة التي تعيشها البلاد من فوضي وانفلات امني . ويؤكد الخبير الامني انه علي جميع وسائل الاعلام ان تقوم برصد جميع التعديات علي المستشفيات الحكومية وتوضيح العقوبة الجنائية التي تكون من نصيب المعتدي مضيفا ان عليها ايضا مساندة رجال الشرطة في التصدي بكل حزم وقوة للمعتدين مشيرا ان مساندة الاعلام ستعيد هيبة جهاز الشرطة وستشجع طاقم الامن للتصدي لاي محاولة لاقتحام المستشفي. ويري ان الحل الاسرع الان لتامين المستشفيات هووضع اسلاك شائكة علي ابواب اقسام الطواريء بالمستشفيات لتحصينها من الاعتداءات وان يوضع علي ابواب اقسام الطواريء منشور يكتب عليه ان كل من يحاول الاعتداء علي المستشفي لرجل الامن الحق في التصدي له واطلاق الرصاص الحي وهذه رسالة تخويفية لمنع الاعتداءات مضيفا ان وزارة الداخلية عليها دور كبير في اعادة تسليح افراد الامن بمعدات واسلحة حديثة وتدريبهم علي استخدامها واقامة ابراج حراسة علي اسوار المستشفيات ووجود دوريات امنية تقوم بالمرور علي المستشفيات للقضاء علي هذه.