- من حقنا أن نتأفف ونثور في داخلنا عندما ينقطع التيار الكهربائي داخل بيوتنا.. لكن ليس من حقنا أن نتخيل أن الذي يحدث هو تقصير من رئيس الدولة حتي نعلق سلبيات الزمن الردئ عليه فقد كان قدره ان يشيل مرافق مهلهلة. . ومن يعود بالذاكرة يعرف ان ظاهرة انقطاع التيار الكهربائي ليست جديدة في عصر الثورة.. فقد كان التيار الكهربائي ينقطع في عصر مبارك أيضا وقد كان الظلام يخيم علي الشوارع الرئيسية والشوارع الجانبية وكنا نشكو من حوادث الاغتصاب والسرقة بالاكراه التي كانت ترتكب في الظلام ليلا بسبب "تعتيم" الشوارع.. حتي وصل بوزير كهرباء مصر وقتها المهندس حسن يونس بحل مؤقت فخرج بفكرة جريئة لترشيد الاستهلاك توفر الطاقة وفي نفس الوقت تحقق الأمن والأمان في الشارع المصري فاتجه إلي ترشيد الاستهلاك الحكومي بإضاءة عمود وإطفاء عمود.. وعندما استخدمنا نفس الطريقة بعد الثورة حدث هرج ومرج وحالة من التمرد ولا أعرف كيف كنا راضين عنها في عصر مبارك ثم نتضرر منها في عصر مرسي.. - السؤال هنا.. متي نرتقي ونصبح مثل البلاد الاوربية في ترشيد الطاقة ومع أنهم في الخارج لايعترضون لأنهم لايستهلكون حجم الإضاءة التي نستخدمها.. أو لأن الأجانب ينامون مبكرا والحياة في بلادهم تتوقف بعد العاشرة مساء.. عكس ما يحدث في مصر حيث يظل السهر حتي الصباح.. ولا أعرف لماذا لا نكون مثلهم حتي لا ندخل في دوامة التصريحات الوهمية والتي يخرج علينا بها المهندس محمود بلبع وزير الكهرباء ويبدو أن هناك خطة سرية لزيادة أسعار الكهرباء يخفيها الوزير عنا.. وربما رأي أن يمهد لها بالاعلان عن حاجة الدولة إلي إنشاء محطات جديدة للمولدات تحتاج إلي زيادة الاسعار وكان انقطاع التيار الكهربائي المتكرر هو الاشارة أو هو جرس الانذار الذي يفتح الطريق أمام طلب هذه الزيادة ولحاجة المصريين للكهرباء يستسلمون لهذه الزيادة ولا يعارضون.. ولا أعرف لماذا كل هذه الحيل مع أنهم يعرفون بالمشكلة وقد كنت أتوقع من بلبع أن يكون منصفا مع سلفه ويشيد بالانجازات التي تحققت علي أيام المهندس حسن يونس حيث كانت له رؤية للمستقبل فقد كان يونس يخطط لزيادة الطاقة تحسبا للمفاجآت التي نعيشها الآن وللأسف لم يذكره أحد أو يذكر إنجازاته.. مع أن هذه المفاجآت لاتخص مصر وحدها فعندكم مدينة مثل بيروت وهي تعتبر أشهر عواصم العالم العربية سياحيا.. التيار الكهربائي ينقطع عنها يوميا ومع ذلك لم نسمع صرخات اللبنانيين أو أنهم نظموا مظاهرة إحتجاجية لأنهم يعرفون حجم طاقتهم الكهربائية ولذلك استسلموا للامكانيات المتاحه ورتبوا حياتهم علي واقع الحياة.. أما نحن فقد تعودنا أن نطلب المستحيل.. وعندما نقترح إعادة النظر في تغيير مواعيد تشغيل المطاعم والمحلات التجارية سرعان ما يتهمون الحكومة بأنها تتعمد قطع الأرزاق وكأن الرزق لا يأتي إلا في الليل مع أن المحلات التجارية في الدول الاوربية لها مواعيد.. ومن يذهب الي فرنسا يعرف أن الأسواق تغلق ابوابها في السابعة مساء ولا تبقي إلا المحلات السياحية كالتي في الشانزلزيه وآخر موعد لها هو منتصف الليل, ونحن في مصر ليست عندنا محلات في مستوي محلات الشانزلزيه حتي تظل مفتوحة إلي الساعات الاولي من صباح اليوم التالي.. وإذا كان لابد من إعفاء المحلات السياحية فهذا لا يمنع بشرط تحديد مناطق لها مثل خان الخليلي والازهر. - بالله عليكم معارض للتسويق مثل معارض بيع السيارات والموبيليا والأحذية لماذا تظل مفتوحة إلي بعد منتصف الليل، ماذا يضير السوق المصري لو أغلقت في التاسعة مساء كما يحدث في الدول الاوروبية.. علي الأقل تأخذ العمالة المصرية راحتها فبدلا من أن يعمل العامل 14 ساعة في اليوم يعمل 10ساعات.. وأعتقد أن جمعيات حقوق الانسان تعرف مثل هذه القضايا ولكنها تطنش حتي لاتكون سببا في قطع الأرزاق.. .. أنا شخصيا لا أعرف سببا للضجة التي تتعرض لها الحكومة بسبب انقطاع التيار الكهربائي وكأنها المسئولة عن ترويج وتسويق اجهزة التكييف التي أصبحت تباع بالتقسيط المريح فتعددت أشكالها داخل البيوت وداخل المحلات والمكاتب.. لا احد يعترض علي الرفاهية مع أن جهاز التكييف أصبح ضرورة لمواجهة "الهبو الناري" الذي يهب علينا من خط الاستواء بعد زيادة حجم ثقب الاوزون والذي كان سببا في تغير المناخ عندنا.. وكون أن الاغلبية من الأسر المصرية غير القادرة تلجأ إلي المراوح الكهربائية فهي تضيف طاقة الي الاستهلاك تتسبب في زيادة الاحمال.. لكن هذا لايمنع من ترشيد الطاقة بقصر الاضاءة علي الاماكن المستخدمة فقط.. وهذا لا يأتي إلا بتعليم أولادنا ثقافة الترشيد.. علموهم كيف يرشدون استهلاكهم في البيوت حتي نضمن الإضاءة الكاملة ويوم أن تخف الأحمال ساعتها لن تتوقف الحياة ولن نشكو من انقطاع التيار الكهربائي.. إذن الحل عندنا وليس عند الحكومة..