جلال عارف في المقترحات التي انتهت إليها لجنة الحريات بالجمعية التأسيسية للدستور جاء النص الخاص بعدم جواز مصادرة الصحف ليمثل خطوة للخلف وتهديدا لحرية الصحافة. حيث نص علي عدم جواز مصادرة الصحف بالطرق الادارية فقط، وبالتالي ترك الباب مفتوحا للمصادرة عن طريق النيابة او القضاء!! كنا نظن ان ذلك تم من باب السهو والخطأ، لكن ما حدث بعد ذلك يؤكد غير ذلك، فاللجنة عادت واقترحت نصا جديدا يمنع الرقابة علي الصحف وانذارها أو وقفها او إلغاءها مادامت غاياتها ووسائلها مشروعة!! وهو ما يفتح كل أبواب الجحيم من الذين يتربصون بالصحافة وفي نفس الوقت، فإن ما نشهده في الايام الاخيرة من هجمة منظمة علي الاعلام ومن ترويع للصحفيين يزيد الشكوك فيما يدبر للصحافة والصحفيين. وفي هذا الاطار ينبغي التوقف امام ما حدث مع صحيفة »الدستور« وما أذيع عن تأييد احدي المحاكم للأمر الصادر بضبط اعداد الصحيفة علي خلفية التحقيق في بلاغات مقدمة ضدها!! لا أعرف من الذي أصدر »الأمر« ولا لماذا تم تأييده، ولكن أعرف ان قصة مصادرة الصحف قد انتهت تماما منذ سنوات، وأنه لم يعد في القانون ما يتيح لاي جهة كانت ان تصادر صحيفة في مصر، وأن أي تفكير في إعادة عقارب الزمن للوراء هو أمر مرفوض جملة وتفصيلا. كان قضاء مصر العظيم قد قرر عدم قانونية مصادرة الصحف بالطرق الادارية. وعندما خضنا معركة تعديل القوانين الخاصة بالصحافة، كان أحد مطالبنا الرئيسية (بجانب الغاء الحبس في قضايا النشر) هو تحصين الصحف من خطر المصادرة والتعطيل بأي وسيلة أخري وقد تم ذلك بعد مفاوضات صعبة ونضال شاركتنا فيه كل القوي الوطنية لتصدر التعديلات التشريعية عام 6002 وينتهي العهد الذي يمكن ان تصادر او تعطل صحيفة في مصر! وللتاريخ، فقد ثارت بعد شهور أزمة بين الحكومة وصحيفة الدستور التي كان يقودها الكاتب الصحفي القدير والمناضل الزميل ابراهيم عيسي. وحاول النظام السابق تعطيلها لكن المستشارين القانونيين قالوا ان ذلك اصبح مستحيلا بعد التعديلات التشريعية. ولجأ النظام يومها لشراء الصحيفة من مالكها وتكبد ملايين الجنيهات لكي يسكت صوتها المعارض! الآن، وفي ظل الهجمة الشرسة علي الصحافة، يفتح ملف المصادرة مرة أخري، تداهم الشرطة مكان الطبع، ويصدر امر بمصادرة صحيفة، ويقحم القضاء في الامر.. بينما مقترحات اللجنة التأسيسية للدستور تترك الباب مفتوحا علي مصراعيه لعودة زمن مصادرة الصحف وتعطيلها!! مشكلة البعض انه لا يقرأ التاريخ، وإذا قرأ لا يفهم، واذا فهم توقف معجبا امام عصور الظلام دون ان يسأل عن المصير الذي انتهي اليه كل اعداء الحرية!!