لم يكن من قبيل المصادفة.. او من قبيل الحديث لمجرد الحديث أن يخصص الرئيس مبارك كلمته في الاحتفال بالذكري السابعة والثلاثين لانتصار اكتوبر للحديث عن الوحدة الوطنية. علي مدي خمسة الاف عام كانت مصر مسرحا للوحدة الوطنية منذ عصر آمون ودعوة اخناتون للتوحيد وشهدت نبوة يوسف وموسي وكانت ملاذا للمسيح ثم درعا وسيفا للاسلام بعد الفتح الذي اوصي به محمد. كل الانبياء احبوا مصر.. ورأوا فيها المكان الامن لرسالاتهم.. ولم تعرف مصر في اي وقت من الاوقات ما اصبحنا نطلق عليه ببلاهة »الفتنة الطائفية« تربينا جميعا علي ان كل من يعيش علي ارض مصر فهو مصري له كل الحقوق وعليه كل الواجبات.. لم يكن هناك اي نوع من التفرقة بين اي من المصريين مهما كانت ديانته.. كنا نحتفل بكل الاعياد بنفس الفرحة والبهجة.. نتبادل التهاني والقبلات والاحضان.. والكعك. في اكتوبر 3791 الذي نحتفل هذا الاسبوع بذكري الانتصار العظيم الذي تحقق فيه.. كانت علي ما يبدو اخر صورة من صور ذلك الالتحام الرائع بين كل ابناء الشعب. قدم المسلم والمسيحي اروع صور التضحية من اجل هذا الوطن.. لم يقل احدهم للاخر هذا بلدك.. اذهب انت وحارب.. إنا هنا قاعدون بل سارع كل منهما ليسبق الاخر ويقدم حياته فداء لمصر. »ان المساس بهذه الوحدة خط شائك وخطر.. لن اسمح لأحد بتجاوزه.. وعلي من يزرعون الفتنة ويشعلونها ويغذونها.. ان يدركوا تماما ان احدا ليس فوق الدستور والقانون.. واننا سنتصدي بكل الحسم لمحاولات الوقيعة وعلي رموز الدين والفكر ان تربأ بنفسها عما يوقع بين جناحي الامة ويهدد أمن واستقرار الوطن«. هذه هي الرسالة الواضحة المباشرة التي اراد الرئيس مبارك ان يقولها للشعب كله ذكري يوم من اعظم ايام تاريخ مصر الحديث. وهي رسالة حازمة لا تقبل اي تلوين في دولة لا تخلط الدين بالسياسة وتؤكد مفهوم المواطنة قولا وعملا وتحفظ الوحدة الوطنية بين ابنائها. وفي اليوم نفسه كان بيان الامام الاكبر شيخ الازهر الدكتور احمد الطيب والبابا شنودة الثالث.. الذي اكد نفس المعني.. وان الدين والعقيدة خط احمر لا يجوز لاحد ان يتجاوزه رافضين اية تصريحات تمس عقائد المصريين جميعا مناشدين المصريين الالتزام بالوحدة الوطنية شعبا واحدا في وطن واحد.. واثقين من ان صوت العقل والضمير والحكمة والتاريخ المشترك سيظل دائما قادرا علي التصدي لمحاولات بث الفتنة وسينجح في اخماد شرورها ومكائدها. رسالة ايضا جاءت في موعدها.. بعد تراشق متهور احمق من بعض من يسمونهم رموزا.. وهي رسالة جاءت في يوم التحمت فيه الامة لتصنع اعظم انتصار شهدته مصر منذ قرون.. وبدلا من ان نتقدم خطوات للامام.. يحاول البعض ان يجرنا الي الخلف. ليتنا نتعلم من كلمات الرئيس مبارك.. ونهتدي برسالة الامام والبابا.. وندرك ان مصر هي وطن للجميع.. بأيدينا نبنيه وبعقولنا نهديه وبأيدينا نحميه.. والله شاهدنا وراعينا.