الانسان قد يسمع كلمة أو عبارة أو مثلا، يدخل ذهنه ويستقر فيه، ثم يملي عليه تصرفاته وإتجاهاته، ربما بقية حياته.. وغالبا ما يكون هذا في مرحلة مبكرة من عمر الانسان، لايكون عندها قادرا علي فرز ما يقال، ورفض مالا يجده مقنعا أو موافقا لإتجاهاته أو ميوله.. ولذلك يتأثر بما يسمع دون ان يدري.. من هنا فلابد للإنسان فيما بعد، ان يراجع تصرفاته وسلوكياته، ليستبعد منها مالا يروق له، ويتخذ السلوكيات التي يشعر بأنها تمثله وليست دخيلة عليه، وينتقي ما يرفع من قدره أمام نفسه أولا، قبل ان يرفع من قدره امام الناس. هذه العملية ضرورية، لمن يريد ان يرتقي بنفسه وسلوكياته، إلي مستوي يرضي عنه ولايخجل منه امام نفسه أو أمام الناس أو أمام الله الذي يعلم مكنونات نفوسنا قبل ان تخرج للناس »لله ما في السماوات وما في الأرض وان تبدوا ما في انفسكم أو تخفوه يحاسبكم به الله فيغفر لمن يشاء ويعذب من يشاء والله علي كل شيء قدير« »البقرة 482«. فمن الأهمية بمكان ان نراجع ما بأنفسنا ونحاسب أنفسنا عليه قبل ان يحاسبنا ربنا، وان نختار القدوة الحسنة التي تركها لنا رسول الله صلي الله عليه وسلم »لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر وذكر الله كثيرا« »الاحزاب 12« وأن نبتعد عن الاقوال والامثال الرديئة، والتي تكلفنا غاليا ان استقرت في أذهاننا وإتخذناها منهاجا لسلوكياتنا وتصرفاتنا من مثل »إللي تغلب به العب به« أو »الغاية تبرر الوسيلة« أو »الرزق يحب الخفية« وهو ما يعني لقائليه »الفهلوة« مع ان الفهلوة ليست »شطارة« كما يظن البعض.. والذي يتخذ من الفهلوة منهاجا، تنتهي به الامور علي غير ما يشتهي، حيث يفقد كل شيء ولا يبقي له شيء.. وبدلا من ذلك، فمن احاديث الرسول صلوات الله عليه وسلامه ما يصلح ان نتخذه منارة تضيء حياتنا، وتصونها من التلف أو الضياع، من مثل »من غشنا فليس منا« أو »لا يؤمن احدكم حتي يحب لاخيه ما يحب لنفسه« أو »آية المنافق ثلاث: اذا حدث كذب، واذا وعد أخلف، واذا إئتمن خان« وهكذا فرسول الله صلي الله عليه وسلم يرسم لنا الطريق الذي نسلكه والمنهاج الذي نتخذه، لمن كان يرجو الله واليوم الآخر... أما الامثلة الشيطانية من قبيل ما أوردناه آنفا، فيتخذها من شاء، وليبوء بغضب الله، وليخسر دنياه وأخراه، وكل مسئول عن نفسه وعن مصيرة« بل الانسان علي نفسه بصيرة. ولو ألقي معاذيره« »القيامة 41-51« فلن تقبل منه اعذار يوم القيامة، فالامر قد انتهي، وقد كان علي بينة مما يفعل، ولم يكرهه احد علي الافساد في الارض، حتي الشيطان يتنصل من مسئوليته عنه، ويحاججه هو وأمثاله- وهو معهم في جهنم- بانهم كانوا مجرمين، وانه لم يكن له سلطان عليهم، بل دعاهم فاستجابوا له بمحض إرادتهم« وقال الشيطان لما قضي الامر ان الله وعدكم وعد الحق ووعدتكم فأخلفتكم وما كان لي عليكم من سلطان الا ان دعوتكم فإستجبتم لي فلا تلوموني ولوموا انفسكم...« »إبراهيم 22«.