بعد ولادة متعثرة تناثرت الحكايات حول اسباب تعثرها.. خرجت حكومة الدكتور هشام قنديل إلي الحياة. وقد حاولت ابواق الرئاسة الإخوانية نفي ما تردد عن خلافات عطّلت تشكيلها الا ان ذلك لم يقنع احدا. كل الدلائل تشير إلي ان الاعتراضات علي الاسماء المقترحة بالاضافة إلي اعتذارات عدد من المرشحين كانت وراء استمرار المشاورات لحوالي الاسبوعين. ان هذه التشكيلة الوزارية رغم كل محاولات التغطية يبدو منها بوضوح روح الجماعة واصابع مكتب الارشاد. المهم هو هل يمكن ان يكون لدي اعضائها القدرة علي حل الازمة العويصة التي تواجه هذا الوطن المكلوم؟ كما يتساءل البعض كيف تكون السيطرة علي هذه الحكومة للاخوان رغم غياب المشروعية بعد حل مجلس الشعب وفقدان الاغلبية البرلمانية التي كانت تبيح الاقدام علي ذلك. بالطبع فإن ما جري اصبح امرا مألوفا علي ضوء سياسة الامر الواقع التي تمارسها الجماعة ووقوف جميع القوي وفي مقدمتها المجلس الاعلي للقوات المسلحة المدعم بالاعلان الدستوري المكمل في صفوف المتفرجين عمدا!! الا يتعارض هذا التوجه مع الاجماع الشعبي علي حتمية التوافق الوطني الذي كان يجب ان يتسم به هذا التشكيل الحكومي من خلال مشاركة الكفاءات الوطنية غير الاخوانية في كافة المجالات وما اكثرها. ان الحكومة وبهذه الصورة حيث وجود القناعة بعدم قدرتها علي مواجهة المشاكل.. تعني ان عمرها سيكون قصيرا. قد تحدث المعجزة وينفخ المولي عز وجل في صورتها مما قد يخيب ظن غير المطمئنين علي امل ان يكون متوافرا لديها امكانات لا يدركونها. لا جدال ان الشعب المصري الذي بدأ يشعر بالملل الي درجة كبيرة ربما يساوره بعض الامل اخذا بالمثل الذي يقول »يوضع سره في اضعف خلقه«.. وان الله علي كل شيء قدير. علي هذا الاساس يمكن القول ان الترحيب بهذا التشكيل الحكومي قد يكون وقتيا انعكاسا لحالة الزهقان من طول فترة ما احاط به من أقاويل. ولكن السؤال المطروح هو إلي متي يطول الصبر مع تراكم الهموم وتعاظم الطلبات؟! من المؤكد ان الدكتور قنديل رئيس أول حكومة تم تكليفها بعد الانتخابات الرئاسية سيجد نفسه في موقف لا يحسد عليه وهو يشعر بكل الانظار تترصده وتتابع اداءه للمهام العديدة الصعبة المطلوب منه التعامل معها بايجابية. ان من بينها علي سبيل المثال.. الانهيار الاقتصادي.. والانفلات الامني وما يصاحبه من عدم استقرار.. ومشكلة انقطاع الكهرباء.. وموجات الاحتجاجات الفئوية.. وجمود وتراجع حركة الانتاج والاستثمار.. والصدمات التي اصبحت تهدد السياحة بتأثير ما تشهده الساحة من تحركات غير مواتية.. بالاضافة إلي ملفات التعليم والصحة والاسكان.. وعجز الموارد عن سد الاحتياجات. لا يخفي علي احد ان هذا التشكيل الوزاري وعلي ضوء ما يمكن ان يحققه سوف يكون اختبارا جديدا لجماعة الاخوان التي اثبتت اغلبيتهم فشلا ذريعا في مجلس الشعب المنحل. هناك اجماع شعبي علي أن هذه التجربة كانت صادمة وهو ما كشفت عنه عملية التصويت في الانتخابات الرئاسية. من الطبيعي ان يعكس هذا المناخ شعورا بعدم الارتياح وان كان ذلك لا يمنع من امكانية ان تحقق وزارة الدكتور قنديل بعض الامل في التخفيف من هموم والام الشعب المصري وسيطرة روح التفاؤل علي تطلعاته نحو المستقبل. وسط هذا الهم الداخلي كان من الطبيعي ان يٌلفت الانظار ويثير الدهشة تلك التصريحات الصادرة عن بعض الرموز الامريكية من امثال هيلاري كلينتون وزيرة الخارجية ومستر بنيتا وزير الدفاع. الاولي جاءت إلي مصر لتكتشف روح الكراهية من جانب الشعب المصري كرد فعل علي تصريحاتها التي تمثل تدخلا في شئون مصر الداخلية. وفي تصريح اخير حاولت التغطية علي تواطؤ السياسة الأمريكية مع جماعة الإخوان بالحديث عن مشاكل الحريات الدينية في مصر والزعم أن واشنطن تقف علي مسافة واحدة من جميع القوي السياسية المصرية!! أما السيد بنيتا الذي جاء هو الاخر الي القاهرة فقد تحدث عن ضرورة الوفاق بين جماعة الاخوان والمجلس العسكري وهو امر واقع لا يحتاج إلي نصائحه بحكم ما جري علي الساحة المصرية طوال الشهور ال81 الماضية منذ قيام الثورة. ان كل ما نرجوه ان ترفع امريكا يدها عن مصر وتتوقف عن تحالفاتها التي لا تجني منها سوي الخراب والدمار. لم يعد خافيا ان واشنطن لا تهمها ديمقراطية ولا حرية الشعب المصري.. وان كل ما تهتم به هو مصالحها ومصالح ربيبتها اسرائيل.