في لقائه بوزير خارجية إيطاليا جوليو تيري قال الرئيس محمد مرسي ان الأوضاع الأمنية في مصر مستقرة داعيا الشركات الايطالية لزيادة استثماراتها. بالطبع فان ما قاله الرئيس كلمات طيبة تحتوي علي امنيات يتطلع إلي تحقيقها كل أبناء مصر ولكن وعلي ضوء ما يجري علي الساحة فليس هناك من تعليق سوي: ياريت يكون الكلام ده صحيح علي أرض الواقع. ان التطورات السياسية التي تشهدها الساحة والأحداث التي تموج بها كل محافظات مصر تعطي احساسا- تجاوزا- بالقول بان هذا المناخ لا يعد عاملا مساعدا يمكن ان يقود إلي اطمئنان يحتاجه الاستثمار الاقتصادي سواء كان محليا أو خارجيا. وكما هو معروف فان رأس المال جبان ولا يمكن خداعه بالكلام والتصريحات المعسولة. ان الشئ الوحيد الذي يقبل به هو المصداقية فيما يجري اتخاذه من قرارات وإجراءات تؤدي إلي الوفاق الوطني السياسي باعتباره الاساس الضروري لتحقيق الشعور بالاطمئنان واعطاء الاحساس بان الاستثمار في مصر ليس في حكم المقامرة أو المغامرة. ان الاستقرار المنشود الذي تتطلبه عملية التعافي الاقتصادي وتستوجب التشجيع علي دفع عجلة الانتاج مرهون ويتركز في توافر التوافق السياسي الحقيقي بين القوي السياسية. هذا الهدف يحتاج إلي الثقة واتخاذ ما يلزم من خطوات تتسم بالمصداقية التي تؤدي إلي تلاشي حالة التوتر في الشارع المصري.. بالطبع فإنه لا يمكن ان يتحقق هذا الهدف في ظل عمليات أخونة الدولة بما يعني مزيد من التسلط والهيمنة علي السلطات وأجهزة العمل التنفيذي. وكما ذكرت في مقال سابق وعلي اساس أن »المية تكدب الغطاس« فإن كل التحركات توحي بالسير علي هذا الطريق. في هذا المجال يتحدث الشارع المصري وتقول التعليقات والتحليلات أن مفاجأة اختيار رئيس وزراء مصر قد ولدت شعورا بانه قد خالف ما افصحت عنه كل التصريحات الإخوانية عن ترشيح شخصية مشهود لها بالخبرة خاصة في المجال الاقتصادي لتولي مسئولية العمل التنفيذي في هذه المرحلة الفارقة من تاريخ الوطن. وكما سبق وذكرت فان لا اعتراض علي شخص الدكتور هشام قنديل ولكن المشكلة في الشكوك حول ميوله الإخوانية وليست الدينية التي هي جزء من الشخصية المصرية. كما قيل أيضا انه يفتقد إلي الخبرة المطلوبة في القضايا الاقتصادية التي هي محور أزمة مصر الحالية. وليس خافيا ان الازمة الاقتصادية تمثل عبئا ثقيلا علي إدارة الإخوان لشئون مصر عبر رئيسها الإخواني. وبعد تشكيل الحكومة وبالصورة التي خطط لها مكتب ارشاد الجماعة وضمان السيطرة والهيمنة علي تحركاتها لابد وأن نفكر في مصيرها بعد اجراء انتخابات مجلس الشعب الجديد. كل الدلائل تشير الي ان جماعة الإخوان لن تحصل علي الأغلبية التي حصلت عليها في انتخابات المجلس المنحل.. هذا التوقع يستند علي ما جري طوال الشهور الماضية وما أوضحته حركة التصويت في الانتخابات الرئاسية والذي جاء علي خلاف ما حدث في انتخابات مجلس الشعب المنحل. هذا يعني ان هناك احتمالا كبيرا في ان تمارس هذه الحكومة ذات الطبيعة الإخوانية لسلطاتها في ظل مجلس شعب غير إخواني إذا ما صدقت هذه التوقعات. في هذه الحالة فان ذلك سوف يمثل عقبة امام قيامها بمهمتها نتيجة عدم الاقتناع السياسي حول تشكيلها بالصورة التي يمكن ان تعكس التوافق بين القوي السياسية. أذن وعلي ضوء ما هو قادم والذي من المؤكد ان القوي الإخوانية تدركه.. فان الساحة سوف تشهد متغيرات. من ناحية أخري لا يمكن تناسي أن مجلس الشوري الإخواني سوف يتم ايضا حله لنفس الأسباب التي أدت إلي حل مجلس الشعب.. كل هذا يعني اننا علي أبواب متغيرات عميقة إذا ما سارت العملية الديمقراطية بشفافية وعلي الطريق الصحيح.