في عالم السكون ..ليس مجرد كتاب- كما وصفته وفاء الطيب صالح- لكنه ثقافة عريضة وعميقة.عندما أمسك به، لا أقرأه فقط بل أعيشه. تنساب الكلمات الي داخلي مرورا برئتي كالهواء العليل، عندها أستطيع أن أتنفس أكثر يسرا، الكتاب يعمل أفضل من رذاذ البخاخ لمرضي الربو مثلي .هذا ما كتبته وفاء. وهذا ما يفعله الكتاب مع قارئه بالفعل. إنه يأخذنا إلي عالم مختلف.. أكثر سلاما وتناغما .عالم يصحبك في رحلة جميلة إلي نفسك .حيث تحب أن تكون. إن الطريقة العلمية التي يريد الكاتب أن يعلمنا إياها تساعد كل منا في إعادة صياغة نفسه من الداخل بعد أن يكون قد وصل خلال ممارسة عالم السكون إلي أعماقها واكتشفها تماما. لذلك رأيت أن أنقل لكم - قرائي الأعزاء- تلك الخبرة المهمة عبر مفاتيح الحياة وأن ألخص لكم خطوات تلك الفلسفة الروحانية العلمية العميقة التي وجدت فيها ما يستحق التأمل والتجربة. ولأن تفاصيل هذا العالم كثيرة ومهمة دعوني أقسمها إلي حلقات. أتحدث في كل منها عن زاوية محددة لتلك الفلسفة الرائعة التي تغير حياة من يؤمن بها ويطبقها في حياته. في عالم السكون هو عنوان كتاب من أفضل الكتب التي قرأتها مؤخرا واستفدت- شخصيا- منها .الكتاب ألفه الكاتب الماليزي: فيجاي اسواران عام 2005. وترجمه إلي العربية: رضوان خوجلي مصطفي وراجعت الترجمة : وفاء الطيب صالح وصدر عام 2008 في نسخته العربية.ولا أدري إن كانت ابنة الطيب الصالح الكاتب السوداني القدير الذي رحل عن عالمنا منذ سنوات قليلة. لكنني بإحساسي أكاد أحس في كلمة النهاية التي ختمت بها صفحات الكتاب أنها ابنة الطيب صالح لأنها تحمل نفس تلك المشاعر العميقة والحس الإنساني العالي الذي كان يميزه. الكتاب يلخص تجربة برنامج تدريبي اسمه :تطبيق الحقيقة .وهو يشرح كيفية استخدام العقل والاستفادة من الطاقات غير المحدودة به التي لا يستخدم الإنسان غالبا إلا نسبة ضئيلة منها .ويقول مؤلفه في المقدمة: يأمل هذا الكتاب في أن يعلمك أن تستبدل الملعقة بالدلو للاغتراف من ذلك المحيط .لتسخر وتستخدم قوة عقلك. إن عقولنا محيطات واسعة ومع ذلك فنحن نقف علي حوافها كل يوم ولا ننهل من مياهها إلا قطرات قليلة .إذا دعونا نبدأ في عرض أهم خطوات هذا البرنامج القيم و ندخل معا :عالم السكون خطوة خطوة .وسوف نعيش التجربة ونتحدث عنها .كيف أثرت في حياة كل منا وكيف استفاد منها وماذا اكتشف عن نفسه من خلالها؟ أرجو أن نتشارك التجربة ونثريها برؤية كل منا لأثرها علي حياته . والآن هل أنتم مستعدون للرحلة المثيرة؟ هل يقتلكم الفضول للدخول في تلك الأنفاق الغامضة .. المبهرة داخل عقولكم وأعماقكم؟ إذا كانت الإجابة :نعم .فلننتهز فرصة شهر رمضان الكريم ونبدأ بالإبحار داخل عقولنا وقلوبنا وأرواحنا بعيدا عن صخب الأحداث السياسية الساخنة ولنعيد ترتيب أوراقنا واولوياتنا حسبما تقودنا قلوبنا لا بحسابات المكسب والخسارة . فقد يكون في المكسب المادي خسارة نفسية أو فقدان لأشياء أساسية تجلب لنا السعادة الحقيقية. فلنبدأ في اكتشاف أهدافنا والبحث عن أحلامنا . فالأحلام النابعة من داخلنا هي التي تستحق أن نبذل فيها الوقت والفكر وأن نعطيها إخلاصنا وتركيزنا وعندها سيصبح تحقيقها فرحة حقيقية تجلب لنا السعادة. الأحلام الصغيرة التي لا يتجاهل المرء فيها إنسانيته هي الأحلام الحقيقية الجديرة بالمحاولة والجهد وهي في النهاية التي تجعل للحياة معني وطعما. فلنبحث عن أحلامنا الصغيرة في مرآة نفوسنا ولنكن صادقين في رحلة البحث. وكل عام وأنتم بخير.