بدر عبد العاطي: نرفض الاستغلال السياسي لملف حقوق الإنسان، وحرب غزة أسقطت الأقنعة    المستندات المطلوبة لقبول دفعة جديدة من المجندين بالقوات المسلحة مرحلة أبريل 2026    سعر الجنيه الاسترليني اليوم الخميس 25-12-2025    استقرار نسبى فى اسعار الأسمنت اليوم الخميس 25ديسمبر 2025 فى المنيا    «مدبولي»: توجيهات من الرئيس السيسي بسرعة إنهاء المرحلة الأولى من حياة كريمة    توقيع اتفاق لتحويل مصر إلى مجتمع معرفي مبتكر مستدام    أحمد البطراوي: منصة "مصر العقارية" الذراع التكنولوجي لوزارة الإسكان وتستوعب مئات آلاف المستخدمين    «إي إف جي هيرميس»: خفض متوقع للفائدة بين 600 و700 نقطة أساس في 2026    مدبولي: الرئيس السيسي يوجه بسرعة إنهاء المرحلة الأولى لمبادرة "حياة كريمة"    عون: لبنان الجديد يجب أن يكون دولة مؤسسات لا أحزاب    تحرك قافلة المساعدات الإنسانية ال102 من مصر إلى غزة | تفاصيل    سوريا: اتفاق عسكري لدمج 90 ألف عنصر من قسد والأسايش في الدفاع والداخلية    من هو الفلسطيني الذي تولي رئاسة هندوراس؟    نسف منازل برفح وخان يونس وقصف مدفعي شرق غزة    يونيسف: معاناة الأطفال بغزة مستمرة رغم وقف إطلاق النار    أمم أفريقيا 2025| حصاد المجموعة الخامسة بعد الجولة الأولى    التشكيل المثالي للجولة الأولى في كأس الأمم الإفريقية.. صلاح ومرموش في الصدارة    الأرصاد تكشف الظواهر الجوية ودرجات الحرارة المتوقعة الأيام المقبلة    إصابة 3 أشخاص فى حادث انقلاب سيارة ربع نقل بالفيوم    «تغليظ عقوبات المرور».. حبس وغرامات تصل إلى 30 ألف جنيه    طب احلف كده!    أشرف فايق يطمئن الجمهور على حالة الفنان محيى إسماعيل: تعافى بنسبة 80%    أول صور للمقبرة الجديدة لأمير الشعراء أحمد شوقى بمشروع الخالدين    merry christmas wishes.. أجمل رسائل التهنئة بعيد الميلاد المجيد    الصحة: تقديم 10.4 مليون خدمة طبية بالمنشآت الصحية في كفر الشيخ خلال 2025    محافظ الجيزة يفتتح قسم رعاية المخ والأعصاب بمستشفى الوراق المركزي ويؤكد دعم تطوير المنظومة الصحية    فحص نحو مليون من ملفات جيفرى إبستين يثير أزمة بالعدل الأمريكية.. تفاصيل    "الوطنية للانتخابات" تعقد مؤتمرًا اليوم لإعلان نتائج جولة الإعادة للمرحلة الثانية من انتخابات النواب    السيسي يوفد مندوبًا لحضور احتفال طائفة الروم الأرثوذكس بعيد الميلاد    بعد زيادة الطعون عليها، توفيق عكاشة يطالب الهيئة الوطنية بإثبات صحة انتخابات البرلمان    بالفيديو.. استشاري تغذية تحذر من تناول الأطعمة الصحية في التوقيت الخاطئ    التضامن: تسليم 567 طفلًا بنظام الأسر البديلة الكافلة منذ يوليو 2024    عبد الحميد معالي ينضم لاتحاد طنجة بعد الرحيل عن الزمالك    تواصل تصويت الجالية المصرية بالكويت في ثاني أيام جولة الإعادة بالدوائر ال19    نائب وزير الصحة تتفقد منشآت صحية بمحافظة الدقهلية    وزير الثقافة: المرحلة المقبلة ستشهد توسعًا في الأنشطة الداعمة للمواهب والتراث    مواقيت الصلاه اليوم الخميس 25ديسمبر 2025 فى المنيا    الأزهر للفتوى: ادعاء خصومات وهمية على السلع بغرض سرعة بيعها خداع محرم    بشير التابعي يكشف عن الطريقة الأنسب لمنتخب مصر أمام جنوب إفريقيا    أمن القليوبية يكشف تفاصيل تداول فيديو لسيدة باعتداء 3 شباب على نجلها ببنها    وزيرا التضامن و العمل يقرران مضاعفة المساعدات لأسر حادثتى الفيوم ووادى النطرون    بديل حضاري وآمن ومرخص.. بدء تنفيذ مبادرة استبدال التوكتوك بسيارات كيوت صغيرة بالقاهرة    جامعة العاصمة تنظم حفل تأبين للدكتور محمد فاضل مدير مستشفى بدر الجامعى السابق    طقس الكويت اليوم الخميس 25 ديسمبر 2025    حكم تعويض مريض بعد خطأ طبيب الأسنان في خلع ضرسين.. أمين الفتوى يجيب    مصرع شاب أسفل عجلات القطار بجرجا فى سوهاج    هل يجب الاستنجاء قبل كل وضوء؟.. أمين الفتوى يجيب    60 دقيقة متوسط تأخيرات القطارات بمحافظات الصعيد.. الخميس 25 ديسمبر 2025    بطولة أحمد رمزي.. تفاصيل مسلسل «فخر الدلتا» المقرر عرضه في رمضان 2026    بعد غياب أكثر من 4 سنوات.. ماجدة زكي تعود للدراما ب «رأس الأفعى»    بعد 159 عامًا في قصر العيني.. «البرلمان» ينقل جلساته للعاصمة الجديدة    أحمد سامي يقترب من قيادة «مودرن سبورت» خلفًا لمجدي عبد العاطي    صفاء أبو السعود من حفل ختام حملة «مانحي الأمل»: مصر بلد حاضنة    زعيم كوريا الشمالية يشرف على تجربة إطلاق صاروخ "سطح-جو" بعيد المدى    الكاميرون تفتتح مشوارها الإفريقي بانتصار صعب على الجابون    دوري أبطال آسيا 2.. عماد النحاس يسقط بخماسية رفقه الزوراء أمام النصر بمشاركة رونالدو    ما حكم حشو الأسنان بالذهب؟.. الإفتاء توضح    كأس الأمم الأفريقية 2025.. الكاميرون تهزم الجابون بهدف "إيونج"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



آليات الأسف والاعتذار وإدارة الأزمات

بينما كنت أكتب مقدمة الطبعة الثانية من كتابي »مقدمة في علم التفاوض الاجتماعي والسياسي«، وجدت من الأهمية ان أضع فصلا تفصيليا جديدا بعنوان هذه المقالة الأولية.. ولكن لماذا.. لأنني وجدت افتقادا كبيرا لفهم تعقيدات آليات الأسف والاعتذار في إدارة الحوار والأهم في إدارة أزمات الواقع العربي بصفة عامة، والأسئلة المحورية المطروحة هنا تتمثل في الآتي: (1) هل تختلف ممارسات واقعنا الثقافي في هذه الجزئية (عن التعبير عن الاعتذار والأسف) عن واقع الثقافات الأخري والغربية خاصة؟ وماذا عن مستويات وسياقات هذا الاختلاف؟ وهل ابتعدنا كثيرا عن القيم العربية الإسلامية الجوهرية في هذا الأمر؟.. وكيف نستعيد قيم التقدم بإحداث التغيير في الأداء في مثل هذا الأمر، خاصة في سياق منع واستباق وإدارة الأزمات التي تحتاج سياقاتها إلي التعامل والتوظيف الفعال لآليات الأسف والاعتذار لتقليل الاحتقانات ورد التفاعل إلي حالة ايجابية تمكننا من السيطرة علي الأزمات ومنع تفاقمها.. ولعل من المهم وقبل أن ندخل في أمثلة أزمات مجتمعية وسياسية وإعلامية وطائفية تتابعت بتلاحق مؤسف مؤخرا في واقعنا، وكان لتوظيف آليات الأسف والاعتذار بفاعلية دور مهم في تخفيف حالات الاحتقان وفي مسار إدارة هذه الأزمة وتلك.. ان نقدم توصيفا بالأمثلة السيئة والأمثلة الجيدة في واقعنا السياسي والاجتماعي والتي قد تغنينا عن إعادة الكلام تفصيليا في الملفات الأخيرة وهذه الأمثلة تهيئ الذهنية لما نود طرحه وهي:
1 إن الشخصية المتسلطة التي تعيش في بيئة تعمقت فيها التسلطية تستنكف كثيرا مبدأ الاعتذار أو التأسف.. وأعود هنا لمشهد طريف للممثل القدير زكي رستم حينما كانت زوجته تطلب منه ان يعتذر عن خطأ فعله في حقها، فرفض، وبطريقته في تقمص الشخصية المتسلطة قال زكي رستم »اسمعي يا آمال.. أنا مابغلطش أبدا«.. »فاهمة مابغلطش أبدا!!« وهكذا تستكبر الشخصية المتسلطة فتجد هذا لدي شخصيات أو مسئولين ينتمون إلي سمات تلك الشخصية.
2 إن الشخصية التي تعود لما هو صح ضد ما هو خطأ فتدرك بسرعة أهمية الاعتذار والأسف وينبع ذلك من كونها تستشعر المسئولية وتتسم بقوة الشخصية تجد احترام ومكافأة الجميع لها واكباره فمثلا عندما ادرك الرئيس جمال عبدالناصر رحمه الله ان هناك خطأ أو أخطاء جسيمة قد أدت إلي نكسة 7691 سارع رحمه الله إلي التوجه للشعب المصري، فلم يهن ذكاء الشعب واعتذر اعتذارا واضحا عن كل ما حدث وأنه يتحمل المسئولية الكاملة وأنه يتنحي.. إلي آخر ما ذكره حينذاك كانت مكافأة الشعب المصري للزعيم عالية فخرجت الجموع إلي الشوارع لترفض التنحي وتقبل ضمنيا ذلك الاعتذار لأن ما جب الاعتذار هو تأكد الجماهير من »مسئولية« ناصر وأنه القائد الذي ينبغي التمسك به للوقوف في وجه العدو، وقد كان فقد بدأ ناصر فور ذلك بإعادة هيكلة الأوضاع ووضع خطط تحرير الأرض وأنجز جزءا كبيرا شهدت عليه حرب الاستنزاف التي كانت البروفة الحقيقية لنصر أكتوبر رمضان 3791 الذي نحتفل به بكل فخر وسعادة في هذه الأيام. نذكر هنا وفي خضم الرجوع لملفات حديثه ان الحديث الراقي والموضوعي الذي أداره عبداللطيف المناوي مع قداسة البابا شنودة قد سجل ان قداسة بابا الأقباط لديه الكثير من العطاء والحب الذي يعطيه لهذا الوطن فقدم ما يفيد الاعتذار والأسف مما حدث من احتقان طائفي وهو أمر يشكر عليه وينبغي أن نأسف ونعتذر جميعا عن أي أخطاء قد يرتكبها مواطن أو مسئول سواء كان مسلما أو قبطيا من أجل وحدة وقوة وتماسك مصرنا الغالية علينا جميعا.
3- ان وجود حالة نفسية محتقنة لدي البعض ليمثل مشكلة كبيرة في توظيف آليات الأسف والاعتذار.. حيث يري من يكون قد أخطأ ان من الخطر عليه ان يعتذر لأن المحتقنين أو المتربصين في واقع ثقافة الاحباط واليأس وإعلام الأزمات سوف يقومون بالانقضاض عليه وإراقة ماء وجهه بدلا من أن يتقبلوا الاعتذار ويتسامحوا ليفتحوا صفحة جديدة.. ولكن العكس صحيح وهنا تجدهم يأخذون من الاعتذار سلما ليصعدوا به إلي مرحلة أخري أكثر تدهورا للأزمات.. من هنا لا تأتي الشجاعة الأدبية الكافية لمن أخطأ في أن يقدم اعتذاره وإذا تراجع عنه اتهمه المحتقنون بأن ذلك »كبر«.. من هنا يتم الابتعاد عن فضيلة الاعتذار والأسف المستحق وهو الأقرب لفضيلة التوبة في كل الأديان، ولذلك لابد ان تكون لنا جميعا وقفة مهنية وأخلاقية مع إعلام الأزمات وتعميق حالة وثقافة الاحتقان واليأس والتربص والتصيد حتي تعود الأجواء الثقافية ملائمة لتوظيف آليات الثبات الانفعالي والأسف والاعتذار التي إذا ما تم توظيفها في أجواء عادية وطيبة لحققت إطفاء نيران أزمات عديدة وقللت من أجواء التوتر والله ولي التوفيق وهو المستعان.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.