مواطنو سيناء: الرئيس حول أحلامنا إلى واقع على أرض الفيروز    اتصالات النواب: تشكيل لجان مع المحليات لتحسين كفاءة الخدمات    من مليار ل تريليون.. تنمية سيناء في قلب وعقل خطط الدولة    وزير الطيران المدني يبحث مع وزير النقل والاتصالات بدولة ليتوانيا أوجه التعاون المشترك في مجال النقل الجوي    «سياحة النواب» تصدر روشتة علاجية للقضاء على سماسرة الحج والعمرة    محافظ الغربية يفاجئ منافذ مركز طنطا لمتابعة تطبيق مبادرة تخفيض أسعار السلع    445 فيتو في تاريخ مجلس الأمن.. القصة الكاملة لاستخدامهم    الأهلي يتوج ببطولة إفريقيا للطائرة.. ويتأهل لمونديال للأندية    أستون فيلا يعلن تمديد عقد مدربه أوناي إيمري    مدرب جيرونا يقترب من قيادة «عملاق إنجلترا»    "ذا صن" تكشف موعد رحيل محمد صلاح عن ليفربول    السجن عامين ل 3 سائقين وعامل بتهمة شروعهم في قتل شخص وشقيقه    متحدث نقابة الموسيقيين يكشف السبب الحقيقي وراء إلغاء حفل كاني ويست في مصر    نهال عنبر ترد على الشائعات: «أدواري محترمة ولا تخدش الحياء»    سمية الخشاب تستعرض رشاقة قوامها بالملابس الرياضية    محمد إمام يستقبل ابنه «عمر» الزعيم الصغير| صور    أمين الفتوى: "اللى يزوغ من الشغل" لا بركة فى ماله    دعوة أربعين غريبًا مستجابة.. تعرف على حقيقة المقولة المنتشرة بين الناس    جامعة المنوفية توقع بروتوكول تعاون مع الهيئة القومية للاعتماد والرقابة الصحية    جامعة المنصورة تطلق قافلة طبية متكاملة إلى قرية الحوتة بالمنزلة    عادات خاطئة في الموجة الحارة.. احذرها لتجنب مخاطرها    وداعًا حر الصيف..طريقة عمل آيس كريم البرتقال سهل وسريع بأبسط المقادير    الأردن يحذر من تراجع الدعم الدولي للاجئين السوريين على أراضيه    شاب يقتل والده بسبب إدمانه للمخدرات.. وقرار من النيابة    خصومات متنوعة على إصدارات «هيئة الكتاب»    دياب يكشف عن شخصيته بفيلم السرب»    مقتل وإصابة 8 مواطنين في غارة إسرائيلية على منزل ببلدة حانين جنوب لبنان    صدمة في ليفربول| غياب نجم الفريق لمدة شهرين    «قضايا الدولة» تشارك في مؤتمر الذكاء الاصطناعي بالعاصمة الإدارية    «بروميتيون تاير إيجيبت» راعٍ جديد للنادي الأهلي لمدة ثلاث سنوات    يد – الزمالك يفوز على الأبيار الجزائري ويتأهل لنصف نهائي كأس الكؤوس    أبو عبيدة: الرد الإيراني على إسرائيل وضع قواعد جديدة ورسخ معادلات مهمة    إنفوجراف.. مراحل استرداد سيناء    «التعليم العالي» تغلق كيانًا وهميًا بمنطقة المهندسين في الجيزة    بائع خضار يقتل زميله بسبب الخلاف على مكان البيع في سوق شبين القناطر    القومي للكبد: الفيروسات المعوية متحورة وتصيب أكثر من مليار نسمة عالميا سنويا (فيديو)    تحت تهديد السلاح.. استمرار حبس عاطلين لاستدراج شخص وسرقة سيارته في أكتوبر    اللعبة الاخيرة.. مصرع طفلة سقطت من الطابق الرابع في أكتوبر    عضو ب«التحالف الوطني»: 167 قاطرة محملة بأكثر 2985 طن مساعدات لدعم الفلسطينيين    مجلس الوزراء: الأحد والإثنين 5 و6 مايو إجازة رسمية بمناسبة عيدي العمال وشم النسيم    11 معلومة مهمة من التعليم للطلاب بشأن اختبار "TOFAS".. اعرف التفاصيل    السياحة: زيادة أعداد السائحين الصينيين في 2023 بنسبة 254% مقارنة ب2022    غدا.. اجتماع مشترك بين نقابة الصحفيين والمهن التمثيلية    محافظ كفرالشيخ يتفقد أعمال التطوير بإدارات الديوان العام    خلال الاستعدادات لعرض عسكري.. مقتل 10 أشخاص جراء اصطدام مروحيتين ماليزيتين| فيديو    وزير الأوقاف من الرياض: نرفض أي محاولة لتهجير الشعب الفلسطيني وتصفية قضيته    محافظ قنا يستقبل 14 مواطنا من ذوي الهمم لتسليمهم أطراف صناعية    منها الطماطم والفلفل.. تأثير درجات الحرارة على ارتفاع أسعار الخضروات    عربية النواب: اكتشاف مقابر جماعية بغزة وصمة عار على جبين المجتمع الدولى    افتتاح الملتقى العلمي الثاني حول العلوم التطبيقية الحديثة ودورها في التنمية    رسميا .. 4 أيام إجازة للموظفين| تعرف عليها    تنبيه عاجل من المدارس المصرية اليابانية لأولياء الأمور قبل التقديم بالعام الجديد    بدأ جولته بلقاء محافظ شمال سيناء.. وزير الرياضة: الدولة مهتمة بالاستثمار في الشباب    سلاح الجو الإسرائيلي يعلن مهاجمة وتدمير نحو 25 هدفا في قطاع غزة    الإفتاء: لا يحق للزوج أو الزوجة التفتيش فى الموبايل الخاص    اتحاد عمال مصر ونظيره التركي يوقعان اتفاقية لدعم العمل النقابي المشترك    "بأقل التكاليف"...أفضل الاماكن للخروج في شم النسيم 2024    دعاء في جوف الليل: اللهم اجمع على الهدى أمرنا وألّف بين قلوبنا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



في عين الشمس
الساعات الأخيرة مع أستاذتي »حسن شاه«
نشر في الأخبار يوم 19 - 07 - 2012

في ساعاتها الأخيرة - وكانت واعية أنها قاب قوسين من النهاية وأنا أيضا لكن إلا قليلا - همست مستسلمة »خلاص يا بني« ثم أغمضت عينيها الجميلتين متألمة، والنَّفَس هادئ، والنَّفْس مطمئنة، مكثت بجوار سريرها في مستشفي الشرطة، أحدق فيها، وأملأ عيني منها.
لم أجرؤ علي الاستباق، آثرت الاسترجاع ، استرجاع 36 عاما منذ تخلقت روحي الصحفية علي يديها، وأنا في العشرين طالبا في الجامعة في عامي الثاني، حين أطلقني الأستاذ موسي صبري، في شارع الصحافة، برغبة من السيدة د.جيهان السادات، زميلة الدراسة في كلية الآداب، أطال الله عمرها، واحتوتني "حسن شاه" بعد أن تحركت، تدريبيا، مابين قسم التحقيقات الصحفية مع د. صلاح قبضايا، وكانت معنا الرقيقتان ثناء أبوالحمد وسناء عبد الحليم، وقسم الحوادث مع الأستاذ الراحل سامي جوهر،وبأت مع أستاذتي حسن شاهد في صفحة "أخبار الأدب" وكانت النواة المخصبة لجريدة "أخبار الأدب" بعد ذلك، وتشرنقت في الصفحة وكنت فارسا فيها بالحرص علي الموضوع الرئيسي سبعة أعوام، وكأنها سبعين عاما، من الثراء الصحفي المعملي في دار أخبار اليوم والفائدة العلمية قي أجواء من النادر أن تتكرر، حيث تفجير القضايا الثقافية مع عمالقة الفكر والإبداع في عقدي السبعينيات والثمانينيات ، وفي عام 1984 سافرت الي مسقط ، وانتقلت أستاذتي رئيسا لتحرير مجلة الكواكب، بدار الهلال، وافترقنا مكانيا فقط.
استغرقتني لحظة التخلق ولذة البداية، وتمددت وامتدت عمرا، تدثر صاحبه بوصف استاذته له "ابني البكر في عالم الصحافة" كما كتبت في يومياتها ب"الاخبار" بتاريخ 8 يوليو 2010 يوم أن حصلت علي درجة الماجستير في أدب يوسف إدريس وكان حلمها أن تشهد الدكتوراه بعد شهور، وسأهديها لها في مثواها الأخير كما أهديتها الماجستير وأنا أعلن في بهو المناقشة بالمدرج 78 بكلية الآداب أمام الحضور او أهدي باقة خاصة من الشكر والإجلال إلي أستاذتي في عالم الصحافة السيدة الجليلة "حُسن شاه" التي مكنتني من التشبث بالقلم الصحفي في"دار أخبار اليوم" منذ العام 1976 فأطلقتني في شارع الصحافة لأظل معترفا بجميل صنعها وأنا أحلق في فضاء الصحافة".
نعم هي أستاذتي وأنا ابنها البكر في عالم الصحافة، استقطرت عبير الأستاذية من شخصها وشخصيتها، ومن قلمها الذي كان يقطر صحافة وثقافة وأدبا وفنا، علمتني رشاقة الكلمة، وأناقة العنوان، وشياكة الموضوع الذي لابد أن ينجح مادام يتحرك في دائرتين أن ينهل مما يشغل الناس أو يشغل بال الناس والمجتمع.. كان قلبها رحيما عطوفا ، مثلما كان بيتها كريما واسعا، مثلما كان مكتبها مصباحا لم ينطفئ يوما، كلها كانت حسنا علي حسن ، الأستاذة والأم والصديقة، تشكيل إنساني بديع.. حضرتني وشذبتني وثقفتني، وملأت حياتي صحافة وثقافة وسياسة وأخلاقيات مهنة وسلوكيات وتجارب وخبران ، وهي الكاتبة والحقوقية والناقدة والمبدعة، وفي كل مشكلة كنت »أريد حلا« لها كنت أطلب اللجوء اليها، فهي المأوي والواحة والأمن والأمان والصدر الحنون ، والسم الذي يفوح الاحترام والوقار والإبهار والعبير والأثير.
عظيمة أنت ياسيدتي .. والعظمة في البشر تقاس بمدي ما يقدمه من إصلاح في المجتمع والناس، وكم كانت قصة فيلم »أريد حلا« بالذات، رائعة ومروعة، حيث قدمت ما لم تقدمه عشرات المؤتمرات والدراسات في قضية الأحوال الشخصية للمرأة، ونجحت هي في »تطبيب« كفة ميزان العدل الإنساني لصالح المرأة.. قوية أنت يا سيدتي.. وأقبل يدها التي هدأت واستكانت بعد أن سطرت عشرات الألوف من الصفحات، تعبت يا أستاذتي وما تعبت يداك، حتي في آخر أيامك ، فكنت أقوي من المرض المتوحش بجمالك وصبرك وحلمك، وقلمك وألمك وأملك، و..كلك!.
عذبة أنت يا سيدتي.. وأحدق في وجهك الأبيض السمح، الذي غلب بعذوبته عذابات المحنة، والمحنة منحة، خاصة الألم النفسي والاجتماعي الذي اخترق وعيك في السنة الأخيرة بكل أوجاعها السياسية وتداعياتها المرعبة.. رقيقة أنت يا سيدتي.. قلبك الذي ينبض بهدوء كان متوقدا لأصغر رسالة ضمن ألوف الرسائل المكدسة في غرفة مكتبك المنزلي، كانت تبكي لدموع المقهورين والمهمشين والمحتاجين الذي يئنون تحت وطأة العوز، وكانت تلبي ما تستطيع عبر صفحتها الشهيرة في الأخبار »أريد حلا« كنت اشاركها الأوجاع وأنا أقرأ معها أننات الرسائل الحارقة والمحترقة أصحابها من النساء والرجال شيبة وشباب.
كبيرة أنت يا سيدتي.. والوجة البرئ لم تؤثر فيه عذابات السنين، 81 عاما من الكفاح والنجاح، والتألق والتوهج، والصورة أصدق إنباء وأنباء من أي مصدر توثيقي، صورها وهي تتقمص شخصية كمسارية في الأوتوبيس لعمل تحقيق صحفي، وصورها مع ياسر عرفات وهي تشارك فدائيي منظمة التحرير الفلسطينية، صورها في ثورة تحرير الجزائر، وصورها مع عمالقة الثقافة والفن والأدب، ومجلدات من المقالات والأعمال، وقد ظلت طوال عمرها راهبة في معبد الصحافة، خالصة مخلصة، ذات النسق الصافي في أجواء صاحبة الجلالة.
عزيزة أنت يا سيدتي.. وعزة النفس لديك، وأنا علي ذلكم من الشاهدين، هي عرشك وتاجك، لا قصور ولا فيلل ولا ملايين في البنوك، فقط شقة المهندسين، هي هي لم تتغير، ورصيدها الإخلاص، والذكري للإنسان عمر ثان.
وتطول اللحظة.. وأنات الألم المنبعثة من صدرها تستعيدني من الإسترجاع والاستغراق، وأفارق أستاذتي وأمي، فالعناية المركزة لا تحتمل، وأناتي تتساوي مع أناتها، وتخلد هي للراحة، وأحسبها وأتحسبها"غفوة" فإذا هي النقطة الأخيرة في السطر. فقد جاءني صوت الابن الحبيب محمد أنور ماضي وشقيقته الحبيبة رشا، في السابعة من صباح السبت الماضي، والصوت : الصمت الأبدي، و"إنا لله وإنا إليه راجعون" وأردد مصليا مترحما "يا أيتها النفس المطمئنة ارجعي إلي ربك راضية مرضية، فادخلي في عبادي وادخلي جنتي" صدق الله العظيم.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.