في النصف الأول من السبعينات كنت اعمل في مجلة "الشباب والمعركة" التي تغير اسمها إلي " الشباب" فيما بعد ثم توقفت عام 1975 وهي مجلة كان يصدرها الاتحاد الاشتراكي ويشرف عليها المرحوم ممدوح طه أحد كبار صحفيي الأهرام . كنت طالبا في كلية الإعلام وكانت المجلة تحفيزا للشباب للمشاركة في حرب أكتوبر المجيدة التي كانت قد انتهت بانتصار أكتوبر العظيم وكان مقرها بالمبني الذي سكنه الحزب الوطني علي كورنيش النيل فيما بعد وكان المبني الذي يقع بجوار المتحف المصري مقرا للجنة المركزية للاتحاد الاشتراكي .. وكلفت وقتها بإجراء حوارات مع رؤساء عدد من حركات التحرر الإفريقية التي وجدت في مصر الملاذ الآمن والحضن الدافئ .. كانت أغلب هذه البعثات الدبلوماسية يقع في حي الزمالك وكانت مصر في ذلك الوقت تقدم لهم كل شيء.. الدعم السياسي والمالي والمقر .. كان هذا نابعا من الموقف المصري الرسمي والشعبي لمساندة الأخوة في القارة السمراء ولم تكن مصر تبخل بشيء عليهم وكان أسم مصر يتلألأ في عموم افريقيا وتلقي تقديرا كبيرا منهم .. وحقيقة الأمر أن الجميع كانوا يشيدون بالدور المصري العظيم.. كانت مصر تقود حركة التحرر من الاستعمار وتدفع أبناء القارة إلي مقاومة المحتل وكان الزعيم جمال عبد الناصر يسعي جاهدا بالمال والسلاح ضد الاستعمار بكل اشكاله ولعل هذا كان سببا رئيسيا في العدوان الثلاثي علي مصر عام 1956، وكلنا ما يزال يتذكر تحالف عبد الناصر وجوليوس نيريري زعيم تنزانيا ونكروما زعيم الكونغو وموقف ناصر من باتريس لوممبا الذي أصر علي حضور القمة الإفريقية بدون دعوة رسمية وهبط في مطار القاهرة الدولي واحتجزته السلطات حتي انتهاء القمة . كانت مصر في هذا الوقت منفتحة تماما علي إفريقيا وكانت المساعدات المصرية لا تتوقف لدول القارة ولعلنا لا ننسي قصة إنشاء شركة النصر للتصدير ومقارها المنتشرة في دول القارة لمساعدة الأفارقة وكانت مكاتبها مقرا لمقاومة التغلغل الإسرائيلي في إفريقيا وكانت حرب المخابرات بيننا وبين إسرائيل تدار منها ولعلنا نتذكر أيضا قصة الحفار وكيف أدارت المخابرات العامة المصرية معركتها من داكار عاصمة السنغال لتدمير الحفار الذي استأجرته إسرائيل للتنقيب عن البترول في شبه جزيرة سيناء .. كانت إفريقيا دائما الظهير القوي لمصر وكانت علاقات مصر وأثيوبيا علي أحسن ما تكون وكانت العلاقة بين ناصر وهيلاسلاسي أمبراطور أثيوبيا نموذجية .. وذهب ناصر للقاء ربه في 28 سبتمبر 1970 وجاء السادات وظلت العلاقات قوية بين مصر وأخواتها حتي بعد انتصار أكتوبر ثم بدأت تخبو جذوتها مع نهاية السبعينات إلي أن جاءت سنوات حكم مبارك لتدير مصر وجهها بعيدا عن دول القارة وأصبحت العلاقات روتينية ساءت بعد محاولة اغتياله في أديس أبابا وابتعدت إفريقيا عن مصر وتغلغلت إسرائيل فيها وفقدنا دورنا الريادي إلي أن قامت ثورة 25 يناير وبدأت العلاقات تعود رويدا رويدا.. سفر الرئيس الدكتور محمد مرسي إلي أديس أبابا ومشاركته في القمة الإفريقية خطوة هامة علي طريق استعادة مصر لدورها التاريخي والاستقبال الحافل الذي قوبل به هناك يعكس قيمة مصر وبساطة رئيسها الذي يتحدث بعفوية وتواضع وكان خطابه صادقا بكل ما يحمل من معني وإعلانه تسخير مصر إمكاناتها لخدمة التنمية في إفريقيا وأسلوب خطابه المحترم غير المتعالي .. كل هذا يصب في صالح علاقات متوازنة بين مصر وقارتها السمراء فالخطر يحيط، بنا وإسرائيل تلعب علي الجميع وتستغل حالة الجفاء بيننا وبينهم .. أنا متفائل الآن فقط بمستقبل العلاقات المصرية الإفريقية .. " ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا" »صدق الله العظيم« وندعو اله أن يهيئ لنا من أمرنا رشدا. يا رئيس حي مصر القديمة ! سؤال يشغل بال كل من يسكن في شارع صلاح سالم بجوار حديقة الفسطاط .. لماذا تترك الشارع مظلما في الجانبين وتعرض حياة الناس للخطر من السيارات المسرعة .. ولماذا عاد الناموس ينتشر بكثرة في الشوارع بعدما كان قد اختفي .. ولماذا تترك الشوارع بدون نظافة والقمامة فيها علي النواصي .. عيب عليكم لأن مقر الحي وهذه الشوارع جيران !