محمد درويش حملت الراحلة حُسن شاه الكثير من مدلول اسمها، كانت ست الحسن في مخاطبة الناس بدءا من أصغر عامل في دار أخبار اليوم مرورا بأبنائها المحررين وزملائها وحتي قيادات المؤسسة التنفيذيين رغم انها كانت واحدة من رواد الجيل الأول الذي كسر احتكار العمل الصحفي وخرج به من مضمار الرجال فقط الي ساحة النساء وقادت مع زميلات لها معارك اثبات ذات فكانت كل واحدة منهن ربة اللسان الفصيح والقلم الرشيق. تفاجأ وأنت ذلك النبت الذي يخطو خطواته الاولي في سبعينيات القرن الماضي بالكاتبة العظيمة وهي تخاطبك سواء وجها لوجه أو عبر الهاتف قائلة لو سمحت يا أستاذ فلان.. تصيبك الدهشة من ان اسمك قد سبقه صفة الاستاذ علي لسان من تعرفها مصر كلها وتقرأ لها وتنتظر يومياتها في الاخبار وصفحتها الانسانية كل يوم جمعة والتي اعتذرت عن كتابتها منذ اكثر من عام بسبب ظروف مرضها.. وكما كانت ست الحُسن في خطابها مع الناس، كانت ست الحُسن في سطورها الرشيقة وبصماتها في مدرسة اخبار اليوم تلك البصمة التي تجعل من عرض الكاتب لقضايا المجتمع كالسهل الممتنع، الاسلوب التلغرافي والكلمات البسيطة التي يوجهها روادنا ابناء اخبار اليوم الي القراء بكل فئاتهم ونوعياتهم فتستوعبها النخبة والصفوة كما يستوعبها البسطاء الذين يجيدون القراءة فقط ويجدوا همومهم ومتاعبهم في عرض سلس وحلول واقعية عملية تضعها الراحلة الكريمة بين يدي المسئولين.. ربما لم تتح الفرصة لواحد مثلي في التعامل المباشر مع السيدة حُسن شاه الا مع عام 5002 عندما اصبحت ضمن فريق العمل المسئول عن متابعة صفحات المقالات في الاخبار واليوميات ورغم مضي اكثر من ربع قرن علي العمل إلا ان الحوار معها حول فقرة في اليوميات او جملة تري هي تغييرها وتطلب منك رأيك في ايهما افضل هذا التعبير أم ذاك، كان هذا الحوار يكسبني خبرة جديدة في الحرص علي القاريء وعلي كل كلمة توجه له، وكيف لنا ان يكون هذا القاريء نصب اعيننا ونحن نخاطبه عبر صفحات الجريدة وليكن رأيه مهما كانت وجهة نظر الكاتب في هذا الرأي علي العين والرأس ولنناقشه بالحسني دون ان يتعجرف الكاتب أو يضع نفسه في برج عاجي يبتعد به عن الناس.. جمهوره وقراؤه.. تخطت رحمها الله الثمانين من العمر، وواجهت في السنوات الاخيرة محنة المرض والاحتجاز بالمستشفي ورغم ذلك لم تتخل عن القلم الا نادرا ولم تعتذر عن يومياتها الا مع استحالة الكتابة ولم يشعر قراؤها ان صاحبة هذا القلم غابت إلا مع خبر انتقالها للرفيق الاعلي.. لقد غابت بجسدها ولكن سيبقي عطاؤها للصحافة المصرية والعربية وللمرأة المصرية.. معينا لا ينضب.