محمد بركات لم تكن الأستاذة حُسن شاه، التي فقدناها بالأمس، مجرد فارسة نشطة، ونجمة لامعة في بلاط صاحبة الجلالة، ودار أخبار اليوم، ولكنها كانت، وبحق كاتبة وأديبة وصحفية من طراز فريد لديها القدرة الفائقة علي الإبداع الفني والأدبي في أرقي صوره، والمقدرة العظيمة علي الحس الصادق والواعي بقضايا المجتمع، ومعاناة البشر ومواجعهم بصفة عامة، والمرأة بصفة خاصة، خلال تشابكهم وصراعهم الدائم مع الموروث الاجتماعي والثقافي الجائر في أحيان، وغير المنصف للمرأة في أحيان أخري. كانت المبدعة حسن شاه، رحمها الله، محاربة صلبة ضد كل ما تراه وتؤمن بأنه ظلم من جانب الإنسان لأخيه الإنسان، وكانت لها صولات وجولات صحفية وأدبية في هذا الميدان، دفاعا عما تؤمن به وتثق أنه الحق الذي يجب أن تقف بجانبه. ولعل أبرز هذه المواقف علي الإطلاق، تلك المعركة شديدة الجسارة التي خاضتها لنصرة المرأة، ومقاومة ما تتعرض له من ظلم إنساني واجتماعي شديدين، من جانب الرجل في حالة استحكام الخلافات التي يستحيل معها استمرار الحياة الزوجية بينهما بالصورة التي أوصانا بها الله سبحانه وتعالي في كتابه الكريم " إمساك بمعروف أو تسريح بإحسان " وتعسف البعض من الرجال في رفضهم العمل بذلك، وتركهم المرأة معلقة فلا هي زوجة ولا هي مطلقة. وفي هذه القضية كان للصحفية والكاتبة والأديبة حسن شاه دور كبير في إعلان الرفض لاستمرار هذا الظلم البين، الذي تتعرض له المرأة، وخاضت معركة شديدة الجسارة للدفاع عن حق المرأة في أن يتم تسريحها بإحسان، وكتبت رائعتها " أريد حلا " والتي كانت صرخة مدوية في التعبير الصادق عن الظلم الفادح الذي تتعرض له المرأة، وهو ما أدي الي تعاطف اجتماعي واسع مع القضية العادلة التي تبنتها حسن شاه، وكان من نتيجة ذلك تعديل قانون الأحوال الشخصية، وانتهاء هذا التعسف. واستمرت حسن شاه بعد ذلك في أداء رسالتها الإنسانية والاجتماعية، في نصرة كل مظلوم، والوقوف مع كل صاحب حق، من خلال أدائها الصحفي المتميز، وصفحتها بالغة الأثر في " أخبار اليوم " " ثم الأخبار" والتي اختارت لها عنونا " أريد حلا " تم من خلال يومياتها في الأخبار، التي كانت نموذجا للتفاعل الإنساني والاجتماعي الصحيح والحي بين الصحفي وجميع القراء. رحم الله " حسن شاه " فقد كانت صحفية لامعة وكاتبة وأديبة مبدعة، وقبل ذلك إنسانة رائعة وزميلة وصديقة لها في قلوب وعقول الجميع مكانا ومكانة تقوم علي المودة والتقدير والاحترام.