5 دول لن تشهد انتخابات مجلس الشيوخ.. سوريا والسودان وإسرائيل أبرزهم    محافظ القليوبية يتابع أعمال النظافة ورفع الإشغالات بالخصوص    الرئيس الإيراني يبدأ زيارة رسمية إلى باكستان السبت لتعزيز التعاون الثنائي    ملك المغرب يعطي تعليماته من أجل إرسال مساعدة إنسانية عاجلة لفائدة الشعب الفلسطيني    الرئاسة الفلسطينية: مصر لم تقصر في دعم شعبنا.. والرئيس السيسي لم يتوان لحظة عن أي موقف نطلبه    فرنسا تطالب بوقف أنشطة "مؤسسة غزة الإنسانية" بسبب "شبهات تمويل غير مشروع"    القوات الأوكرانية خسرت 7.5 آلاف عسكري في تشاسوف يار    البرلمان اللبناني يصادق على قانوني إصلاح المصارف واستقلالية القضاء    تقرير: مانشستر يونايتد مهتم بضم دوناروما حارس مرمى باريس سان جيرمان    عدي الدباغ معروض على الزمالك.. وإدارة الكرة تدرس الموقف    خالد الغندور يوجه رسالة بشأن زيزو ورمضان صبحي    راديو كتالونيا: ميسي سيجدد عقده مع إنتر ميامي حتى 2028    أبرزهم آرنولد.. ريال مدريد يعزز صفوفه بعدة صفقات جديدة في صيف 2025    مصر تتأهل لنهائي بطولة العالم لناشئي وناشئات الإسكواش بعد اكتساح إنجلترا    جنوب سيناء تكرم 107 متفوقين في التعليم والرياضة وتؤكد دعمها للنوابغ والمنح الجامعية    تحقيقات موسعة مع متهم طعن زوجته داخل محكمة الدخيلة بسبب قضية خلع والنيابة تطلب التحريات    محافظ القاهرة يقود حملة لرفع الإشغالات بميدان الإسماعيلية بمصر الجديدة    نيابة البحيرة تقرر عرض جثة طفلة توفيت فى عملية جراحية برشيد على الطب الشرعى    مراسل "الحياة اليوم": استمرار الاستعدادات الخاصة بحفل الهضبة عمرو دياب بالعلمين    مكتبة الإسكندرية تُطلق فعاليات مهرجان الصيف الدولي في دورته 22 الخميس المقبل    ضياء رشوان: تظاهرات "الحركة الإسلامية" بتل أبيب ضد مصر كشفت نواياهم    محسن جابر يشارك في فعاليات مهرجان جرش ال 39 ويشيد بحفاوة استقبال الوفد المصري    أسامة كمال عن المظاهرات ضد مصر فى تل أبيب: يُطلق عليهم "متآمر واهبل"    نائب محافظ سوهاج يُكرم حفظة القرآن من ذوي الهمم برحلات عمرة    أمين الفتوى يحذر من تخويف الأبناء ليقوموا الصلاة.. فيديو    ما كفارة عدم القدرة على الوفاء بالنذر؟ أمين الفتوى يجيب    القولون العصبي- إليك مهدئاته الطبيعية    جامعة أسيوط تطلق فعاليات اليوم العلمي الأول لوحدة طب المسنين وأمراض الشيخوخة    «بطولة عبدالقادر!».. حقيقة عقد صفقة تبادلية بين الأهلي وبيراميدز    النزول بالحد الأدنى لتنسيق القبول بعدد من مدارس التعليم الفني ب الشرقية (الأماكن)    لتسهيل نقل الخبرات والمهارات بين العاملين.. جامعة بنها تفتتح فعاليات دورة إعداد المدربين    محقق الأهداف غير الرحيم.. تعرف على أكبر نقاط القوة والضعف ل برج الجدي    وزير العمل يُجري زيارة مفاجئة لمكتبي الضبعة والعلمين في مطروح (تفاصيل)    هيئة الدواء المصرية توقّع مذكرة تفاهم مع الوكالة الوطنية للمراقبة الصحية البرازيلية    قتل ابنه الصغير بمساعدة الكبير ومفاجآت في شهادة الأم والابنة.. تفاصيل أغرب حكم للجنايات المستأنفة ضد مزارع ونجله    الشيخ خالد الجندي: الحر الشديد فرصة لدخول الجنة (فيديو)    عالم بالأوقاف: الأب الذي يرفض الشرع ويُصر على قائمة المنقولات «آثم»    تمهيدا لدخولها الخدمة.. تعليمات بسرعة الانتهاء من مشروع محطة رفع صرف صحي الرغامة البلد في أسوان    ليستوعب 190 سيارة سيرفيس.. الانتهاء من إنشاء مجمع مواقف كوم أمبو في أسوان    تعاون مصري - سعودي لتطوير وتحديث مركز أبحاث الجهد الفائق «EHVRC»    كبدك في خطر- إهمال علاج هذا المرض يصيبه بالأورام    محافظ سوهاج يشهد تكريم أوائل الشهادات والحاصلين على المراكز الأولى عالميا    الوطنية للصلب تحصل على موافقة لإقامة مشروع لإنتاج البيليت بطاقة 1.5 مليون طن سنويا    وزير البترول يبحث مع "السويدى إليكتريك" مستجدات مجمع الصناعات الفوسفاتية بالعين السخنة    هشام يكن: انضمام محمد إسماعيل للزمالك إضافة قوية    ضبط طفل قاد سيارة ميكروباص بالشرقية    حملة «100 يوم صحة»: تقديم 23 مليونًا و504 آلاف خدمة طبية خلال 15 يوماً    انطلاق المرحلة الثانية لمنظومة التأمين الصحي الشامل من محافظة مطروح    SN أوتوموتيف تطلق السيارة ڤويا Free الفاخرة الجديدة في مصر.. أسعار ومواصفات    خبير علاقات دولية: دعوات التظاهر ضد مصر فى تل أبيب "عبث سياسي" يضر بالقضية الفلسطينية    بدء الدورة ال17 من الملتقى الدولي للتعليم العالي"اديوجيت 2025" الأحد المقبل    يديعوت أحرونوت: نتنياهو وعد بن غفير بتهجير الفلسطينيين من غزة في حال عدم التوصل لصفقة مع الفصائل الفلسطينية    تنسيق الجامعات 2025.. تفاصيل برنامج التصميم الداخلي الإيكولوجي ب "فنون تطبيقية" حلوان    وزير الصحة يعلن تفاصيل زيادة تعويضات صندوق مخاطر المهن الطبية    طارق الشناوي: لطفي لبيب لم يكن مجرد ممثل موهوب بل إنسان وطني قاتل على الجبهة.. فيديو    أمانة الاتصال السياسي ب"المؤتمر" تتابع تصويت المصريين بالخارج في انتخابات الشيوخ    حالة الطقس ودرجات الحرارة المتوقعة اليوم الخميس 31-7-2025    فوضى في العرض الخاص لفيلم "روكي الغلابة".. والمنظم يتجاهل الصحفيين ويختار المواقع حسب أهوائه    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



د. عمار علي حسن أستاذ الاجتماع السياسي:الرغبة في الاستحواذ غريزة أساسية لدي الإخوان
نشر في الأخبار يوم 10 - 07 - 2012

ليس فقط صحفيا وباحثا وأستاذا في علم الاجتماع السياسي، بل هو أيضا روائي وأديب وله عدد مهم من الأعمال الأدبية التي حصل بها علي الجوائز المصرية والعربية وليس آخرها جائزة التفوق في الآداب والعلوم الاجتماعية التي أهداها لشهداء الثورة الذين كان واحدا من أهم البوصلات الفكرية التي ساندتهم في قراءة المشهد المستقبلي حتي آتت الثورة أُكلها وأصبح لدينا أول رئيس مدني لدولة مدنية.. انه د. عمار علي حسن الذي اختص الأخبار بهذا الحديث عن مجمل التحديات التي تواجه الرئيس خلال الفترة المقبلة، كما تحدث عن صلاحيات الرئيس وفق الإعلان الدستوري وتخوف الأقباط من تنامي دور جماعات الإسلام السياسي وغيرها من الموضوعات الآنية التي تطالعها في هذا الحوار:
بداية.. كيف قرأت ما بين السطور في خطابات الرئيس الأولي؟
د. محمد مرسي خارج من عباءة جماعة دينية، الخطاب جزء أساسي في ثقافتها، وهي تعتمد علي الارتجال، وعلي الحدس، وعلي استدعاء المخزون المعرفي المباشر، وعلي استخدام عبارات ومفردات هي بنت هذه الثقافة، وانتقل فجأة إلي حقل ومسار لم يألفه، وربما لم يخطر في باله في يوم من الأيام، ومن ثم كان من الصعب عليه أن ينتقل فجأة من هذه الحاضنة الدينية، وهذا السمت المحدد، واللغة الخطابية المعينة، إلي خطاب رجل الدولة المسئول الذي يعرف أن العالم يتابع ما يقوله، ويبني علي هذا مواقفه وسياساته وردود أفعاله، ومن هنا نصح كثيرون الرئيس مرسي أن يقرأ خطاباته مكتوبة وأن يعدها سلفا، وإذا خرج عن النص، يخرج في حدود التأويل والتفسير والإضافة، وليس في حدود طرح موضوعات مغايرة والخروج عن المسار المحدد بشكل كبير، وقد ظهر هذا في خطابه بجامعة القاهرة مقارنة بخطابه في ميدان التحرير، وأنا أتصور أن الرئيس بحاجة إلي من يكتب له خطاباته، لأن رئاسة الدولة تختلف كثيرا عن رئاسة حزب »الحرية والعدالة« وما يقال عن شحن الجماهير أيام الانتخابات يختلف عما يقال للشعب وللأمم من رئيس دولة منتخب، وأيضا رئيس الدولة يجب عليه ألا يُستلب تجاه الجماهير المتواجدة أمامه، التي من الممكن إذا استحسنت شيئا أن يعيد تكراره، وقد تجذبه أو تستدرجه إلي فخ معين، مثلما حدث فيما يتعلق بالشيخ عمر عبدالرحمن حين رفعت أمام الدكتور مرسي لافتة عريضة تطالبه بعدم نسيانه قضية الشيخ عمر عبدالرحمن، واستجاب علي الفور لهذه المسألة، فمخاطبة الجماهير لها فنونها، ويفضل إن لم يكن هناك خطاب معد سلفا بشكل كامل فعلي الأقل تكون هناك نقاط محددة تعين أو تبين ما يريد الرئيس أن يقوله بشكل واضح ومحدد.
صلاحيات الرئيس
هناك من يقولون إن لدينا نصف رئيس إذا لم يحصل الرئيس علي صلاحياته كاملة.. بماذا تفسر ذلك؟
هناك شقان: شق قانوني تهندسه النصوص الموضوعة، وشق يرتبط بالممارسات علي أرض الواقع. الشق القانوني يقول ان صلاحيات الرئيس مقيدة بالإعلان الدستوري المكمل، ومع ذلك ووفق الإعلان الدستوري الأصلي فهي صلاحيات معقولة وكبيرة، لكن يده ليست مطلقة، بل هي مغلولة في بعض الملفات، لاسيما حيال المؤسسة العسكرية، ولا يقل من هذا القيد الأعمال البروتوكولية التي يحضرها الرئيس مثل تخريج دفعات من الكليات العسكرية أو قيام أعضاء المجلس العسكري بأداء التحية له، لكن علي الوجه الآخر المهارات الشخصية للرئيس وقدرته علي التفاوض، قدرته علي استدعاء الجماهير واستحضارها في المشهد السياسي، مصارحته للشعب بما يجري، اختياره لمستشاريه ومعاونيه ونوابه وأركان سلطته وحكومته.. كل هذه الأمور يمكن أن يستخدمها في الواقع للانتزاع الحقيقي والطبيعي لصلاحياته، بغض النظر عن الوضع داخل النصوص القانونية، ولا ننسي أيضا ان الاعلان الدستوري القائم والمكمل هو اعلان مؤقت سينقضي بوضع دستور جديد للبلاد، وهو الذي سيحدد صلاحيات الرئيس، ومن ثم فصلاحيات الرئيس الموجودة حاليا هي صلاحيات بها قدر كبير من التضارب، لكنها ستهندس وتحدد في الدستور، إذا وضع هذا الدستور سواء عبر الجمعية التأسيسية الحالية أو جمعية أخري يشكلها المجلس العسكري وفق الاعلان المكمل إذا أخفقت هذه الجمعية في الاستمرار لسبب قضائي، أو بسبب انقسامها وانحلالها، فصلاحيات الرئيس تدور في هذا الفلك.
خلافات المادة الثانية
بالحديث عن الدستور.. هناك اختلافات حالية خاصة بين جماعات الإسلام السياسي حول المادة الثانية، وهل هي مبادئ الشريعة أو أحكام الشريعة، أو الشريعة فقط.. الخ.. ما تعليقك؟
أولا هذه المادة كيف وضعت، وكيف جاءت إلي الدستور.. في دستور 32 كان يتحدث عن أن دين الدولة الرسمي هو الإسلام ولغتها هي اللغة العربية، والرئيس السادات حين أراد أن يغير مادة في الدستور تمنحه فرصة البقاء في الحكم عدل المادة 77 من »مدتين« إلي »مدد« ومرر في ركابها مادة الشريعة الإسلامية المادة الثانية من دستور 17 واستخدم التيار الإسلامي للأسف للتسويق لهذا التعديل في الشارع، وبناء علي هذا الخطأ الكبير حكم مبارك مصر ثلاثين سنة، بفعل التيار الإسلامي، وبدعوي ان الرئيس المؤمن أنور السادات سيطبق الشريعة، وضعت مادة الشريعة علي الرف، لأن الشريعة حقوق وليست حدودا، وفعِّلت المادة الخاصة ببقاء الرئيس في الحكم.. ثم دار الزمن وعدنا إلي مثل هذه التفاهات. أولا: الإسلام موجود في الضمائر والنفوس ولا غني عن الدين. ثانيا: الشريعة مطبقة كاملة في حياتنا المعيشية، بمعني إذا كانت الشريعة تعني مائتي آية في القرآن الكريم من ستة آلاف آية تتحدث عن التشريعات فهي مطبقة كاملة، لأن أغلب هذه التشريعات يتحدث عن الأحوال الشخصية، والأحوال الشخصية تدرس في كليات الحقوق وفق الشريعة الإسلامية. لا يبقي سوي تلك المتعلقة بالحدود، والحدود لا تطبق إلا إذا توافرت الحقوق. فقطع يد السارق يتطلب أولا أن تكون الدولة قد وفرت له ولأهله وذويه الطعام، كما ان الفقهاء تحدثوا عن »التعزير« بمعني أنه يمكن تعطيل الحكم نصا والاستعاضة عنه بعقوبة أخري يمكن أن تكون السجن، لكن هؤلاء الذين يريدون منا أن ننزلق من المبادئ التي تتحدث عن الأصول والمقاصد والقيم العامة في الإسلام إلي الأحكام وهي مسألة بشرية عليها اختلاف، هؤلاء يريدون في حقيقة الأمر أن يدخلونا في مجاهل لا حصر لها، والآن يتحدثون عن ضرورة أن ينص علي المذاهب الأربعة في الدستور، هذا علم رجال، وهذا كلام رجال، وهذه فتاوي وآراء أعدت للزمن السابق، وقليل منها يصلح أن يطبق الآن في موضوع المعاملات، وما فيها يخص العبادات لا خلاف عليه اطلاقا، لم يقل أي مسلم، يساريا أو ليبراليا أو حتي مواطنا عاديا إن صلاة الظهر ست ركعات مثلا، فكلنا نصليها أربع ركعات، ونصوم رمضان بطريقة معينة ونحج بطريقة معينة وفق هذا الفقه. أما فيما يخص المعاملات فالأمر تغير لأن الزمن تطور، والذين وضعوا هذا الفقه أنفسهم يقولون ذلك. لكن هناك تيارا يريد أن يلزمنا بكلام بشري باعتباره هو الشرع، والكلام البشري فيه أقوال متضاربة، وهذا سيحدث أزمة مستفحلة للقضاء، كما ان المحكمة الدستورية ذكرت صراحة ان مادة الشريعة تخص المشرع وليس القاضي، لأنه عقب وضع هذه المادة بعض القضاة حكم بالجلد مثلا، ووقتها تدخلت المحكمة الدستورية وقالت إن تلك المادة موجهة للمشرع وهو الذي يضع القوانين التي يطبقها القاضي ويلتزم بها، ومن ثم تبقي هذه المادة للمشرع، فإذا تحدثنا عن المبادئ فإننا نتحدث عن روح الإسلام وعن مقاصد الشرع العامة التي لا خلاف عليها، وإذا تحدثنا عن الأحكام فنحن نفتح بابا للخلافات لا ينتهي، وهو يريد أن يطبق الأحكام وفق فقه ابن تيمية، لكنني يروق لي فقه ابن حزم مثلا، هو يريد الغزالي في مرحلته الأولي، وأنا أريد الغزالي فيما بعد مرحلة »المنقذ من الضلال« حين تغير، وهذه مسألة صعبة جدا.
المواطنة أولا
أيضا بعض هؤلاء الأصوليين يرفضون وجود امرأة أو مسيحي نائبا للرئيس كيف سيستقيم الوضع بينهم وبين الرئيس الذي هو أيضا من تيار إسلامي سياسي؟
هم يعتبرون أن هذه من الولايات العامة ويفكرون بالطريقة القديمة وينسون أن دولة الخلافة العثمانية التي يريدون إعادتها إلي قيد الحياة كانت تعتمد اعتمادا كبيرا علي أهل الذمة في الوظائف الكبري في الدولة نتيجة أنهم كانوا أهل خبرة في الإدارة وفي جمع الأموال وفي مسائل الضرائب وأعمال الصرافة، وكل هذه الأمور المتعلقة بإدارة الشأن العام، هذه واحدة، مسألة ثانية وهي كيف ينص في الدستور في المادة الأولي منه مثلا علي المواطنة وأن المواطنين أمام القانون سواء، وأن المواطنين متساوون في الحقوق والواجبات، ثم تمنعهم حقا من الحقوق، أليس من حق المسيحي وفق القانون أن يرشح نفسه لرئاسة الجمهورية، يمكن، ولكنهم بحكم الأمر الواقع لا يتقدمون لهذا الأمر، ووجدنا في الانتخابات 31 مرشحا ليس بينهم مسيحي، وكان بوسع أي واحد فيهم أن يتقدم، ولكنهم من باب الشعور العام لا يذهبون هذا المذهب، والبعض يقول إن هناك دولا تشترط في رئيس الدولة أن يكون من مذهب معين.. هذا صحيح، لكن في مصر المسيحيين لا يزاحمون علي رئاسة الدولة، ولا أتصور أنهم من الممكن أن يحوزوا هذا المنصب لأسباب عديدة، لكن فيما يتعلق بنائب من بين عدة نواب مكلف بملفات وصلاحيات معينة، هذا موضوع في غاية الأهمية لفض الاحتقان ولقطع الطريق علي من يريدون اثارة الفتن لاسيما بعد أن وصل إلي سدة الحكم رجل محسوب علي جماعات الإسلام السياسي، ومن ثم فهذه القضية من باب السياسة ومن باب الكياسة ومن باب سد الذرائع، ومن باب قطع الطريق علي من يريدون فتنة طائفية أو استخدام هذا الملف للكيد للدولة المصرية في الفترة المقبلة، أو محاولة اعطاء صورة ايجابية عن حكم الإخوان المسلمين لمصر.. من كل هذه الأبواب التفكير أن يكون هناك نائب مسيحي من بين نواب رئيس الجمهورية مسألة ضرورية ومهمة لمن يفهمونها وفق مقتضيات العصر، والضرورات تبيح المحظورات، ان كان هذا محظورا من وجهة نظرهم، وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب، وأيضا علي أساس ان المواطنة مسألة أساسية وهي المبدأ الرئيسي الذي يهندس العمليات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والقانونية في هذا البلد.
أعداء الثقافة
كيف تنظر إلي مستقبل الثقافة وسط هدير موجات التيار الإسلامي السياسي خاصة ان أغلبهم كان كثيرا ما يناصبها العداء؟
هذا التيار علاقته بالثقافة دائما علاقة مخاصمة، وعلاقة تصيد وتربص، فقرة في رواية، عبارة في قصة، بيت شعر في قصيدة، يثيرون دائما زوبعات متلاحقة، هذا عيب في الذات الإلهية، هذا سب في الصحابة، هذا خروج علي الشرع، هذا جرح للدين، هذا تجديف بالعقيدة وازدراء لها، وهي مسائل في حقيقة الأمر شغلت التيار الإسلامي فترة طويلة، ولم ينشغل بإنتاج ثقافة أصيلة خاصة به تراعي هوية هذا البلد وخصوصياته، وتراعي مقتضيات الابداع والجوانب الجمالية، ومن ثم تجد قلما أنتج هذا التيار شاعرا كبيرا أو روائيا عظيما باستثناء نجيب الكيلاني الذي كان حالة نادرة في هذا التيار. الإسلاميون إذا ركزوا علي الإنجاز الاقتصادي وتطبيب العوز الاجتماعي فأعتقد ان هذا مجال يمكن النجاح فيه، إذا انزلقوا إلي محاولة تغيير روح مصر وثقافة مصر وهوية مصر فسيفشلون فشلا ذريعا، لأن هذا البلد كبير وعميق، وتمكن عبر تاريخ طويل أن يهضم ثقافات وافدة وواردة وأن ينتصر عليها وأن يمصرها وأن يذوبها تذويبا كاملا في منظومته القيمية والمعرفية، بعض التيار الإسلامي يفهم هذا ويراعي ذلك بشكل أو بآخر، والإخوان المسلمين يراعون هذه المسألة إلي حد ما ويتفهمون ان طاقة مصر الابداعية في الفنون والآداب وانتزاع حقوق التعبير كبيرة ولديها أنيابها ومخالبها التي تستطيع من خلالها أن تدافع عن نفسها، وأنها لقمة غير سائغة، وبالتالي هم لا يريدون الدخول في معركة من هذا القبيل، لاسيما ان الإخوان برجماتيون، أي إذا وجدوا ان هذا الملف سيسبب لهم مشاكل سيبتعدون عنه ابتعادا كاملا، وعلي العكس من ذلك التيارات السلفية، لديها أوهام بأنها قادرة علي أن تغير وأن تجبر المواطنين المصريين علي سلوك معين في المعيشة وفي الحياة وفي السير في الطريق وفي مقاعد الدراسة، ويريدون استعارة النموذج السعودي لتطبيقه في مصر وهو غير صالح اطلاقا، وسيفشلون فشلا كاملا، والمجتمع لن يقبل، وأنا حين قابلت الشيخ ياسر برهامي، نصحته قبل الانتخابات التشريعية، بأن يكف عن قراءة الفقه ستة أشهر ويقرأ الفلكلور المصري، وعندما سألني لماذا؟ قلت له: لأن الفلكلور يغلب الفقه، وأنتم تريدون حكم بلد لا تعرفون شيئا عن روحه وعن موروثه الشعبي والحضاري وعن جيناته المعرفية والثقافية المتوارثة، وعن طبقاته ورقائقه الحضارية، وبالتالي من يحكم مصر يجب أن يفهمها لأنها بلد كبير قادر علي الصد والرد وروحه جبارة، ومن لا يدرك ذلك سيخسر خسرانا مبينا.
حقوق والتزامات
ألا تري أن صعود هذا التيار يؤدي إلي تخوف الأقباط؟ وقد يشكل خطرا علي فكرة المواطنة نفسها؟
أنا لا أميل إلي مصطلح الأقباط لأنه مصطلح يخص المسلم والمسيحي، والعلم أثبت أن 69٪ من المصريين جيناتهم الوراثية مرتبطة أو شبيهة بالجينات الوراثية للفراعنة التي توجد في الممياوات القديمة، والإسلام ظل أقلية في مصر حتي العصر الفاطمي حيث حدث التحول الكبير من المسيحية إلي الإسلام، فنحن أغلبنا أقباط، أما فيما يتعلق بالاخوة المسيحيين فأنا أعتقد ان صعود التيار الإسلامي يشكل فزعا لبعض الأطراف، وعلي هذا التيار أن يطمئن المسيحيين باعتبارهم مواطنين لهم جميع الحقوق وعليهم جميع الواجبات، علي مستقبلهم، وعليه أيضا أن يرفع عنهم الغبن الذي كان موجودا أيام النظام السابق إذ كان يميز ضدهم، وعليه أن ينظر في مشاكلهم ومنها بناء الكنائس وهي قد لا تكون قضية ملحة لكن الممنوع مرغوب، وعليه أن يمنع أي باب للتدخل الخارجي في الشأن المسيحي، وهذا لن يتم إلا باحتضان التيار الرئيسي داخل المسيحيين، هناك فئة لن يعجبها العجب، ولديها مصالح، وتحركها أياد خارجية، لكن هؤلاء قلة قليلة محصورة، خططها وطريقتها غير مقبولة من التيار العريض داخل المسيحيين المصريين، وهؤلاء هم الذين يجب أن يراهن عليهم التيار الإسلامي في لم شمل هذه الدولة وعدم اثارة الفتنة الطائفية، المسيحيون أيضا عليهم التزامات، أولا: أن أي مشكلة تثار تحل علي أرضية وطنية. ثانيا: ان ممارسة السياسة يجب أن تتم عبر ميادينها وأبوابها الطبيعية وهي الأحزاب السياسية والحركات الاجتماعية وليس من خلال الكنيسة. ثالثا: انه إذا حدث جور أو خلل أو سوء إدارة من قبل التيار الإسلامي للدولة المصرية فإن نتائجه لا تخص المسيحيين فقط، إنما هي علي الجميع، المسلمين قبل المسيحيين .
مجلس مرفوض
هناك أزمة شديدة حاليا بين الصحف القومية ومجلس الشوري.. كيف تنظر إليها في ظل الاتهامات التي توجه للإخوان بمحاولة الاستحواذ والانتقام من هذه الصحف؟
المسألة متدرجة، أولا: مجلس الشوري هذا ملفوظ من الشعب المصري وهذه المؤسسة مرفوضة بدليل ان الناس أحجمت عن التصويت في انتخابات مجلس الشوري وكأن أحد المطالب الأساسية المرفوعة في ميدان التحرير هو إلغاء هذه المؤسسة التي تكلف الدولة أعباء بلا طائل، والبعض طرح أنه إذا أردنا بقاء هذه المؤسسة فيجب أن تكون لها صلاحيات محددة في الدستور أوسع من تلك التي كانت في دستور 17 والذين طرحوا هذه الصلاحيات قالوا ليس من بينها فكرة الاشراف علي الصحافة، ويفضل أن تكون هناك هيئة مستقلة لمتابعة شئون الصحف. والصحفيون في الماضي كانوا يفاجأون باختيار رؤسائهم وبعضهم لم يكن مرضيا عنه، وبعضهم كان يشكل أضحوكة داخل الوسط الصحفي، وكان هذا الأسلوب مرفوضا، وجزء من مطالب الثورة هو تطهير الإعلام، وجزء من مطالب الثورة هو اطلاق حرية التعبير وإبعاد يد الدولة عن الإعلام، فحين يقال إن مجلس الشوري هو الذي سيختار فلاشك أن ذلك يثير حفيظة الناس، وما يزيد ذلك أن بعض المعايير التي وضعت ذات طبيعة أيديولوجية، وكأنك ستختار أولئك الذين سيتوافقون مع الايديولوجية الإخوانية أو أولئك الذين من الممكن أن يهضموا سريعا في النظام الجديد، وما أكثر المنافقين في الوسط الصحفي، عاش الملك، مات الملك، عاش الملك الجديد.. وهذه المشكلة أثيرت في الوقت الذي به ضجر كبير في الوسط الإخواني من قيادات الإعلام، علي الرغم انه ليس كل من ينتقد أداء الرئيس مرسي يرغب في عودة النظام القديم أو يريد إفشاله، بل ان النقد البناء مطلوب، ومن ثم أعتقد انه إذا أراد مجلس الشوري أن يتقدم إلي الأمام بدلا من أن يفرض ولايته كاملة علي تعيين رؤساء تحرير الصحف، كما كان يتم في النظام السابق، أن يشرع في تشكيل هيئة أو مجلس أمناء أيا كان المسمي للاشراف علي الصحف، ويلزم الصحف أن تضع ميثاق شرف هو الذي يحدد طبيعة عملها، وتتحاور مع النقابة في كيفية تفعيل ميثاق الشرف الحالي، ويصبح هذا هو التطوير الحقيقي للإعلام بدلا من اختيار رئيس تحرير تصبح مهمته أن يطبل ويزمر للرئيس الجديد، وكذلك التركيز علي التدريب لأن جزءا كبيرا من الأخطاء المهنية نتيجة ان قطاعات عريضة داخل المؤسسات الصحفية لا تمتلك المهارات الكاملة للعمل، والمؤسسات لا تنفق القدر اللازم علي التدريب ولا النقابة لأن امكانياتها محدودة، أما فكرة أن مجلس الشوري هو الذي يعين رؤساء مجلس الإدارة ورؤساء التحرير، فإن كل واحد منهم سيدرك بالسليقة أن هذه الجهة هي التي تعين وهي التي تقيل، هي التي تمنح وهي التي تمنع، ومن ثم تتحول الأقلام من الكيد للإخوان وانتقادهم إلي مدحهم، وهذا ليس المطلوب، بل المطلوب أن يكون لدينا إعلام مستقل ومهني وحر ونزيه ومتجرد ويراعي آداب المهنة.
أزمة المحامين
هل نحن بصدد أزمة حادة بين المحامين والشرطة سنري توابعها خلال الفترة القادمة؟
المحامون لديهم أزمات متلاحقة منذ النظام السابق وبين فترة وأخري كنا نري أزمة تثار بشأن المحامين، مع القضاة مرة، مع مجلس الدولة مرة أخري، ومع جهاز الشرطة مرة ثالثة.. إلخ وما جري مؤخرا بين الشرطة والمحامين هو دليل علي أن الشرطة قطاع منها لا يريد أن يتغير، وأيضا هناك بعض المواطنين الذين استغلوا حالة الضعف التي تعانيها الشرطة ويريدون أن يتجاوزوا القانون، المطلوب من الشرطي أن يتصرف كرجل قانون والمطلوب من المواطن أن يتصرف مع الشرطي في هذه الحدود، فأزمة المحامين هي أزمة سوء فهم وأزمة تداع وأزمة احساس قطاع عريض من المهنيين بالاضطاد والتمييز ضدهم ورغبتهم في التخفف، لاسيما أن علاقة المحامين مع الشرطة طوال الفترة الماضية كانت متأزمة جدا، المحامي يذهب إلي القسم ليدافع عن موكله ورجل الشرطة كان لا يعامله المعاملة اللائقة في الغالب الأعم، طبعا البعض من رجال الشرطة كان يتصرف وفق القانون، ويعامل المحامين معاملة جيدة، لكن الأغلبية من صغار الضباط كان يتعامل مع المحامي علي أنه شريك المتهم وليس رجل القانون المنوط به أن يقف إلي جانب المتهم، الذي هو برئ إلي أن تثبت ادانته، وهذه الأزمة التي حدثت أنا أعتقد انها ستتتابع وتتلاحق، لأن جهاز الشرطة حتي هذه اللحظة لم يتطهر بالقدر الكافي، وهناك شعور لدي المواطنين بأن تغييرا لم يطرأ، وأن جهاز الشرطة يريد أن يعود مثلما كان ولذلك كان يحبذ نجاح أحمد شفيق، وانه لا يفهم إعادة الأمن من خلال تطبيق القانون، إنما من خلال البطش والقمع، وهذه الثقافة تحتاج إلي وقت حتي تذوب.
غريزة الاستحواذ
كيف تتصور شكل الحكومة القادمة وهل تري ان الإخوان سيسعون إلي الاستحواذ والمغالبة رغم ان الرئيس وعد بأنهم لن يحصلوا علي أكثر من 03٪ منها؟
الإخوان بالغريزة لديهم نزوع إلي الاستحواذ، وأنا أتصور انه كما فعلوا في البرلمان وفي الجمعية التأسيسية سيحاولون أن يفعلوا ذلك في الحكومة، وأسوأ شيء يمكن أن يعلق برقبة رئيس الجمهورية الجديد هو أن يختار أهل الثقة علي حساب أهل الخبرة وأن يغلب الجماعة علي المجتمع والفصيل علي الوطن، هذه مسألة تحتاج إلي كياسة في اختيار رؤساء الأجهزة التنفيذية في الفترة المقبلة سواء الوزراء أو غيرهم اعتمادا علي الكفاءات الوطنية القادرة علي النهوض بالبلد، والقادرة أيضا علي حل مشاكل المواطنين، الحمل ثقيل والأزمة مستفحلة وكبيرة وتركة مبارك أثقل من أن يحملها طرف بعينه والاخوان عليهم أن يفهموا ذلك، وإذا سعوا إلي أغلبية داخل الحكومة وإذا حاولوا أن يسيطروا علي بعض الوزارات الأساسية وإذا وجدنا احلالا في أجهزة الدولة بتنظيم الإخوان، لاشك ان ذلك لن يكون عملا مقبولا من قبل المواطنين، وسيفضح، وسيثير حفيظة الرأي العام ضد الاخوان، علاوة علي أن هذا ليس في صالح الإخوان أنفسهم، لأنه ليس لديهم كل الكوادر في كل المجالات التي تستطيع أن تدير الدولة في هذه اللحظة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.