رئيسة لجنة «تحقيق الأمم المتحدة»: إسرائيل ترتكب إبادة جماعية في غزة ويجب التحرك لوقفها

قالت رئيسة لجنة التحقيق الدولية المستقلة التابعة للأمم المتحدة حول الأراضي الفلسطينية المحتلة، نافي بيلاي، إن إسرائيل ترتكب إبادة جماعية في قطاع غزة، ويجب على المجتمع الدولي التحرك فورًا لوقفها عند حدها.
وأوضحت «بيلاي»، في مقال نشرته صحيفة نيويورك تايمز الأميركية، أمس الثلاثاء، أن هذا الاستنتاج مبني على تحقيقات دقيقة وأدلة واسعة النطاق، تغطي الفترة بين 7 أكتوبر 2023 و31 يوليو 2025، وقد تم تأكيده من مصادر متعددة وتقييمه وفق الإطار القانوني الصارم لاتفاقية الأمم المتحدة لمنع الإبادة الجماعية لعام 1948، التي تعد إسرائيل طرفًا فيها.
وأضافت أنها تعرف جيدًا وزن كلمة «إبادة جماعية»، قائلة: «إنها ليست وصفًا إعلاميًا أو شعارًا سياسيًا، بل تعني محاولة متعمدة لتدمير شعب، كليًا أو جزئيًا.. إنها أخطر انتهاك للإنسانية المشتركة وأخطر خرق للقانون الدولي».
وأكدت أن نشر لجنة الأمم المتحدة تحليلها القانوني لسلوك إسرائيل في غزة يكشف حجم الانتهاكات التي ارتكبت بحق المدنيين الفلسطينيين.
وقالت «بيلاي»، إن حجم الدمار في غزة هائل وغير مسبوق: أكثر من 64 ألف فلسطيني قُتلوا، بينهم أكثر من 18 ألف طفل وحوالي 10 آلاف امرأة، وقد تراجع متوسط العمر المتوقع في غزة من 75 عامًا إلى أقل من 40 عامًا في غضون أقل من عام، وهو أحد أشد الانخفاضات المسجلة عالميًا.
وأضافت أن المستشفيات والمدارس والكنائس والمساجد والأحياء السكنية دُمرت بالكامل، وأن التجويع استُخدم كسلاح حرب، وأن النظام الصحي دُمّر عمدًا، ما أدى إلى وفاة الأطفال أثناء محاولتهم الوصول إلى الغذاء أو الرعاية الطبية، مشيرة إلى أن كل هذا لم يكن مجرد حوادث حرب، بل أفعالًا مدبرة لتدمير شعب كامل.
ولفتت إلى أن إثبات الإبادة الجماعية لا يقتصر على الأفعال فحسب، بل يشمل النية، وأن الأدلة على هذه النية واضحة، حيث صرح كبار القادة الإسرائيليين، بمن فيهم الرئيس ورئيس الوزراء ووزير الدفاع السابق، بأقوال صريحة تجرد الفلسطينيين من إنسانيتهم، ضاربة أمثلة بتصريح وزير دفاع الاحتلال يوآف جالانت، حين قال: «نحن نقاتل حيوانات بشرية»، وتصريح رئيس الاحتلال اسحاق هرتسوج، بأن الشعب الفلسطيني بأكمله مسؤول عن 7 أكتوبر.
وأضافت، أن هذه الأقوال قُرنت بأفعال: قصف عشوائي واسع النطاق جعل غزة غير صالحة للسكن، وعرقلة وصول المساعدات الإنسانية، وارتكاب جرائم عنف جنسي وجنساني، وفرض حصار شديد أدى إلى تجويع السكان حتى الموت، وكلها عناصر تؤكد نية الإبادة الجماعية.
وأوضحت أن اللجنة وثقت حالات قتل فلسطينيين أثناء محاولتهم الحصول على الطعام من مواقع التوزيع التابعة لمؤسسة "غزة الإنسانية"، وهو كيان تدعمه إسرائيل والولايات المتحدة وحل إلى حد كبير محل شبكة المساعدات القائمة، بما في ذلك إطلاق النار على المئات، بينهم أطفال.
وردّت على من يجادلون بأن مصطلح "إبادة جماعية" مبالغ فيه، مؤكدة أن القانون واضح وصريح: "ينشأ الالتزام الدولي بمنع الإبادة الجماعية بمجرد وجود خطر جسيم واضح، وقد تم تجاوز هذه العتبة منذ وقت طويل في هذه الحرب.
وتساءلت المسؤولة الأممية: «ماذا يعني هذا للمجتمع الدولي؟ الالتزامات ليست اختيارية، فكل دولة ملزمة باتخاذ إجراءات فورية لمنع الإبادة الجماعية، بما في ذلك وقف نقل الأسلحة والدعم العسكري المستخدم في الجرائم، وتأمين المساعدات الإنسانية، ووقف النزوح القسري والدمار، واستخدام كل الوسائل الدبلوماسية والقانونية المتاحة لوقف القتل. أي تقاعس ليس حيادًا، بل تواطؤ صريح».
وأكدت، أن لجنة التحقيق لم توظف هذا التحليل ضد إسرائيل كخصم سياسي، فهي تدرك ما حدث من قتل جماعي في هجمات 7 أكتوبر 2023 وألم عائلات الأسرى في غزة، وأن لجنتها وثقت أيضًا انتهاكات حركة حماس، لكنها شددت على أن أي جريمة لا تبرر إبادة جماعية، مهما كانت الظروف.
وذكرت «بيلاي»، أن اتفاقية الإبادة الجماعية وُلدت من رماد الهولوكوست بتعهد رسمي: «لن يتكرر ذلك أبدًا»، وأن هذا التعهد يفقد معناه إذا طبّق على البعض دون الآخرين.
وأكدت أن الرد على الفظائع بالفظائع هو تخلي عن القيم التي وُضع القانون الدولي لحمايتها، وأن التاريخ سيحكم على العالم بمقاييس هذه القيم.
واختمت تحذيرها: «منع الإبادة الجماعية ليس مسألة تقديرية، بل التزام قانوني وأخلاقي عاجل. على كل حكومة، كل قائد، وكل مواطن أن يسأل: ماذا سنقول لأبنائنا وأحفادنا عندما يُسألونا عن صمتنا بينما كانت غزة تُحرق بالكامل؟ كل يوم تأخير يضاعف مسؤوليتنا، وكل فعل عنف يُقاس بمدى استجابتنا لوقف القتل.. إنسانيتنا المشتركة تتطلب العمل فورًا».