وزارة الشؤون النيابية تصدر إنفوجراف جديدا بشأن المرحلة الثانية من انتخابات مجلس النواب    تعرف على الحوافز المقدمة لمصنعي السيارات في إطار البرنامج الوطني لتنمية صناعة السيارات واشتراطات الاستفادة من البرنامج    وزير النقل يلتقي نظيره السوداني لبحث سبل تعزيز التعاون المشترك    رصدتها الأقمار الصناعية، الري تزيل 164 حالة تعدٍ على مجرى النيل (فيديو)    "الزراعة": توزيع 75 سطارة لدعم الممارسات الحديثة لزيادة إنتاجية القمح    وصول 1447 رأس عجول حية وتصدير 45 الف طن فوسفات بميناء سفاجا    روسيا تجدد استعدادها لعقد القمة الروسية الأمريكية ولكن بشرط واحد    مصر والسعودية تؤكدان عمق ومتانة العلاقات الأخوية بين البلدين    شاهد بث مباشر.. مباراة مصر وأوزبكستان اليوم في نصف نهائي بطولة العين الدولية الودية    مباريات اليوم الجمعة 14 نوفمبر 2025.. مواجهات نارية في تصفيات أوروبا وكأس العالم للناشئين والوديات الدولية    بيان عاجل من الأوقاف بشأن واقعة وفاة شاب داخل إحدى الزوايا بأسوان    الفيوم السينمائي يطلق البوستر الرسمي للدورة الثانية استعدادًا لانطلاق المهرجان    المسلماني: مجلس «الوطنية للإعلام» يرفض مقترح تغيير اسم «نايل تي في»    "سد الحنك" حلوى الشتاء الدافئة وطريقة تحضيرها بسهولة    الصحة: إنشاء سجل وطني لتتبع نتائج الزراعة ومقارنتها بين المراكز    حبس زوجة أب في سمالوط متهمة بتعذيب وقتل ابنة زوجها    اليوم.. عبد الله رشدي ضيف برنامج مساء الياسمين للرد على اتهامات زوجته الثانية    أذكار المساء: حصن يومي يحفظ القلب ويطمئن الروح    مؤتمر السكان والتنمية.. «الصحة» تشارك في جلسة «تعزيز العمل اللائق بمصر»    مجلس حقوق الإنسان يعتمد قرارا بتشكيل بعثة لتقصي الحقائق في الفاشر    بسبب تغيرات المناخ.. 29 حريقا خلال ساعات الليل فى غابات الجزائر.. فيديو    محمد عبدالعزيز عن ابنه كريم عبدالعزيز: "ابني ينوي إعادة تقديم فيلم انتخبوا الدكتور"    «الصحة» و«الاتصالات» تستعرضان دور الذكاء الاصطناعي في دعم التنمية البشرية    اللهم صيبا نافعا.. تعرف على الصيغة الصحيحة لدعاء المطر    تكافؤ الفرص بالشرقية تنفذ 9 ندوات توعوية لمناهضة العنف ضد المرأة    وكيل شباب الدقهلية تشهد فعاليات إنتخابات مجلس إدارة نادي المنصورة الرياضي    اليوم العالمي للسكر| وزير الصحة يعلن توجيه ميزانية موسعة للوقاية منه    وزير الخارجية: صلابة الدولة ورؤية القيادة ووعى الشعب أسهم فى استقرار الوطن    سلامة عيون أطفال مصر.. مبادرة الداخلية "كلنا واحد" تكشف وتداوي (فيديو)    استقبال الشرع بواشنطن يقلق إسرائيل بسبب جبل الشيخ    الإئتلاف المصرى لحقوق الإنسان والتنمية : خريطة جديدة للمشهد الانتخابي: صعود المستقلين وتراجع المرأة في المرحلة الأولى    مبابي: سنعود أقوى بعد التوقف الدولي ونسعى للفوز بجميع البطولات    مؤتمر السكان والتنمية.. «الصحة» تنظم جلسة حول الاستثمار في الشباب من أجل التنمية    ضبط مصنع غير مرخص لإنتاج أعلاف مغشوشة داخل الخانكة    عالم أثار إسبانى: المتحف المصرى الكبير مبهر وفخم وكل زائر سيشعر بعظمة الحضارة    الداخلية تضبط آلاف المخالفات في النقل والكهرباء والضرائب خلال 24 ساعة    بعد رحيله المفاجئ.. تنطفئ آخر صفحات حكاية محمد صبري التي لم يمهلها القدر للاكتمال    العثور على جثمان غريق داخل ترعة مياه فى جنوب الأقصر    نشاط الرئيس الأسبوعي.. قرار جمهوري مهم وتوجيهات حاسمة من السيسي للحكومة وكبار رجال الدولة    أحمد سليمان ينعى محمد صبري: «فقدنا أكبر مدافع عن نادي الزمالك»    رحيل زيزو المجاني يدفع الزمالك للتحرك لحماية نجومه    سيول وواشنطن أتمتا اتفاقهما بشأن بناء غواصات تعمل بالطاقة النووية    خطا بورسعيد والصعيد الأعلى في تأخر قطارات السكة الحديد    زيارة الشرع لواشنطن ورسالة من الباب الخلفي    موعد مباراة جورجيا ضد إسبانيا فى تصفيات كأس العالم 2026    صندوق "قادرون باختلاف" يشارك في مؤتمر السياحة الميسرة للأشخاص ذوي الإعاقة    أسعار الفاكهة اليوم الجمعة 14 نوفمبر في سوق العبور للجملة    قيصر الغناء يعود إلى البتراء، كاظم الساهر يلتقي جمهوره في أضخم حفلات نوفمبر    أيمن عاشور: انضمام الجيزة لمدن الإبداع العالمية يدعم الصناعات الثقافية في مصر    هطول أمطار وتوقف الملاحة بكفر الشيخ.. والمحافظة ترفع حالة الطوارىء    زى النهارده.. منتخب مصر يضرب الجزائر بثنائية زكي ومتعب في تصفيات كأس العالم 2010    وداع موجع في شبين القناطر.. جنازة فني كهرباء رحل في لحظة مأساوية أمام ابنته    هل ثواب الصدقة يصل للمتوفى؟.. دار الإفتاء توضح    سنن التطيب وأثرها على تطهير النفس    كيف بدأت النجمة نانسي عجرم حياتها الفنية؟    مصرع شقيقتين في انهيار منزل بقنا بعد قدومهما من حفل زفاف في رأس غارب    سنن الاستماع لخطبة الجمعة وآداب المسجد – دليلك للخشوع والفائدة    اليوم.. أوقاف الفيوم تفتتح مسجد"الرحمة"بمركز سنورس    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تحليل: لجنة الدستور لن تتطرق لهوية مصر
نشر في الوفد يوم 15 - 02 - 2011

ظلت قضية هوية مصر الحضارية والدينية باهتة غير واضحة منذ انفصالها عن الدولة العثمانية (دولة الخلافة الإسلامية)، في العهود الملكية والجمهورية وظل النص علي هويتها الحضارية الإسلامية غير واضح المعالم برغم النص علي أن الاسلام دين الدولة بحكم واقع أن غالبية السكان مسلمون، إلي أن أدخل الرئيس الراحل أنور السادات تعديل المادة الثانية من الدستور التي تؤكد أن (الإسلام دين الدولة، واللغة العربية لغتها الرسمية، ومبادئ الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسى للتشريع).
وبرغم النص علي أن مبادئ الشريعة هي المصدر الرئيسي للتشريع، فلم يطبق هذا فعليا في عشرات القوانين المطبقة ولا الواقع ولكن أثير حولها جدل لم ينته من قبل حقوقيين أقباط مثل نجيب جبرائيل، تزايد في السنوات الأخيرة عندما بدأت شخصيات كنسية رسمية تتحدث عن ضرورة إلغاء هذه المادة والنص علي مدنية الدولة لا إسلاميتها.
واللافت للنظر أن قرر رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة (المشير طنطاوي) رقم واحد لسنة 2011 تضمن تحديد مهمة لجنة تعديل الدستور التي يرأسها المستشار طارق البشري " بدراسة إلغاء المادة 179 من الدستور وتعديل المواد 88 ، 77 ، 76 ، 189 ، 93 وكافة ما يتصل بها من مواد ترى اللجنة ضرورة تعديلها لضمان ديمقراطية ونزاهة انتخابات رئيس الجمهورية ومجلسى الشعب والشورى. كما تختص اللجنة بدراسة التعديلات اللازمة للقوانين المتعلقة بالمواد الدستورية محل التعديل) .
وهي مواد تتعلق بالإشراف القضائي الغائب عن الانتخابات وإعادة الحق للقضاء في تحديد صحة عضوية الأعضاء وقيود الترشح للرئاسة.
ومعني هذا أن اللجنة الدستورية لن تتطرق للمواد المتعلقة بهوية الدولة مثل المادة الثانية في الدستور، وسينصب عملها بدرجة أكبر علي المواد المتعلقة بانتخابات الرئاسة والبرلمان فقط وما يتصل بها من قوانين – وفق التكليف العسكري – لأنه حتي نص القرار العسكري علي حق اللجنة في تعديل (كافة ما يتصل بها من مواد ترى اللجنة ضرورة تعديلها) – أي حقها في تعديل مواد أخري ارتبط هنا بهدف حدده المشير طنطاوي هو أن يكون التعديل (لضمان ديمقراطية ونزاهة انتخابات رئيس الجمهورية ومجلسى الشعب والشورى) فقط .
بعبارة أخري لم يذهب القرار العسكري للحديث عن أية تعديلات تتعلق بهوية الدولة أو نظامها ، بما يعني أن اللجنة قد لا تتطرق مثلا لنص المادة الخامسة رقم (5) التي تقيد حق الإخوان وأي قوي دينية في تشكيل حزب بقولها :( ولا تجوز مباشرة أى نشاط سياسى أو قيام أحزاب سياسية على أية مرجعية دينية أو أساس ديني، أو بناء على التفرقة بسبب الجنس أو الأصل)، ما يثير تساؤلات حول كيفية مشاركة الإخوان في الحياة السياسية بعد إعلانهم الرغبة في تشكيل حزب سياسي بشرط إزالة العوائق أمامها.
ويزيد من القيود علي هذه اللجنة الدستورية أن نص القرار العسكري حدد في مادته الثانية أن : (على اللجنة الانتهاء من عملها فى مدة لاتتجاوز عشرة أيام من تاريخ هذا القرار) ما لم يسمح للجنة – التي تضم عضوا من الإخوان وعضوا مسيحيا – بمناقشة تعديل مواد أخري خلاف ما هو محدد من مواد تتعلق بشروط انتخابات الرئاسة والبرلمان ، لو أرادت ! .
استمرار الجدل يكشف الخلل
والحقيقة أنه برغم الروح الوطنية الجميلة التي ظهرت في الثورة الشعبية من تضافر إسلامي مسيحي وغياب أي فتن أو حديث عن الدين ( فتيات مسيحيات وقفن يصلين مع المسلمين فوق كوبري قصر النيل احتجاجا علي قذفهم بمدافع مياه الشرطة والرصاص والقنابل المسيلة للدموع والمسلمون حموا صلاة المسيحيين ) ، فقد لوحظ أنه بمجرد إعلان تجميد العمل بالدستور والحديث عن دستور جديد، عاد بعض المتشددين يتحدثون عن إلغاء المادة الثانية من الدستور، فيما غلبت علي جميع المطالب – بما فيها تصريح جماعة الإخوان – الدعوة ل (دولة مدنية) .
حيث بدأ بعض أقباط المهجر يثيرون اعتراضات حول اختيار المستشار طارق البشري لرئاسة لجنة تعديل الدستور بدعاوي أنه "إسلامي" رغم الحيادية المعروفة عنه وانتصاره للدولة المدنية بعنصريها وفكرة الهوية الحضارية ذات المرجعية الإسلامية التي تضمن حقوق المواطنة للجميع وتحرك نجيب جبرائيل رئيس الاتحاد المصري لحقوق الإنسان مع عدد من أقباط المهجر وناشطين من منظمات حقوقية لتقديم عريضة سبق أن أعدوها للدستور الجديد، تقترح إلغاء بند الشرعية والنص على أن (مبادئ القانون الإنساني والإعلان العالمي لحقوق الإنسان والمواثيق الدولية هي مصدر التشريع) !.
وسبق أن دعا الأنبا مرقص المتحدث الرسمي باسم الكنيسة بدوره، في حوار صوتي مع "الهيئة القبطية الأمريكية" – هيئة لأقباط المهجر بولاية نيوجيرسي الأمريكية – عام 2007 لتعديل المادة الثانية من الدستور بحذف الألف واللام من كلمتي (المصدر الرئيسي للتشريع) لتصبح (مصدرا رئيسيا) ، ودعوته بموجب ذلك لإيجاد مصادر أخرى للتشريع منها الشرائع المسيحية .
حيث تحدث عن "تطبيق بعض شرائعنا فيما يتعلق بالمسيحيين" مثلما يطبق المسلمون شريعتهم ، بيد أن قيادة الكنيسة تعاملت بحكمة أكبر مع هذه التصريحات حينئذ وأعلن البابا شنودة الثالث بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية رفضه تدخل الأقباط في مسألة التعديلات الدستورية، "باعتبارها من صلاحيات أولي الأمر" .
بل وحذر شنودة في الأمسية الدينية، التي نظمها نادي روتاري إسكندرية سبورتنج حينئذ تحت عنوان "فلسفة السلام بين الأديان" من مطالبة بعض الأقباط بإلغاء المادة الثانية من الدستور المتعلقة بالشريعة الإسلامية "حتي لا يتسبب ذلك في تهييج المسلمين" حسبما قال.
ولوحظ في هذا الصدد أن الأزهر الشريف أدلي بدلوه – في أول بيان يصدره بعد تنحى الرئيس مبارك عن الحكم وتولي الجيش السلطة – عندما أكد أنه (يطمئن تماماً إلى أن هوية الأمة وروحها متجذرة فى ضمير كل منهم (أعضاء المجلس العسكري)، وأن مبادئ الحرية والعدالة والمساواة والمشاركة الشعبية الحرة هى القيم الهادية لنا جمعياً فى هذه الظروف الدقيقة".
وشدد الأزهر – فيما يبدو كرسالة طمأنة للأقباط أن الشريعة الاسلامية تحمي عقائد الآخرين ولا تضرهم - علي "أن مكتسبات شعبنا فى اعتزازه بمصريته وعروبته وتشريعاته المستمدة من مبادئ الإسلام وروح شريعته السمحة هي الضامنة لحقوق المواطنة والمساواة ووحدة النسيج الوطني بين المصريين كافة دون تمييز على أساس من الجنس أو الدين أو أى اعتبار آخر" .
واللافت هنا أنه عندما تحولت ندوة (الهوية المصرية)- التي عقدت في إطار ندوات معرض القاهرة الدولي للكتاب يوم 21/1/2004م- إلى هجوم شديد على الإسلام والشريعة الاسلامية من جانب بعض المحاضرين العلمانيين ، لم ينبر لهم سوي قبطي، الدكتور"إسحق عبيد"- أستاذ تاريخ العصور الوسطى بجامعة عين شمس- وانتقد مزاعم المطالبين بالتخلي عن عروبة مصر، وأضاف أن الفتح الإسلامي لمصر كان إنقاذًا لها من فساد الرومان واستعبادهم للمصريين؛ ودلل الدكتور "إسحق عبيد" على سماحة الإسلام بأن الفضل في إنشاء الكنيسة القبطية المصرية كان بسبب فتح المسلمين لمصر.
فيما اعتبر د. رفيق حبيب المفكر القبطي الإنجيلي أن (ما يهم الأقباط هو استقرار حقوقهم القانونية والدستورية، و"الشريعة الإسلامية السمحة والدستور يكفلان لهم ذلك) حسبما قال .
المشاريع المسيحية وطبيعة المشاكل
والحقيقة أنه يمكن الحديث عن مشاريع مسيحية متنوعة يطلقها أطراف الطوائف المختلفة والشخصيات المسيحية العربية عموما فيما يخص هوية الدولة المصرية أو الدول العربية ومسألة الشرعية :
• فهناك – من الأقباط والمسيحيين العرب عموما – فريق ينتمي إلى مدرسة المسيحية الليبرالية التي تعتمد في أفكارها على مشروع لاهوتي غربي، يطالب بتطبيق العلمانية الغربية علي الشرق العربي الإسلامي بحجة أنها هي الحل لمشاكل المسيحيين العرب ويدعو لمشروع علماني يحترم الدين ، ينصهر فيه المسيحيون العرب ليتمكنوا من المشاركة السياسية الفعالة ويعتبر أن هذا هو الحل لضرب ما يسميه انتعاش الأصولية الإسلامية و"الأسلمة" ، ولكن هؤلاء ينسون أن هذه العلمانية لا تتجزأ وهي ضارة للمسلمين والمسيحيين علي السواء لأنها – بالمفهوم الغربي – تعادي الدين وتمنع أي دور له في حين أن الجماعة المسيحية العربية تبني حياتها الفردية والجماعية والأسرية على القيم والقواعد الدينية المسيحية وتحافظ على قداسة الدين، وقدسية العلاقة الأسرية المبنية على القواعد الدينية.
• وهناك فريق ثان يدعو لهوية مسيحية واضحة والأخذ بالشريعة المسيحية بجانب الإسلامية، وهو ما يجعل الحديث عن "الدولة المدنية" و"المواطنة" التي تعني عدم التفريق بين المواطنين علي أساس الدين أو العرق غير ذي معني.
• ولذلك بدأ يظهر في الآونة الأخيرة فريق ثالث من أقباط مصر والمسيحيين العرب عموما يري أن الحل هو القبول بالشريعة الإسلامية والهوية الحضارية للدولة المصرية ذات المرجعية الاسلامية التي ضمنت علي مدار سنوات ولا تزال تضمن حقوق المسيحيين العرب وتحميهم – بصرف النظر عن الفرق الاسلامية الشاذة - وتجعل طبيعة العلاقة بينهم وبين الدول الإسلامية مستقرة وهادئة دونما نظريات غربية شاذة مثل فكرة (العلمانية الايجابية) التي تطرحها الكنيسة الكاثوليكية ، أو خروج الكنائس العربية عن أدوارها الدينية لأدوار سياسية بما يصعد العداء بين المسلمين والمسيحيين.
والحقيقة أنه إذا جاز تلخيص المشاكل التي يطرحها البعض بشأن الهوية والإسلام السياسي فسوف نجدها تتمحور حول قضية العلمانية .. فالفريق الذي يطالب بتطبيق العلمانية في مصر والعالم الإسلامي (الشرق الأوسط) يعتبر أنها الحل لمشاكل التعصب الديني ضد المسيحيين والحل لإضعاف التيار الإسلامي النشط سياسيا والحل لما يعانونه مما يسمي (أسلمة) أو (عدم تمييز المسلمين بين الدين والسياسة) .
ولكن هذا الفريق يطالب في الوقت نفسه ب (علمانية تحترم الدين وتحترم دوره !) وإلا لأصبحت هذه العلمانية معول هدم للمسيحية العربية أيضا، ما يعني أن هذا الفريق يطالب بما يطالب به المسلمون (!) .. فالجميع هنا يطالب بأن يكون هناك دور للدين في الحياة العامة، بمعني دور للمسجد وللكنيسة في الحياة العامة بحكم تدين المصريين ويطالبون بتفعيل دور المسيحي في الحياة السياسية، كما يطالبون بدور للإسلام في الحياة العامة وعدم الفصل بين ما هو ديني وما هو دنيوي !.
أما مسألة اتهام الإسلام السياسي بأنه يعوق مشاركة المسيحيين العرب في العمل السياسي وأنه هو السبب في غياب فكرة الدولة القومية لأن المجتمع الإسلامي أساسه العقيدة لا القومية، وأن الإسلام السياسي يجعل السلطة في أيدي المسلمين فقط، ويضع غير المسلمين في وضع الذمي أو أهل الذمة ، فهي افتراءات لا تتصل بما تدعو له الهوية الاسلامية الحضارية للدولة بقدر ما تتصل برؤي جماعات إسلامية شاذة لا تعبر عن الاسلام ولا حتي عن كل الحركات الاسلامية المعتدلة.
والمشكل الأكبر أن تعاظم التدخل الغربي – عبر الفاتيكان والحكومات الغربية – في شئون العالم الإسلامي والهجوم علي الإسلام ومحاولة خلق ما يسمي: "إسلام معتدل أو مسلم علماني" رفع من أسهم المطالبين بهذه العلمانية وإبعاد الشريعة، برغم الاختلاف حولها وتسمية البعض لها (علمانية إيجابية) وآخرون (علمانية ميكانيكية) وهو ما أخرجنا من دائرة الأساس التاريخي للحضارة العربية الإسلامية ومحاولة مسخ (هوية الأمة) بدعاوي حماية (هوية الأقلية)! .
ولهذا يري الجناح العقلاني المعتدل الذي يمثل غالبية الأقباط أن الحل في الشرق الإسلامي لا يحتاج لتعقيدات العلاقة بين الكنيسة والدولة في الغرب ولا يحتاج لتصدير تلك المشكلة التي تواجه الغرب ( فكرة الحق الإلهي للكنسية في مواجهة الملك) إلى البلاد العربية والإسلامية، حيث الدين يلعب دورا أساسيا لدي المسلمين والمسيحيين.
فلا توجد مشكلة في العلاقة بين الدين والدولة في الشرق الإسلامي ، مادامت لا توجد سلطة دينية سياسية مطلقة، ولا نموذج الحكم بالحق الإلهي، الذي أسس على يد الكنيسة الكاثوليكية في الغرب ، وهنا يصبح نموذج الدولة المدنية ذات الهوية الحضارية التي تحترم عقائد الأقليات هو النموذج الأمثل لأن الشريعة هنا – كما قال شيخ الأزهر – (هي الضامنة لحقوق المواطنة والمساواة )


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.