الاجتماع الموسع الذي عقده الرئيس حسني مبارك لمجلس المحافظين بالأمس، وبحضور رئيس الوزراء، ومجموعة الوزراء المعنيين بالانتاج والخدمات والمرافق، الأكثر اتصالا وتماسا بحكم مهامهم ومسئولياتهم باحتياجات الجماهير، يأتي في إطار الانطلاقة الجديدة علي طريق العمل الوطني في جميع المجالات، والهادفة لدفع وتكثيف جهود الحكومة والمحليات، في خدمة جماهير الشعب، والتفاعل الجاد والعاجل مع جميع القضايا والمشكلات التي تواجه المواطنين. والاجتماع في حقيقته ومضمونه بالغ الاهمية والدلالة، حيث انه يأتي استكمالا وامتدادا طبيعيا لاجتماع الرئيس مع مجلس الوزراء بكامل هيئته في نهاية اغسطس الماضي، والذي شهد تعليمات واضحة ومحددة من الرئيس للحكومة، ولكل المسئولين بها، عن ضرورة التعامل الايجابي والسريع مع القضايا التي تشغل الرأي العام، في إطار الاهتمام الدائم للرئيس بمتابعة سياسات وبرامج الحكومة علي المستوي المركزي وعلي مستوي المحليات وحرصه الشديد علي المتابعة الدقيقة والمستمرة لما تم انجازه حتي الان في برنامجه الانتخابي الذي وعد بإنجازه وحظي بثقة الشعب علي اساسه في أول انتخابات حرة مباشرة لرئيس الجمهورية في تاريخ مصر. وانطلاقا من ذلك كان من الطبيعي ان يشدد الرئيس علي عدة نقاط اساسية موجها المحافظين الي ضرورة الالتزام بها بكل دقة في اطار خطة العمل الوطني. اولا: مواصلة تنفيذ البرنامج الانتخابي للرئيس في كل المجالات والمشروعات المدرجة به والمتعلقة بالخدمات العامة في الصحة والتعليم ورفع معدلات النمو والتشغيل ومحاصرة الفقر.. والتأكيد علي اهمية دور المحافظات والاجهزة التنفيذية والشعبية في متابعة التنفيذ والاسراع في معدلاته. ثانيا: التأكيد علي الاهمية القصوي لرفع معدلات النمو والتشغيل وإتاحة فرص العمل، وتوسيع قاعدة العدل الاجتماعي، والتنسيق الكامل بين الوزراء والمحافظين فيما يتصل بمشاكل المواطنين والتعامل السريع والفاعل معها وتقديم التوضيحات اللازمة للقضايا التي تشغل الرأي العام. ثالثا: ضرورة اتخاذ الاجراءات الكفيلة بإتمام الانتخابات القادمة لمجلس الشعب في اطار النزاهة والشفافية، بما يتيح للمواطنين اوسع مشاركة للإدلاء بأصواتهم. رابعا: التأكيد علي دور المحافظين في ترسيخ مفهوم المواطنة، والتصدي لأية محاولات للنيل من الوحدة الوطنية بين المسلمين والاقباط.
وإيمانا من الرئيس بأهمية دور المحليات والمحافظين باعتبارهم الأكثر التصاقا بالجماهير في جميع المحافظات، والاكثر قدرة علي التصرف الصحيح علي قضاياهم ومشاغلهم، حرص الرئيس علي ان يشهد الاجتماع مناقشات مستفيضة حول المحاور الرئيسية الاربعة التي تضمنتها منظومة العمل الوطني خلال المرحلة المقبلة والتي تشمل خلق فرص العمل وزيادة فرص التشغيل، والتوسع في الخدمات العامة، وتطوير المرافق، ومكافحة الفقر ودعم وتطوير شبكة الامان الاجتماعي، ثم التوسع في تطبيق اللامركزية. وفي هذا الاطار اكد الرئيس ضرورة قيام المحافظين والأجهزة الشعبية والتنفيذية بتشجيع الاستثمار وازالة العقبات امامه باعتباره الطريق لإقامة المشروعات وزيادة فرص العمل والتشغيل، ومكافحة الفقر،..، ووجه الي تجنب فرض رسوم عشوائية تعطل الاستثمار، وضرورة رجوع المحافظات الي وزارة المالية قبل فرض أي رسوم، وضرورة التعاون مع القطاع الخاص وتشجيع المشروعات الصغيرة والمتوسطة لخلق فرص عمل جديدة، والاسراع في إقامة المناطق التجارية والخدمية والتصنيع الزراعي بالمحافظات،..، ووجه الرئيس الي ضرورة حصر وتسجيل اراضي الدولة بالمحافظات ووضع قواعد لإدارتها وحمايتها والتصرف فيها.
وحرصا من الرئيس علي توفير الرعاية الكاملة للمواطنين، جاء تأكيده علي أهمية التوسع في الخدمات العامة وتطوير الخدمات والمرافق، وضرورة تفعيل قانون المشاركة بين القطاعين العام والخاص، وذلك للمساهمة في تمويل المشروعات بالمحافظات،...، وفي هذا الخصوص حرص الرئيس علي الاستماع الي تقارير من المحافظين حول مستوي الخدمات والمرافق في محافظاتهم، وخاصة ما يتصل بتوفير رغيف الخبز المدعم، والتقدم في عملية فصل الانتاج عن التوزيع وتطرق الرئيس في اجتماعه مع المحافظين الي قضية نظافة المدن والاحياء وقضايا محو الأمية والزيادة السكانية وكذلك استعدادات المحافظات لموسم الشتاء وأيضا الاحوزة العمرانية وقضايا ومشاكل التخطيط العمراني في المدن والقري.
وخلال الاجتماع الذي استمر خمس ساعات وشهد مناقشات متعمقة حول جميع القضايا التي تهم المواطنين في كل المحافظات، اكد الرئيس الاولوية المطلقة لمكافحة الفقر وتطوير شبكة الامان الاجتماعي لابناء الشعب من الاسر المحتاجة للرعاية، وطالب الحكومة والمحافظين بالاسراع في الاستهداف الجغرافي للفقر، من خلال مشروع الالف قرية، وشدد علي ضرورة ان يتم توسيع مظلة الضمان الاجتماعي لتشمل 2.5 مليون اسرة بحلول عام 2011، وأكد علي الدور الهام للاجهزة المحلية في تحديد هذه الاسر،..، ووجه الرئيس الي ضرورة التصدي للعشوائيات وتفعيل دور صندوق تطوير العشوائيات واستمع الرئيس الي تقرير حول ارتفاع الاسعار، وطالب الحكومة والمحافظين بضرورة ضبط ومراقبة الأسواق، ومعالجة أي تشوهات تخفيفا من الاعباء التي تواجه الاسرة المصرية،..، ووجه الي ضرورة الاهتمام بتطوير النقل الجماعي بالمحافظات.
وبخصوص اللامركزية، أكد الرئيس انها وسيلة لتحمل الاجهزة الشعبية والتنفيذية المحلية مسئولياتها في تحديد اولويات التنمية، ووضع البرامج التي تتناسب معها، ومتابعة التنفيذ،..، وأكد علي استمرار التوسع في اللامركزية، واستمرار المناقشات حول تعديل قانون الادارة المحلية، وصولا الي الصورة المثلي، والبدء في بناء الكوادر المتخصصة اللازمة علي مستوي المحافظات والمراكز والمدن.
وهكذا.. كان اجتماع الامس والذي دام خمس ساعات كاملة بمثابة الامتداد الطبيعي، والاستكمال الضروري لاجتماع الرئيس مع مجلس الوزراء بكامل هيئته، والذي شهد انطلاقة جديدة للعمل الوطني في جميع المجالات، وما تم فيه من تحديد واضح لأولويات العمل في هذه المرحلة المهمة، والتي تتصدرها مصالح الجماهير وحل مشاكلهم والارتقاء بالخدمات والمرافق، والتعامل الفوري مع جميع قضاياهم.