حمدى الكنىسى سيقول البعض - ولهم منطقهم - إن عنوان مقالي هذا قد ينطوي علي قدر من التعجل وربما المبالغة في التفاؤل والتوقعات الوردية دون وجود مقدمات ملموسة، لكنني أقول لهؤلاء - إنني مع احترامي لمنطقهم - أتشبث بهذا العنوان مؤكداً انه لا ينطلق من التفاؤل المفرط والتمنيات الرومانسية، بل أراه محتملا من خلال قراءة الواقع كما ظهرت بعض ملامحه. ومن خلال ما عرفته أنا شخصيا عن الدكتور محمد مرسي الذي حدثني عنه الدكتور وائل نور الدين استاذ المخ والأعصاب الذي عاش سنوات عديدة في أمريكا وتابع عن قرب فترة تواجد الدكتور مرسي هناك، وكيف لقيت أبحاثه التي بلغت 72 بحثا قبولا وترحيبا من وكالة »ناسا للفضاء«، كما حدثني الصديق الدكتور وائل عما يتمتع به الدكتور مرسي من تواضع ومرونة واحترام للرأي الآخر.. لكن ما عرفته عن الرجل وما جاء في تصريحاته ووعوده أثناء المعركة الانتخابية وبعد اعلان فوزه بمنصب الرئيس يظل مجرد اشارات تحتاج إلي تحرك عاجل من الرئيس لتحقيق اهداف الثورة واستثمار حماس الشعب لاقتحام العوائق والمشكلات القائمة، والانطلاق علي طريق البناء والتنمية والتقدم وذلك كله يقتضي - بالضرورة - الالتزام باجراءات وممارسات واضحة اذكر منها: اولا: الإدراك الواعي بأن تولي الرئيس للمسئولية الكبري ما كان ليتحقق لولا الثورة التي ضحي من اجلها آلاف الشهداء والمفقودين والمصابين الذين فقدوا عيونهم واطرافهم، والتي مهدت لها شخصيات مثل الدكتور محمد البرادعي وبعض القضاة والمفكرين والاعلاميين، كما مهدت لها حركات وطنية اصطدمت مع النظام السابق في عنفوانه وجبروته مثل »حركة كفاية« و»حركة 6 أبريل« و»حركة 9 مارس«.. الخ، وبالمناسبة هذا ما اكد عليه الرئيس مرسي في خطبه وتصريحاته، والمهم: التحرك العاجل علي طريق المصالحة الوطنية بدءاً من مدّ اليد للكثير من اعضاء الحزب الوطني المنحل الذين لم يتورطوا في الفساد، ولم يشاركوا في اخطاء وخطايا النظام السابق، علما بأن منهم من تضامن وأيد وتعاطف مع الثورة لكنهم فوجئوا باغلاق الابواب في وجوههم وتم وصمهم بصفة »الفلول« والمؤكد ان من هؤلاء كوادر وقيادات يمكن الاستفادة من خبراتهم وكفاءتهم، بل انني اتجه إلي مصالحة اخري أرجو ان تمتد إلي فترة عبدالناصر وفترة السادات بالرغم مما حدث للإخوان - وغيرهم - من اعتقالات وتجاوزات. ثانيا: مع الاحترام والتقدير لدور جماعة الاخوان وما تتمتع به من قدرات تنظيمية إلا أن »استقلال الرئيس التام عن الجماعة وحزب الحرية والعدالة وبقية فصائل التيار الإسلامي« أمر حتمي وبالمناسبة لا يفوت الرئيس أن اخطاء بعض رموز السلفيين مثل »البلكيمي« و»ونيس« وما ظهر حتي امس فقط من محاولات لتدمير مساجد بدعوي انها تضم أضرحة لأولياء الله، يجعل الرئيس في موقف قوي يتيح له عدم الاستجابة لضغوطهم ومطالبهم، وقد يؤدي هذا الموقف إلي أن يعيد السلفيون النظر في ممارساتهم وتصريحاتهم، وربما يمتد ذلك إلي من ينزلقون الي هوة التشدد المستفز من بقية فصائل التيار واتوقع انا شخصيا هذا الموقف من »الرئيس مرسي« لانه يعلم ان الملايين الذين حجبوا عنه اصواتهم لم يفعلوا ذلك رفضاً له شخصيا ولكن لارتباطه بالتيار الذي ادي المتشددون منه إلي اثارة المخاوف والشكوك مثلما حدث مع الاخوة المسيحيين وما حدث مع الفنانين والإعلاميين وغيرهم. ثالثا: الحذر كل الحذر من »صناع الآلهة« الذين يدقون الطبول ويطلقون البخور اعجابا وتمجيدا للرئيس، ويكفي ما حدث مع زعيم بحجم »جمال عبدالناصر« الذي تراجعت انجازاته الرائعة امام ما حدث في المعتقلات ثم النكسة، وهذا ايضا ما ارتكبه اولئك المنافقون مع »السادات« الذي بدأ عهده بالعمل من أجل »الديمقراطية« وانتهي عهده باعتقال رموز الوطن ثم اغتياله في يوم عيد أكتوبر، وهذا ايضا ما فعلوه مع »مبارك« الذي بدأ عهده بأفضل التعهدات مثل »الرئاسة لدورة واحدة« و»الكفن ملوش جيوب« وانتهت حكاية »السيدة الاولي«!! رابعا: التأكيد علي مدنية الدولة بما تعنيه من »حقوق المواطنة« و»الحريات الشخصية« وطبعا »حرية الفكر والتعبير والابداع«. خامسا: انقاذ القضاء بما يحقق استقلاله نهائيا عن السلطة التنفيذية والتشريعية. سادسا: خلق المناخ المناسب للاستثمار الذي لا مجال فيه للفساد إياه والذي لا ينتعش إلا بتوفر الشفافية وسلامة التخطيط. تلك بعض المقدمات والاشتراطات التي تجعلني اقول ان الرئيس محمد مرسي يمكن ان يحقق لمصر في زمن قياسي ما حققه »رجب طيب اردوغان« لبلده من نهضة كبري ومكانة متميزة، وما جعلنا ننبهر بمواقفه الي جانب القضية الفلسطينية وما جعلنا -كلنا - نرحب به عندما زار بلدنا في اعقاب الثورة وان كان البعض قد انقلب عليه عندما تحدث عن علمانية تجربته الرائعة.