أسامة عجاج وأنا من الذين لم يغيروا وجهة نظرهم رغم كل التطورات بأن أهم الأسباب في نجاح ثورة 25 يناير ، هي وقفة الشعب المصري، وصموده. وانحياز الجيش المصري إلي مطالب الجماهير. وكنت علي قناعة - ومعي الكثيرون - أن المجلس العسكري سيسلم السلطة نهاية الشهر الحالي، ولكن.. آه من لكن !! ولكنني لم أفهم تحركات المجلس العسكري منذ 2 يونيه. تحديدا عندما تم الحكم علي الرئيس المخلوع بالسجن المؤبد. بعدها كان يمكن لأي مراقب، أن يرصد وبسهولة شديدة، أننا أمام "انقلاب ابيض "، تم فيه استخدام القبضة الحديدية بعد تغليفها بالحرير. بدا الأمر كما لو كنا أمام سيناريو معد للتنفيذ. كلمة السر فيه الحكم، الذي أثار حالة من الغضب الشديد، لدي الشارع، ووصل إلي قاعات مجلس الشعب. وحظي بانتقادات واسعة، وبدأت بوادر معركة، تم الإعداد لها بعناية شديدة. وأدوار تم تكليف البعض بها، بين السلطة التشريعية ممثلة في مجلس الشعب، وبين السلطة القضائية ممثلة في نادي القضاة. وأجاد المستشار احمد الزند دوره علي الوجه الأكمل. عندما شن هجوما غير مسبوق علي أعضاء مجلس الشعب. وهدد بأن القضاء لن يلتزم، بأي قانون سيصدره. في سابقة لم تحدث من قبل. وتم استدعاء محاولة مجلس الشعب تعديل القانون الخاص بالمحكمة الدستورية إلي الواجهة. فجاء الرد السريع من الجانب الآخر. بتحديد موعد الحكم في قضيتي عدم دستورية قانون العزل، والأمر هنا مفهوم، خاصة وأننا علي أعتاب جولة الإعادة في الانتخابات الرئاسية. واحد المرشحين قد ينطبق عليه القانون. ولكن القضية الأخري والتي مثلت لغزا محيرا وهي الخاصة بمدي دستورية القانون الخاص بمجلس الشعب. ومثل هذه القضية يستغرق النظر فيها عدة سنوات. وليس عدة أشهر فقط فلماذا العجلة ؟ ولماذا خرج الحكم من البعد القانوني، إلي الشق السياسي. عندما أشار إلي انعدام وجود مجلس الشعب. وهذه ليست مسئولية المحكمة. وأعاد الحكم للأذهان المواجهة بين رئيس الوزراء د. كمال الجنزوري، وبين د. سعد الكتاتني رئيس مجلس الشعب. عندما تم تهديد الثاني، بأن قرار حل المجلس في أدراج المحكمة. مما يؤكد أن النية كانت مبيتة. لمثل هذا الإجراء، والحكومة ومن قبلها المجلس العسكري وراء ذلك. واستمر السيناريو بمشاهده المفزعة ،حيث سبق الحكم ،قرار وزير العدل بإعطاء المخابرات العسكرية والشرطة العسكرية حق الضبطية القضائية. في خطوة "لعسكرة الدولة" كما استعاد المجلس العسكري سريعا. مسئولية التشريع ،بعد حل مجلس الشعب. والذي أتاح للعسكري عددا من الإجراءات التي مثل وجود المجلس عائقا أمام تمريرها. وفي المقدمة إصدار الإعلان الدستوري المكمل . وعلينا أن نتذكر أن المجلس العسكري حاول ذلك بالفعل. ولكن الدكتور سعد الكتاتني وقف ضد المحاولة. علي أساس أن المجلس. هو صاحب سلطة التشريع. واستعان المجلس العسكري ببعض من ترزية القوانين. الذين عميت بصائرهم. وعداؤهم للتيار الديني عن الطريق السليم . وقد صدر الإعلان بتلك الصورة البشعة، و تضمن جريمتين في ظني الأولي تقليص صلاحيات الرئيس، في خطوة استباقية لفوز مرشح حزب الحرية والعدالة د. محمد مرسي .والثانية خلق سلطة جديدة ،لم نسمع عنها من قبل، وهي سلطة المجلس العسكري، وهو بالضرورة، وبالتاريخ، وبحكم الواقع ، جزء من السلطة التنفيذية. باعتباره يمثل هرم وزارة الدفاع والتي تأتمر بأمر رئيس الوزراء ،التابع لرئيس الجمهورية. فكيف نقبل أن تقوم مجموعة من اللواءات ،مع كل التقدير والاحترام لهم، أن يقوموا بمهمة التشريع ،وبأي حق، وبأي صفة، بديلا عن المئات من أعضاء مجلس الشعب، المنتخب من أكثر من ثلاثين مليونا. ويمكننا ان نحاسبهم .بينما لا نستطيع ذلك مع أعضاء المجلس العسكري .ويصبح الحديث عن تسليم السلطة في نهاية هذا الشهر، إلي رئيس مدني "ضحك علي الذقون" . وهناك أمر آخر، حيث تمت التوصية للمجلس العسكري، بحل الجمعية التأسيسية ،الخاصة بوضع الدستور. علي أساس أن مجلس الشعب الذي قام بتشكيلها ، لم يعد موجودا. ودخل علي الخط رئيس الوزراء د. الجنزوري، وهو غير معني تماما بهذا الأمر. ومن المؤكد انه سيغادر منصبه. إذا سارت الأمور نهاية هذا الشهر. ولكنه لم ينس ثأره مع مجلس الشعب. الذي طالب بإقالته مرات عديدة ،خاصة أعضاء الحرية والعدالة. فاستدعي عددا من نفس الشخصيات من ترزية القوانين. وفي المقدمة منهم يحيي الجمل. الذي كشف المستور، عندما صرح بأنه تمت مناقشة تشكيل جمعية تأسيسية جديدة. ويصبح السؤال ما علاقة الجنزوري بهذا الأمر. وتدخل الترزية من جديد . نصحوا المجلس بعدم التعجل، واستخدام نفس سيناريو حل مجلس الشعب ،عن طريق القضاء، وهو جاهز للمهمة. في إطار ما تشهده مصر ،من ظاهرة الصراع بين السلطات. وبعدها يحق للمجلس العسكري، إعادة تشكيلها بنص الإعلان الدستوري المكمل. ونسي الجميع، الترزية ومن يعملون لصالحهم. ان هناك شعبا، يراقب، ويحاسب، وأصبح يملك من الوعي، والقدرة علي معرفة مصالحه، والقوة للدفاع عنها.