الرئيس أحمدى نجاد خلال الحوار مع الوفد الصحفى المصرى فى احدى القاعات بمرقد الامام الخومينى .. من اليمين طارق السنوطى نائب رئيس تحرير الأهرام المسائى ومحمد أمين المصرى نائب رئيس تحرير الأهرام ورضا محمود مدير تحرير الأخبار مستعد للحضور إلي القاهرة لأعمل بنفسي في تشييد الطرق والسدود لدعم الثورة المصرية مصر وإيران لابد أن يلتقيا من أجل مصلحة المنطقة.. والغرب وإسرائيل يعرقلان التواصل وعودة العلاقات لانخشي التهديدات.. ومصرون علي البرنامج النووي لأن البترول سينفد يوما ولانريد للغرب أن يظل يتحكم فينا إيران لاتقف ضد طموحات الشعب السوري ..لكن المشكلة أن الغرب يتحرك بإصرار نحو تقسيم سوريا لصالح إسرائيل لانرغب في التدخل بشئون الآخرين ..وأتمني ألا نظل نتصارع علي واحد بالمائه من تعاليم الإسلام قصة لقاءين بمجرد أن أخبرته بدعوتي لزيارة الجمهورية الإسلامية الإيرانية كانت توجيهات رئيس تحرير "الأخبار" الأستاذ ياسر رزق واضحة وموجهة بشكل محدد نحو ضرورة اقتناص فرصة الزيارة بإجراء لقاء مع الرئيس الإيراني الدكتور محمود أحمدي نجاد والتحاور معه في شتي القضايا الشائكة المثارة علي الساحة هذه الأيام والتي تعتبر إيران طرفا أساسيا وفاعلا فيها..طالبني رئيس التحرير بالتعرف علي الجديد فيما يتعلق بالملف النووي الإيراني وإصرار الغرب علي تعطيل إيران بأية وسيلة عن المضي قدما في تنفيذ برنامجها..وعن رؤية إيران للتهديدات الأمريكية والإسرائيلية بتوجيه ضربة للبرنامج النووي الإيراني.. التعرف عن قرب علي وجهة النظر الإيرانية تجاه علاقاتها بجيرانها العرب.. ومستقبل العلاقات المصريةبعد فترة من القطيعة وكيف سيكون شكل هذه العلاقات خاصة بعد قيام الثورة وإزاحة نظام مبارك الذي كان يقف بالمرصاد في وجه أي مبادرة لإعادة المياه المصرية الإيرانية إلي مجاريها.. الموقف الإيراني من ثورات الربيع العربي وخاصة الموقف الذي يشوبهالضباب فيما يتعلق بدعم إيران للنظام السوري ضد انتفاضة الشعب الشقيق ومطالبه المشروعة بإسقاط النظام والحصول علي حقه كاملا في اختيار من يحكمه..وقضايا أخري كثيرة طالبني ياسر رزق بأن أهتم بها إذا أتيحت لي فرصة لقاء الرئيس نجاد. رغم توجيهات رئيس التحرير التي اتفقت بالطبع مع طموحي وفضولي الصحفي إلا أنني كنت أخشي ألا تتاح لي مثل هذه الفرصة خاصة في هذه الزيارة التي أعلم جيدا أن أجندة الرئيس سوف تكون مزدحمة لارتباط الزيارة بفعاليات كثيرة تتعلق باحتفالات إيران بالثورة والتي تتزامن مع الاحتفال بالذكري الثالثة والعشرين لرحيل الإمام الخميني مفجر الثورة الإيرانية التي أطاحت بالنظام الامبراطوري لشاه إيران في ذلك الوقت محمد رضا بهلوي. منذ وصولنا إلي طهران العاصمة لم يذق الوفد الصحفي المصري طعم النوم.. البرنا مج مشحون بلقاءات مع المسئولين الإيرانيين ..بعضهم من المسئولين السابقين والآخر من المسئولين الموجودين الآن في السلطة ..لقاءات ذات طابع سياسي ولقاءات أخري تحمل الطابع الديني.. زيارات لمناطق لها دلالات مهمة عند الأخوة الإيرانيين ومنها زيارة المبني الذي كان مقرا للسفارة الأمريكية والذي جرت بداخله حادثة احتجاز الرهائن الأمريكيين في عهد الرئيس الأمريكي الأسبق رونالد ريجان ،وهي زيارة أعتبرها مهمة جدا، خاصة وأنها أتاحت لي الاضطلاع علي دواخل المبني وأسراره ، والأجهزة المتطورة التي كانت مستخدمة للتجسس علي المنطقة بأسرها، والتي كانت تضم أجهزة كمبيوتر لم يكن يعرف الذين يعيشون وقتها أنها أخترعت أصلا فما بالكم بالموجود داخل السفارات علي مستوي العالم الآن بعد مرور حوالي 40 عاما علي اقتحام السفارة الأمريكية في طهران! بعد أسبوع كامل من الزيارة علمنا أن هناك لقاء سيتم في مقر الرئاسة بالمدعوين من الإعلاميين والأكاديميين الذين حضروا إلي طهران لحضور الاحتفال بذكري رحيل الخوميني.. وصلنا إلي المقر.. وجدنا القاعة التي سيتم فيها اللقاء مزدحمة بوجوه من شتي أنحاء العالم.. جلس أعضاء الوفد الذي ضم 12 صحفيا في أماكن متفرقة.. بعد عدة دقائق رأيت من يشير ناحيتي.. في أول الأمر نظرت إلي الخلف لأري الشخص الذي يشار إليه.. فلم أجد أحدا يجيب صاحب الإشارة..اعتدلت في جلستي من جديد لأجد أن صاحب الإشارة- والذي علمت بعد ذلك أنه من المسئولين عن المراسم برئاسة الجمهورية الإيرانية - يكرر الإشارة مؤكدا أنني المقصود وطالبني بالتحرك علي عجل مصطحبا زميلا واحدا إلي الصف الأول الذي سيجلس فيه الرئيس نجاد .. وبدون أن نشعر وجدنا أنفسنا-خمسة من الوفد- في الصف الأول حتي أنه لم يبق إلا كرسي واحد فقط ليجلس عليه الرئيس الإيراني.. ظهر الرئيس نجاد فأتاح لنا الموقع الذي شاء قدرنا أن ننتقل إليه أن نكون من أوائل الذين صافحهم، ولسان حاله يقول أن هذه الوجوه مألوفة لدي، فوجدت نفسي أجيبه علي السؤال الذي سأله بعينيه: "نحن صحفيون من مصر".. علي الفور ظهرت علي وجه الرئيس نجاد علامات الامتنان وقال بالإنجليزية أنه ممنون وسعيد بزيارتنا وشد علي يدي أنا والزميل طارق السنوطي نائب رئيس تحرير الأهرام المسائي بحفاوة ،وظل بين الحين والآخر ينظر ناحيتنا بابتسامة. بعد أن انتهي الاحتفال سارع الضيوف لمصافحة الرئيس نجاد.. وفي وسط الزحام حيا زميلنا طارق السنوطي الرئيس نجاد وطلب منه أن يتيح لنا فرصة اللقاء به ولو لعشر دقائق، فأشار إلي ضابط من المراسم بكتابة رقم الهاتف حتي يمكن الاتصال بنا إذا تسني للرئيس أن يجد لنا ولو عشر دقائق وسط برنامجه المشحون.. كانت هذه ملامح اللقاء الأول الذي قل فيه الكلام وطالت فترة الجلوس بالقرب من الرئيس لمتابعة وقائع الاختفال والاستماع إلي الكلمة التي ألقاها الرئيس أحمدي نجاد بمناسبة الاختفال بذكري رحيل الخوميني. ظللنا نمني أنفسنا باللقاء ونتوقع اتصال المراسم لإبلاغنا بموعد لقاء الرئيس ليومين كاملين دون جدوي حتي أننا سافرنا إلي مدينة أصفهان التي تبعد عن طهران مسافة تقترب من ال 500 كيلو مترا بعد أن تأكدنا أن الظروف لن تسمح لنا باللقاء..وعلي مائدة الغذاء وبعد عودتنا من أحد المقابلات جاءنا الخبر.. موعدكم مع الرئيس اليوم في الثامنة مساء..فكان اللقاء الثاني.. و الحوار. أعرب الرئيس الإيراني الدكتور محمود أحمدي نجاد في بداية لقائه في طهران بوفد الصحفيين المصريين عن تطلعه لزيارة مصر ، وقال أن مشكلة من يعمل في منصب رئيس الجمهوريةأنه لابد أن توجه له الدعوة.. وأضاف نجاد :"إنني أنتظر بشغف الفرصة التي أستطيع أن أقوم فيها بزيارة مصر والالتقاء بشعبها العظيم"، فالعلاقات بين الشعبين يحكمها التاريخ والحضارة المشتركة، وأنه لا يمكن لأي أحد أن يقف امام تطوير هذه العلاقات لأن هذا الزام تاريخي للبلدين اللذين يسعيان للحرية والعدالة والسلام.. وأضاف :" نحن كإيرانيين نحب الشعب المصري، ونؤمن بأن عزته عزة لنا ، وتأكدوا أن الشعوب الحرة لابد لها أن تلتقي عند نقطة لتتعاون معا من أجل تحقيق الأهداف السامية"..وأنا متأكد أن مصر وإيران لابد لهما أن يلتقيا ". النووي بديلا للبترول وعندما سألته "الأخبار" عن الجديد في قضية الملف النووي أشار نجاد إلي أن هذا الملف يمثل أحد الذرائع الأمريكيةوالغربية ضد ايران، فهم يحاولون الوقوف كعائق ضد تحقيق اهدافنا وتطوير إمكانياتنا، واذا ما انتهي هذا الملف فإنهم سيتحركون لاختلاق واختراع قضية جدلية أخري.. وقال الرئيس نجاد: "إننا لانعبأ ولانخاف من تهديداتهم ..نحن ماضون قدما لتحقيق مانصبو إليه لصالح بلادنا، وعلي الجميع أن يعلم أن إصرارنا علي تنفيذ برنامجنا النووي السلمي نابع من إدراكنا أنه لابد أن يأتي يوم ينضب فيه البترول، لهذا فهم مصرون علي عرقلتنا حتي يتسني لهم بعد نفاد البترول الاستمرار في التحكم في مصائر شعوب المنطقة وإجبارها علي شراء الطاقة بالأسعار التي يفرضونها، ولذلك فإننا نحاول من الآن التحرك لصالح شعوبنا بإيجاد البديل المستقبلي حتي لانعطيهم الفرصة من جديد للهيمنة والسيطرةوالتحكم في مقدراتنا". تقسيم سوريا
وحول الموقف الإيراني المؤيد للثورات العربية في الوقت الذي اختلف فيه موقف طهران من أحداث سوريا.. قال الدكتور أحمدي نجاد:" إننا نقف مع توجه الشعوب نحوتحقيق الحرية والعدالة لأن هذا حق أصيل في الحكم الشعبي، ولذلك فإن إيران ترفض تدخل الحلف الأطلنطي في قضايا المنطقة، لأن شعوبها قادرة بنفسها علي حل الخلافات فيما بينها وبدون أي مساعدة من احد، فالغرب عدو للشعوب لكنه صديق للحكام المستبدين". وحذر نجاد من تدخل الغرب لانه يزرع الفتنة حتي داخل الشعب الواحد ، ولهذا نرفض بشدة تدخله فيما يجري بسوريا ، لانه يسعي الي تقسيم سوريا لمصلحة اسرائيل. إسلام واحد اما فيما يخص العلاقات مع السعودية والخليج.. تساءل الرئيس الايراني :" هل يوجد في المنطقة أكثر من إسلام أم هو إسلام واحد؟ .. هل فهمتم ما أقصده وأعنيه؟".. الاسلام واحد، لكن المشكلة أن الغرب يسعي دائما للتفريق بين العرب وايران ، ويثير فتنة أن هذا عربي وذاك ايراني،وأن هذا سني وذاك شيعي، وبعدما تحدث التفرقة وتبدأ الصراعات يقفز الغرب إلي المنطقة تحت مظلة التسوية والتظاهر بالسعي لحل المشكلة ، ثم يتحرك بكل خبث نحو تحقيق أغراضه بتقسيم دول المنطقة والسيطرة علي شعوبها. وأكد الرئيس الإيراني اننا نتجادل ونتصارع فيما بيننا علي واحد من ألف من تعاليم الدين الإسلامي وأوامر النبي محمدعليه الصلاة والسلام وهوالأمر الذي أوصلنا في النهاية إلي الاختلاف والتشرذم، وذلك علي خلاف ما يأمرنا به ديننا بأن نقف معا يدا واحدة متحدين في وجه من يثير الفرقة بين شعوبنا، وأنا هنا أؤكد لكم أن الشعب الإيراني لا يريد أن يفرض نفسه علي أحد، وأن إيران لا تسعي أبداللتدخل في شئون أية دولة بالمنطقة. مستعدون للحوار وفيما يتعلق بإجراء حوار عربي - ايراني علي غرار مفاوضات (5+1) بين ايران والدول الغربية .. قال نجاد ان هذه المفاوضات تختلف عن الحوار العربي - الايراني، لان مفاوضات (5+1) هي بين ايران ودول غربية تكن لإيران العداوة، في حين انه لا يجب ان نتحدث عن حوار عربي ذايراني، لان الصداقة والود وليس العداوة هي ما يجمع دول المنطقة، وايران تمد يدها لجميع الأخوة، ونحن علي اتم الاستعداد لاجراء حوار مع اي دولة اذا طلب منا ذلك. وقال: "يوجد بالمنطقة ثروات وخيرات وموارد بشرية قلما توجد في اي منطقة اخري بالعالم، والمهم ان نلتقي معا لوضع استراتيجية محددة لخدمة اهداف ومستقبل شعوب المنطقة، فلدينا علماء وخبراء وكوادر وجامعات، ومعظم ما يقوم عليه نتاج وتقدم الغرب هو نتاج عقول المنطقة، بدليل العلماء المصريين الكثيرين المنتشرين في الغرب". ودعا الي وضع كافة الامكانيات تحت تصرف العلماء لخدمة الدول الاسلامية ، وقال أنه عندما يتحقق ذلك فلن نكون في حاجة الي مساعدة أحد، وأنتم ترون كيف أن موقفنا هذا يغضب الغرب الذي يتمني للشعوب العربية والإسلامية أي تقدم حتي نظل سوقا رائجة يبيع فيها سلعه ومنتجاته و يظل يتحكم في ثرواتنا وأموالنا ومقدرات شعوبنا. مساعدة مصر دون مقابل وقال الرئيس الايراني أنه من الضروري أن نضع ايدينا معا لمتابعة إعمار البلدان الإسلامية والمساعدة في تقدم شعوبها، ونحن كشعب ايراني علي أتم الاستعداد لتقديم أي مساعدة تطلبها مصر في أي مجال وبدون أي مقابل وليس كما تفعل الولاياتالمتحدة التي تضع شروطا مجحفة بحق هذا الشعب العظيم عندما تتحدث عن تقديم أية مساعدات لمصر. صمت الرئيس نجاد لبرهة ثم نظر تجاهنا وقال:" انا شخصيا كمهندس قبل أن أكون رئيسا لإيران مستعد للذهاب الي مصر للمساعدة في بناء السدود وتطويرالصناعة المصرية ".. وهنا حمل الرئيس الايراني الوفد الإعلامي سلاما وتحية خاصة للشعب المصري مؤكدا أنه مستعد وجاهز لزيارة مصر عندما تحين الفرصة. بعيدا عن الرسميات
وكان الرئيس الايراني محمود أحمدي نجاد قد ذكر في بداية حواره مع الوفد الصحفي المصري بأنه كان حريصا علي الالتقاء بالصحفيين المصريين في جو ودي بعيدا عن الرسميات ودون التقيد بالبروتوكول المتبع في مثل هذه اللقاءات، وذلك لما تمثله مصر وشعبها من أهمية بالنسبة له شخصيا وللشعب الإيراني عموما.. وقال مشيرا إلي قلبه :"أنتم هنا في القلب"..ثم أكد عليها وكررها مرة ثانية: "أنتم هنا في القلب".. وقال أن العالم كله يدرك جيدا تأثيرالثقافة والحضارة والتاريخ التي نبعت من تراب هذين البلدين.. وقال أن ما قام به المصريون من ثورة عظيمة هو أكبر دليل علي أنهم يتوقون الي وضع افضل. وحذر نجاد من هيمنة الحدود المصطنعة علي تفكير شعوب المنطقة، لأن مثل هذه الأمور يصنعها الحكام الفاسدون والطغاة والمستكبرون لتسخير الشعوب لخدمة مصالحهم، دون أن يهتموابتحقيق أي تطور أو تنمية تصب في مصلحة شعوبهم، وهو الأمر الذي أدي في نهاية المطاف الي قيام الثورات العربية وعلي رأسها الثورة المصرية.. وطالب الرئيس الايراني باستغلال الصحوة لدي الشعوب العربية بالسعي إلي ازالة الحدود المصطنعة والعمل علي التقارب لتحقيق المتطلبات والآمال التي تطمح إليها الشعوب.. وقال الرئيس الإيراني: "علي مصر وايران بحكم ما يجمعهامن تاريخ تحمل مسئولية العمل معا من أجل رفعة شعبيهما وشعوب المنطقة بأسرها".