د. محمد السعدنى ليس صحيحاً أن نتائج الجولة الاولي من الإنتخابات الرئاسية قد وضعتنا في مأزق إما التسليم بالدولة الدينية أوإعادة إنتاج النظام السابق، لأن صياغة الأمر علي هذا النحو إنما هو اجتزاء للمعني واختصار لدلالاته، وهي محاولة خبيثة من فريق يضع ولاءاته لجماعته فوق إنتمائه للوطن ويغامر لتحقيق أطماعه ومشروعه الأممي التوسعي. إنها معادلة جدلية غير صادقة أريد لنا الإنزلاق إليها ليديروا من خلف ظهورنا حركة الشارع وأشواق الناس وحماس ونبل شباب الثورة بما يصب في نهر أحلامهم وأمنياتهم في الحصول علي الجائزة الكبري "مصر" التي لا تعني لدي الكثيرين منهم إلا مربعاً علي رقعة الشطرنج يلاعبون بها الطامعين فيها والمتلمظين للنيل منها، وليس لديهم مايمنع أن يلاعبهم علي رقعتها ويشاركهم في حلم " كش ملك " قوي إقليمية طامعة ذات مشروع توسعي معاد وقوي دولية لا تريد لمصر أن تنطلق وتنهض. ومن أسف فإن قيادات هذه الجماعة يراوغون الثورة والثوار ويحاولون فرض منطقهم النفعي الأناني علي الجميع، يخادعوننا بمعسول الكلام ومغازلة الثورة عندما تعييهم الحيل للوصول إلي كرسي الحكم، ويديرون لنا ظهورهم عندما تضحك لهم الظروف وتداعبهم الأيام وتجاملهم السلطة وتنسق معهم. اليوم إنطلقوا علينا بمدفعية ثقيلة علي كل الفضائيات الباحثة عن الإعلانات من ورائهم وكفلائهم وأموالهم السياسية وإنفاقهم الباذخ، يكررون علينا أكاذيبهم عن حاكمية الثورة وهم الذين أعلنوا في مجلسهم الموقر أمام كل الشعب "الشرعية للبرلمان وليس للميدان". اليوم يتحدثون عن الثورة وحقوق الشهداء وهم من طالبوا من قبل أولياء الدم بقبول "الدية" .اليوم يقدمون أنفسهم بإعتبارهم الثوار ويحذروننا من أحمد شفيق وإعادة إنتاج نظام مبارك، وهم مثله جزء من ذلك النظام وعقدوا معه الصفقات بل أيد مرشدهم السابق ونائبهم توريث جمال مبارك بشرط أن يكون ديمقراطياً ويسمح لهم بالمرور ولمشروعهم التوسعي بالتحقق علي الأرض. ولقد إقتسموا مع دولة مبارك السلطة إذ إحتفظ النظام بالسلطة السياسية والأمنية وترك لهم السلطة الأبوية الدينية فانطلقوا يضعون الحجاب علي رأس الوطن ويحجمون مبادرات وحريات المبدعين ويقيمون "دعاوي الحسبة" علي من يخرج علي طاعتهم حتي تطاولوا في البنيان. إن ما يطرحونه في الفضائيات يجافي دخيلة أفكارهم وتوجهاتهم وليس أدل علي ذلك ما جاء في مقال "سيدي أبو الروس"الذي كتبة في المصري اليوم نائب المرشد السابق د. محمد حبيب الذي غدر به مكتب الإرشاد، ويبدو أن الرجل ثقل علي ضميره تحمل كل هذه الدعاوي والأكاذيب فنطق لسان حاله غاضباً " كفاية إنتو صدقتوا نفسكم ولا إية... داحنا دفنينوا سوا". نعم يمكنني أن أسلم معك أن نتائج الجولة الأولي جاءت إعلاناً واضحاً عن إستكمال إختطاف الثورة، ولكن علينا ونحن نتحسب لذلك ألا نهدم المعبد علي رؤوس الجميع، وألا نستجيب لمزايدات الإخوان ولا أنانية بعض النخب السياسية حتي بما فيهم شخصيات وطنية مناضلة جرفهم الحماس فكانت عيونهم علي حركة الجماهير المعبأة والثائرة النبيلة أكثر مما تقتضيهم مسئوليتهم الوطنية تجاه وطن لا ينبغي أن يسلم قياده لجماعة تمتد حساباتها خارج الوطن أكثر من داخله، وتعاقر فكراً مأزوماً عن الدين والسياسة والإجتماع شكل روافده أبو الأعلي المودودي والسيد قطب والإمام إبن تيمية في تشدده وحرفيته. الآن الشرعية للميدان ولقد وجد الميدان قادتة الحقيقيين لذا استحلفكم جميعاً ألا تعرضوا الوطن للخطر ولا تحققوا أجندة الفتنة والفوضي الكبري ويكفيكم أن د. محمد مرسي الذي هو واجهة لمشروع سياسي أممي طائفي عنصري فاشستي أحياناً يوظف الدين في مشهد البحث التجريبي لدولة الخلافة ويعلن رفضه للمجلس الرئاسي ويطلب مهلة لإكمال الإنتخابات فإذا فاز، فبها ونعمت وإذا خسر إنضم إلي حمدين وأبو الفتوح وخالد علي في المجلس الرئاسي، وياليتها من مفارقة، إنه نفس منطق صفوت الشريف وكمال الشاذلي وأحمد عز وفتحي سرور وزكريا عزمي الذين قال عنهم الإخوان أنهم رموز وطنية وسياسية مرموقة وأخلوا لهم دوائر مجلس الشعب قبل الثورة. يا كل الثوار دعونا نكمل جولة الإعادة وكونوا علي بينة أنه لا أحد يمكنه إعادة عقارب الساعة إلي الوراء ولا أحد يستطيع إعادة إنتاج النظام القديم، لا تضحوا بالدولة المدنية ولا تسمحوا للإخوان أن يدفعونا للرقص علي طبولهم فهو رقص مع الذئاب، ولم يرقص مع الذئاب أحد إلا افترسته، ما عدا " كيفن كوستنر" في فيلم الرقص مع الذئاب الذي حاز جائزة الأوسكار1990، ذلك أنه لم تنطل عليه أباطيل ودعاوي "اليانكي الأمريكي" في حرب إبادة الهنود الحمر. لا توقعونا في مخطط الدولة الدينية وتنظيمها الذي سيقتلع الدولة المدنية الحديثة من جذورها وسينقلب عليكم جميعاً، يغازلكم اليوم وكما "أمنا الغولة" سيأكلكم غداً ولن تستطيعوا إقتلاع مرسي وجماعتة إذا وصلوا للحكم كما يمكن أن تفعلوا مع شفيق رغم كثير تحفظاتنا عليه، وساعتها لن يلتفت الغرب ومؤسساتة إليكم ولن يقف ضدهم كما فعل مع "بورج هايدر" وحزبة النازي في أواخر التسعينات في النمسا، فقد كان عدواً للدولة الصهيونية أما الإخوان فقد استقبلوا جون ماكين ومدير المخابرات المركزية ورجال الكونجرس ودعمتهم تصريحات مسز كلينتون والسفيرة الأمريكية في مصر آن باترسون. وأذكركم أن الفيلم الذي حاز الأوسكار بعد الرقص مع الذئاب كان فيلم "صمت الحملان"، ولا يخلو الأمر من رمز او دلالة.