د. سمية سعد الدين نعم.. صدمتنا نتيجة الانتخابات .. نعم زادت مخاوفنا.. نعم فرقت صفوفنا.. نعم أنطقت أخرسنا.. وأخرست البليغ منا.. حقا ارتبكنا.. بكينا..غلت الدماء في عروقنا..انهزمت بعض الشئ إرادتنا.. ثم راحت السكرة وجاءت الفكرة.. وبعدها تتالت الأسئلة.. ثم ماذا؟ وكيف؟ ومن؟ وإلي أين؟! هذه هي المعادلة الصعبة التي قادتنا إليها نتيجة الانتخابات الرئاسية الأولي بعد الثورة المصرية الملهمة .. والتي أفقنا منها نحن الشعب الذي اختار الثورة حلما.. وطريقها ملاذا.. ومستقبلها أمنا.. أفقنا منها لنجد أنفسنا ندور في فراغات لانهاية لها.. وفي مآزق لامخرج منها! وإذا بنا نسير إلي التهلُكة.. فإما أن يلتهمنا الماضي..أو نضيع في مجهول المستقبل.. أو نختار العيش في فوضي الحاضر! هذه هي الخيارات التي اعتقد البعض أننا محاصرون بها .. فكان الإحباط والإحساس بالاكتئاب والانهزامية والارتباك والحيرة والفوضي وللأسف كان هذا أيضا هو المطلوب تماما من جانب المتصارعين علي السلطة والذين يريدون منا أن نختار بينهم تحت تهديد الانحيازات، فإما أن تكونوا معنا أو أن نكون ضدكم.. علي حين أننا نحن شعب الثورة نريد، بل ونملك كُل الحق وحدنا في أن نحدد من نريده أن يكون معنا، كما أننا نعلم من نريد أن نكون نحن ضده! هذه هي نتيجة الامتحان الصعب الذي خضناه، والتي كشفت نتائج صناديق الإجابة عنها بوضوح، والتي أظهرت أن هذا الشعب لم يكن يوما مغيبا، كما كشفت عن أن قوانا الثورية ممثلة في إرادة مواطنينا الثوريين الشرفاء لايمكن- كما لايحق لهم - أن تصابوا بالإحباط أو الإكتئاب، بل علي العكس فإن عليهم أن يتسلحوا بالثقة في الذات،وبرأيهم كأغلبية ساحقة استطاعت أن تعبر عن رغباتها في اختيار زعاماتها دون تردد أو تخبط، حقا النتيجة لم تكن حاسمة من الجولة الأولي، ولكن من قال أن نجاح الثورات في تحقيق انتصاراتها علي أرض الواقع،وهو النجاح في الامتحان الديمقراطي الصعب يتحقق من المرة أو الجولة أو السنة الأولي! إن الحقيقة التي كشفت عنها 57٪ من الأصوات إنما تعلن بوضوح عن حقيقة تدعو لكل التفاؤل بالمستقبل، ولضرورة الإصرار علي الغد، وأن الشعب صاحي وواعي، وأن علي من يطلقون علي أنفسهم لقب النُخبة أن يكفوا عن استقراءاتهم التي أمطرونا بها دون ارتكان إلي صوت المواطن المصري والشارع المصري، وأن علي بعض الإعلام الذي باع نفسه في سوق النخاسة أن يصمُت للأبد، بل وأن عليه أن ينصت لصوت شعب قرر اسقاطه من فوق منصات الإطلاق المزيفة! أقول إن بالعمل الثوري الجاد المستمر، وبالاستفادة من الأخطاء، وبالإنصات لخبرة شيوخ الثورة وعمق رؤيتهم، وبالسير خلف إبداعات شبابها وحماستهم، وبالاستناد إلي العضلات الوطنية لعمال مصر، والتبرك بخير سواعد فلاحيها، وبمساندة أحلام فتيات وسيدات مصر، وبتبني حقوق أطفال مصر، يمكن أن نُكمل مشوار الثورة وأن نجتاز مصاعبها علي اعتبار أن الإبداع الثوري هو الطريق الأوحد للتقدم، وأن البحث عن حلول مشاكلنا المزمنة هو الأمل، وأن الالتفاف حول مكاسبنا المستقبلية هو المُحرك، وأن التصالح بين أطيافنا هو المُنقذ ، وأن تحديد عدونا من أصدقائنا هو الممر، وأن العلم والبحث العلمي هو الحارس، وأن محو الأمية هو المحك،وأن الصحة هي الزاد، والإنتاج هو مصدر القوة، وزرع وصناعة القوت هو الأمن، وأن إعادة الإحساس بتقدير الذات لكل فرد في شعبنا هو المحرك، وأن الدين الوسطي هو الملاذ، ،وأن تفعيل ميثاق الحقوق الإنسانية هو الأمل، وأن الدستور هو الحل، وإلا فمن نكون إذا فقدنا خارطة طريقنا، واستسلمنا أومنحنا صكوك ملكية مصر، وسلمنا رؤوسنا وعقولنا، ومستقبل أبنائنا لمن لا يعبّر عن ثورتنا؟ حقا الاختيار أمامنا كشعب صعب، ولكن الاستسلام بعد أن عشنا وفرحنا واعتنقنا أحلام ثورتنا أصعب.. لذلك لم يعد أمامنا إلا أن نمسح دموعنا، ونستكمل أهداف ثورتنا، وأن نؤمن أن الزمن لم يعد هو الزمن، والمستقبل لايمكن أن يكون الماضي،وأن الغد يبني فقط علي اليوم، وأننا لن نمنح مفتاح مصرنا مرة أخري علي طبق من الذهب السياسي إلا لمن يستحق أن يفتح به معنا أبواب مستقبلنا .. وتذكروا كم هي عظيمة إرادتنا عندما نقرر كشعب.. وتذكروا لحظة العبور العظيم! مسك الكلام .. إذا الشعب المصري يوما اتخذ القرار، فلابد أن ينحني القدر!