حمدى رزق لقد اسمعت اذ ناديت ، وكأننا نؤذن في مالطة القريبة ، ولكن لا حياة لمن تنادي، تمترس الجنرال في موقعه مرشحا فريدا من نوعه ، وذهب بالوطن إلي أتون حرب أهلية وقودها الناس والحجارة ، لامهرب منها إلا لله ، ليس لها من دون الله كاشفة ، ربنا يخلصنا من عذابات هذا اليوم الذي يتوج فيه الجنرال رئيسا ( فرعونا ) وهذه الأنهار تجري من تحته ، ليست انهارا من عسل ولبن ، ولكنها أنهار من دماء يغتسل فيها الجنرال ويعمد حكمه ، إِنِ الحكم إلا لله . لقد أسمعت اذ ناديت ، تمترس المرشد في سدة الإرشاد ، وأصطفي لنا أخا من أخوانه أتاه موقعا وعلمه الحروف كلها ثم عرضه علي مكتب الأرشاد ، فهب الأخوان ، ناصروه وآزروه بمدد من عنده ، من عند المرشد ، وأوصلوه إلي جولة الإعادة ليحكمنا باسم المرشد ، باسم المقدس ، سمعا وطاعة ، ويحرر الرئيس من البيعة ، ويستعبد الشعب ، لاعاصم اليوم من حكم المرشد ، إن الحكم إلا لله . لقد أسمعت اذ ناديت الجنرال أن أنسحب ، ولكن لاحياة لمن تنادي ، لقد أسمعت اذ ناديت الشيخ أن أنسحب ، لكن لاحياة لمن تنادي ، أليس فيكما رجل رشيد ، صاحب رأي سديد ، وبصر حديد ؟ بصرك اليوم حديد ، تري إلي أين نحن ذاهبون ، أإلي فتنة؟ لعن الله من أيقظ الفتنة ، وعمل عليها ، وأطلقها من عقالها تحرق الأخضر واليابس ، تحرق قلب مصر علي بنيها وبناتها المفجوعين في ثورتهم ، المحبطين في حلمهم ، المنكسرين في آمالهم في عيش حرية عدالة أجتماعية . أنسحبا يرحمكما الله ، انسحابهما رحمة ، فلينسحبا معا( شفيق ومرسي ) ، يدا في يد ، المركب اللي تودي إلي بر السلامة ، السلامة الوطنية ، مصر هي الباقية ، لن تصعدا علي جثث الشهداء ، لن تصعدا علي جثة مصر ، مصر ليست جثة، مصر حية نابضة ، مصر التي أطاحت بالعتيد ذي العمر المديد ، ستطيح بالعديد ممن لايحترمون أغلي أسم في الوجود، ويختانون أم الدنيا في المضاجع القطرية ، ويمارون ويفتئتون علي إرادة شعب علم العالم معني الحضارة . فلينسحبا معا ، رحمة بالبلاد والعباد ، يريحيان ويستريحان ، يريحا أعصاب شعب أنهكته الخطوب ، ودقت علي رأسه الطبول ، وتناوبته الأعاصير ، وتداعت عليه الأمم تداعي الأكلة إلي قصعتها ، ليس عن قلة ولكن غثاء كغثاء السيل ، فلينسحبا برب هذا البيت الذي أطعمهم من جوع وأمنهم من خوف ، نحن أسري خوف عظيم وخشية متصلة ، قلق عارم ،علي قلق كأن الريح تحتي ، صدورنا صارت ضيقة حرجة كأنما تصعد في السماء . فلينسحبا معا ،وليسهما في البناء ، ويرفعا القواعد من البيت ، وليتقبل منهما الله سعيهما ، وليحفظ اللهم هذا البيت آمنا مطمئنا وليرزق أهله من الثمرات ، فلينسحبا معا ، نريدها مصرية ، مصرية مدنية وسطية ، لاعسكرية ولا دينية ، لانريد دولة الجنرال العائد من غيابات الجب المباركي يبارك ثورتنا ويمدها بمدد من عنده ، لانريد دولة المرشد الذي يحكمنا بالسمع والطاعة ، لاسمعا ولاطاعة لمن يريد أن يحكمنا بالمقدس ، مقدسة هي الحرية ، لاقداسة لبشر ، لا ولاية لفقيه ، لا سمعا ولاطاعة لمرشد ، مصر دولة وشعب وحضارة ،مصر ليست جماعة ،مصر لن يحكمها تنظيم ، أكبر من حزب وطائفة ، مصر أم الدنيا لو تعلمون . بأيكم المجنون الذي ينهي مصريا إذا صلي في ميدان التحرير وثار علي ظلم وطغيان ،أليس ظلما وصولهما معا إلي جولة الأعادة ، أليس عدونا تنافسهما علي حكم مصر ، الطوفان أغرق فرعون وملئه ،طوفان الماء ، طوفاني البشر أغرق مبارك وملئه ، لم تعصمه جبال المال ، ولا مدد الحزب ، ولاجاه ولاسلطان ، لاعاصم اليوم من ثورة الجماهير ، القدر يغلي ، الوطن يمور ، إذا الشعب يوما أراد الحياة فلابد ان يستجيب القدر ، الشعب يريد ، الله يرعي الشعب ، يد الله مع الجماعة ، الله يفعل مايريد ، ويمكرون ويمكر الله ، والله خير الماكرين ، يمكرون بأهليهم ، ويظنون بهم السوء ، أن يرضوا بطغيان كالذي كان ، ويتربصونا بأهلينا الدوائر ، وستدور الدوائر ومن كان غالبا سيسقط من حالق ، ومن يستهن بإرادة شعب ، فلينل جزاؤه وما جزاء الظالمين . فلينسحبا معا ويخليا الساحة لمن هو أقدر ، وأوفق ، الفرس والخيال ، لاشفيق خيال ، كان طيار شاب ، لكن الشعر شاب ، ولا مرسي كان خيال ولا خطر علي ذهنه ركوب الخيل ، مرسي يركب مركب الجماعة فيبحر هائج ولا يجيد السباحة ، مرسي رجل طيب قذفت به المقادير ، مطيع لمرشده ، ومراجعه العليا ، ترشح فترشح وكان من المترشحين . معا ليس واحدا منهما ، معا ليس بأحدهما أفضل من الآخر ، لافضل لشفيق ولا مرسي علي الثورة ، أدعاء الثورية في سن متأخرة بعد العمر ماضاع أقرب لأدعاء الشباب في أرذل العمر ، وهن العظم مني وأشتعل الرأس شيبا ،أدعاء الأنحياز للثورة تكذبه أنهار الدماء التي أريقت علي أبواب البرلمان ، برلمان الإخوان ، والإخوان إليها ناظرون لم تحرك فيهم شعرة ، ولاهم كانوا محزونين . المهرة العفية يركبها خيال ، لاخيال ظل ، ظل مبارك ، وظل المرشد ، وكلاكما خيال ظل ، ظل لعصر بائد ، ظلال كئيبة ، رمادية شاحبة ، شبحية ، تطل من كوة الصندوق من بين أوراق التصويت ، مخيفة ، ياله من كابوس نمنا وصحونا عليه ، نحتاج لقراءة المعوذتين وماتيسر من آيات الذكر الحكيم للنوم الهادئ في حضن الوطن .