أثارت سيناريوهات الحكم الذي ستصدره محكمة جنايات القاهرة يوم السبت المقبل بحق الرئيس السابق حسني مبارك جدلا بين القوي السياسية، بين من يري أن حصوله علي البراءة يعني ضرورة العودة إلي ميدان التحرير في لتصبح ثورة ثانية، ومن يري ضرورة التريث حتي لا يكون ذلك فخا من الفخاخ لإلهاء القوي الثورية من أجل تمرير وصول الفريق أحمد شفيق، آخر رئيس وزراء في نظام مبارك، إلي كرسي الرئاسة. الداعية الإسلامي د.صفوت حجازي، عضو مجلس أمناء الثورة المصرية، يتبني الحل الذي يميل إلي التريث، وقال: " الإنتخابات الرئاسية في تقديري أهم مائة مرة من مبارك " . واضاف " حصوله علي البراءة يعني العودة للميدان والإنشغال بهذه القضية عن إنتخابات الرئاسة " . ودعا الداعية الإسلامي الشباب إلي تحكيم العقل والإنشغال عن محاكمة مبارك بالعمل علي عدم وصول شفيق إلي كرسي الرئاسة ، مضيفا :»هذا المخطط، وهذا ما سأحرص علي تأكيده في اجتماع مجلس أمناء الثورة المصرية الذي سيعقد اليوم لمناقشة سيناريوهات محاكمة مبارك "..ويتفق مختار العشري رئيس اللجنة القانونية لجماعة الإخوان المسلمين مع الرأي السابق في احتمالية وجود مخطط لتمرير شفيق لكرسي الرئاسة عبر محاكمة مبارك، وقال: " كل شيء وارد، في ظل نظام مبارك الذي لا يزال يحكم، متمثلا في المجلس العسكري وحكومة الجنزوري " . ورغم إعترافه بذلك، إلا أنه يري صعوبة في السيطرة علي مشاعر الشباب الثائر، وأضاف: " حصول مبارك علي البراءة يعني قيام ثورة ثانية ". ويرفض العشري الفصل بين محاكمة مبارك والإنتخابات الرئاسية، لأنهما تؤديان لنفس النتيجة، حسب وصفه. وقال: " نحن أمام نظام يريد العودة، وقد يكون السبيل لذلك وصول شفيق لكرسي الرئاسة، وحصول مبارك علي البراءة " . من ناحيته، أعتبر عصام الشريف المتحدث باسم الجبهة الحرة للتغيير السلمي، ما حدث في انتخابات الرئاسة، مقدمة لما ستسفر عنه محاكمة مبارك..وقال: " عندما يصل رئيس وزراء قامت عليه ثوره إلي جولة الإعادة في انتخابات الرئاسة، فإننا لا نستبعد حصول الرئيس نفسه علي البراءة ". ويرفض الشريف الدعوات التي تطالب بالتريث حال حدوث ذلك، وقال: " لن يكون أمامنا حينها إلا خيار واحد، وهو العودة الفورية مرة أخري إلي الميدان ". وعن شكل هذه العودة، لم يحدد الشريف تفاصيلها والتي ستتم مناقشتها في إجتماع تعقده الجبهة ، مكتفيا بالقول: " سيكون طابعها العام هو السلمية، فثورتنا سلمية وسنحرص علي أن تظل كذلك ". ويربط تامر القاضي المتحدث الرسمي باسم اتحاد شباب الثورة هو الآخر بين وصول شفيق لمرحلة الإعادة في الإنتخابات ومحاكمة مبارك، وقال: " في ظل سخونة الأحداث بعد وصول شفيق للإعادة، فإن حصول مبارك علي البراءة سيكون هو القشة التي قصمت ظهر البعير ". وتوقع القاضي خروجا تلقائيا للجماهير إلي الميدان دون انتظار لدعوة القوي الثورية في حال حصول مبارك علي البراءة، لكنه تمني عدم حدوث ذلك، ودعا القوي الثورية إلي التركيز علي عدم وصول شفيق إلي كرسي الرئاسة. وقال: " وصوله يعني حصول مبارك علي البراءة، إذ كيف نتصور ان الرجل الذي وصف مبارك انه مثله الأعلي، لن تكون أولي قراراته الإفراج عنه ". وإذا كانت القوي الثورية لا تستبعد حصول مبارك علي البراءة، فإن رجال القانون لم يستطيعوا أن يجزموا بذلك، وتحدثوا عن أن كل الإحتمالات واردة سواء بالبراءة أو الإعدام أو الحكم المخفف، وهو ما يرفضه المحامي ناصر أمين رئيس مركز استقلال القضاء والمحاماة، الذي قال: " كل الإجراءات القانونية التي اتخذت مع مبارك باطلة " . واستطرد: " في مرحلة ما بعد الثورات، يستوجب الأمر محاكمات ثورية خاصة ، فنحن ندفع ثمن رضائنا من البداية بمحاكمة رموز النظام السابق بالقانون المصري العادي وأمام القاضي الطبيعي " . ووصف أمين محاكمة مبارك ب " الصورية " ، وقال: " كان ينبغي محاكمته وفق القانون الدولي.. باب ( الجرائم ضد الإنسانية )، لأن القانون المصري لا يعرف جريمة القتل الجماعي التي حدثت أثناء الثورة ".