نوال مصطفى يبدو أننا أصبحنا مصابين بإدمان "الأزمة"! أي أننا لا نريد أن تنتهي حالة التوتر أو الترقب أو عدم الاستقرار ويعجبنا أن نظل ندور في دائرة مفرغة لا تنتهي أبداً! فبعد انتظارنا طويلاً للحظة التاريخية التي ننتخب فيها رئيساً للجمهورية الثانية بعد ثورتنا العظيمة وبعد أن سارت العملية بنجاح وهدوء وشفافية شهد بها الغرب قبل أن نشهد بها نحن من خلال مراقبة المؤسسات الدولية لحقوق الانسان ونزاهة الانتخابات بعد هذا كله وقعنا مرة أخري في فخ "الأزمة" وكنا قاب قوسين أو أدني من الوصول إلي الهدف وهو انتخاب الرئيس. صحيح أن النتيجة في الجولة الأولي لم تكن مرضية لقطاع من الشعب يمثل القوي الثورية، انتهي التصويت لصالح مرشحين أحدهما هو الفريق أحمد شفيق المحسوب علي النظام القديم، والثاني هو الدكتور محمد مرسي المنتمي للجماعة. ومفاجأة الانتخابات في جولتها الأولي صعود نجم جديد نافس بقوة وحقق تقارباً واضحاً في عدد الأصوات التي حصل عليها من المرشح الثاني وهو حمدين صباحي. ووجدنا آراء واتجاهات غريبة لا تريد أن تعترف بإرادة الشعب ولا بأصوات المواطنين المصريين الذين أدلوا بها وفي هذا افتراء شديد علي مبادئ الديمقراطية الحقة. فما معني عدم الاعتراف برأي هؤلاء الذين صوتوا لصالح شفيق؟ وما معني عدم الاعتراف أيضاً بمن صوتوا لصالح مرسي ؟ إننا يا سادة نمارس دون أن ننتبه أقصي ممارسات الديكتاتورية عندما نلغي آراء أخري لمجرد أنها لم توافق ميولنا السياسية. والعجيب أن كل المرشحين أدلوا بتصريحات قبل إجراء انتخابات الجولة الاولي وأولهم حمدين صباحي والدكتور أبو الفتوح يؤكدون فيها تقبلهم للفائز أياً كان واعترافهم الكامل بالرئيس الذي سوف يرجحه الناخبون، لكن الواقع أن كل هذه التصريحات قد تبددت بمجرد ظهور نتائج الجولة الأولي التي حسمت معركة الإعادة بين مرسي وشفيق. ورأينا عجب العجاب في آراء تطالب بوقف إعلان النتيجة الرسمية للجولة الأولي وأخري تنادي بإجراء جولة الإعادة بين ثلاثة مرشحين بدلاً من اثنين وهم مرسي وشفيق وحمدين، استناداً إلي أن هذا الحل سوف يمتص غضب القوي الثورية ويحقق رضاءً عاماً بين أطياف الشعب!. يبدو أننا نعيش في جمهورية سكسونيا وليست الجمهورية الثانية، جمهورية يخترع فيها كل فصيل سياسي نظاماً "علي مزاجه"، ليس مهماً أن يبتعد هذا النظام عن القانون أو العرف أو المنطق، المهم ألا يبتعد عن مصالحه الشخصية وقدرته علي انتزاع منصب الرئيس. قلت في نفسي "يا فرحة ما تمت" وتذكرت الجملة الشهيرة للمصريين عندما يفرحون أو يضحكون كثيراً عندها تصدر منهم جملة شهيرة تقول: "اللهم اجعله خير"، وقد ضحكنا وسعدنا كثيراً يومي الأربعاء والخميس الماضيين بهذا الحدث التاريخي الذي تم بكل شفافية ونزاهة واحترام سواء من المجلس العسكري أو جهاز الشرطة أو الناخبين أنفسهم وعدنا جميعاً إلي بيوتنا والراحة تغمرنا والترقب والفضول يقتلنا لفرز الصناديق وإعلان النتيجة. كانت المشاعر إيجابية في معظمها مليئة بالأمل مترقبة للخطوة الثانية في الإعادة وانتهاء سير العملية الانتخابية. ولكن لم نكد نهنأ بتلك المشاعر حتي داهمنا النواح ولطم الخدود علي "فيس بوك" و "تويتر" وحاصرنا الخبراء الاستراتيجيون علي الفضائيات وأحبطنا المرشحون أنفسهم من خلال تصريحات تثير القلق والاحباط واليأس في إمكانية الوصول إلي اللحظة التي نحلم بها جميعاً وهي انتخاب رئيس مصر القادم. فلنهدأ جميعاً ولنؤد دورنا حتي النهاية ولا نستمع إلي الدعوات الهدامة بمقاطعة الانتخابات في جولتها الثانية، فالمقاطعة في رأيي هي سلاح العاجزين لأنها ببساطة يمكن أن تأتي بالأسوأ. حماكِ الله يا مصر من هؤلاء المنتمين إلي مصالحهم الخاصة في جمهورية "ساكسونيا"!.