خسائر بمنازل قرية شطورة بسوهاج بسبب ضعف الكهرباء.. والأهالي يستغيثون    ارتفاع أسعار الذهب اليوم الجمعة في بداية التعاملات    «مدبولي»: نتابع الموقف أولا بأول وتنسيق بين المركزي والمالية لزيادة مخزون السلع    «خامنئي» يعين سياري قائدا مكلفا للأركان ووحيدي قائدًا للحرس الثوري    أول فيديو ل«مسيرات إيران» قبل وصولها إلى إسرائيل    الأهلي يواصل تدريباته استعدادًا لمواجهة إنتر ميامي في كأس العالم للأندية    وكالة إيرانية: وفاة علي شمخاني مستشار خامنئي متأثرا بإصابته في الهجوم الإسرائيلي    في ختام رحلة الوفاء.. أسر الشهداء يغادرون المدينة المنورة بقلوب ممتنة    ترمب: لا يمكن السماح لإيران بامتلاك قنبلة نووية ونأمل بعودة المفاوضات    زيادة تجاوزت 800 جنيه.. قفزة كبيرة في أسعار الحديد والأسمنت الجمعة 13 يونيو 2025    مونديال الأندية 2025.. 26 بطلًا للعالم يتألقون في سماء أمريكا    مجلس النواب يناقش الموازنة العامة للدولة (2025/ 2026) الأسبوع المقبل    بعد مقتله.. من هو الجنرال غلام علي رشيد نائب رئيس الأركان الإيراني؟    بعد انفجارات طهران.. سعر الدولار يقفز عالميا اليوم الجمعة 13-6-2025 (التحديث الجديد)    طقس اليوم: شديد الحرارة نهارا معتدل ليلا.. والعظمى في القاهرة 38    هشام ماجد يهنئ محمد دياب وصنّاع «هابي بيرث داي» بعد فوزه في مهرجان تريبيكا    أسعار الفراخ اليوم الجمعة 13-6-2025 بعد الانخفاض الجديد.. وبورصة الدواجن الرئيسية اليوم    «جدتي كانت بتولع جنبي».. نص أقوال طالبة طب في حادث طريق الواحات قبل وفاتها (خاص)    توك شو المونديال... أبرز تصريحات محمد هاني قبل مباراة إنتر ميامي    نجوم الفن في حفل زفاف منة القيعي ويوسف حشيش وأحمد سعد يشعل الأجواء (صور)    جعفر: الفوز بكأس مصر كان مهم قبل بداية الموسم المقبل    النفط يقفز بأكثر من 5% بعد الهجوم الإسرائيلي على إيران    هيونداي تشوق محبيها بسيارة أيونيك 6 N موديل 2026.. دفع رباعي بقوة 641 حصانًا    «الاتفاق أفوت لك ماتش».. العدل ينتقد القرار المنتظر بشأن بيراميدز    محمد شريف يصدم بيراميدز بهذا القرار (تفاصيل)    عملية شعب كالأسد.. الجيش الإسرائيلي ينفذ هجوما استباقيا لضرب المشروع النووي الإيراني    نتيناهو: نحن في لحظة حاسمة في تاريخ إسرائيل وبدأنا عملية «شعب كالأسد» لإحباط المشروع النووي الإيراني    تغطية خاصة| إسرائيل تبدأ الحرب على إيران    تسريب أسطوانة أكسجين.. الكشف عن سبب حريق مركز طبي بالمنيا (تفاصيل)    الداخلية تكشف تفاصيل فيديو التحرش بالأطفال في بورسعيد    مصرع شابين دهسًا أسفل عجلات قطار في قنا    وزير: فحوصات الحمض النووي ضرورية لتحديد ضحايا تحطم الطائرة الهندية    الاستماع لشكاوى المواطنين بقرى بئر العبد بشأن انتظام وصول المياه    «سهل أعمل لقطات والناس تحبني».. رد ناري من محمد هاني على منتقديه    محمود الليثي يواصل تصدره للمشهد الغنائي.. ويحتفل بعيد ميلاده برسائل حب من النجوم    "مستقبل وطن المنيا" ينفذ معسكرا للخدمة العامة والتشجير بمطاي    الأرجنتين تحقق في 38 حالة وفاة مرتبطة بالعلاج بمادة الفنتانيل الملوثة    وكيل وزارة الصحة بالشرقية يؤكد على دور الإعلام الحيوي في دعم المنظومة الصحية    100% ل 3 طلاب.. إعلان أوائل الابتدائية الأزهرية بأسيوط    طريقة عمل الكوارع، بمذاق مميز ولا يقاوم    رحلة ساحرة في تاريخ روسيا تكشف تراثها الإبداعي على المسرح الكبير    محامي عروسين الشرقية يكشف مفاجأة    دينا عبد الكريم تلتقي بالسفير حبشي استعدادًا لجولة كبرى لبناء قواعد للجبهة الوطنية من المصريين بالخارج    «بيطلع عيني».. تعليق مثير من كوكا بشأن مشاركته بدلاً من علي معلول    3 أيام متتالية.. موعد إجازة رأس السنة الهجرية للموظفين والبنوك والمدارس (تفاصيل)    تعرف على برامج الدراسة بجامعة السويس الأهلية    تدريب على الإنعاش القلبي الرئوي الأساسي (BLS) وفقًا لمعايير جمعية القلب الأمريكية AHA    الآلاف يشيعون جثمان تاجر الذهب أحمد المسلماني ضحية غدر الصحاب في البحيرة (فيديو وصور)    نتيجة الشهادة الإعدادية 2025 برقم الجلوس محافظة الغربية (فور إعلان الرابط)    موعد إجازة رأس السنة الهجرية 2025.. عطلة رسمية للقطاعين العام والخاص    «غدروا بيه».. جنازة «أحمد المسلماني» تاجر الذهب في البحيرة (صور)    قمة شباب بريكس للطاقة: دعوة لتحول عادل وشامل بقيادة الأجيال الشابة    شاهد، لحظة تتويج سيراميكا كلوباترا ببطولة كأس الرابطة للمرة الثالثة    تعامل بحذر وحكمة فهناك حدود جديدة.. حظ برج الدلو اليوم 13 يونيو    محافظ قنا يناقش تحديات القطاع الصحي ويضع آليات للنهوض بالخدمات الطبية    الأزهر للفتوى يعلق على شغل الوقت باستخدام مواقع التواصل الاجتماعي    ملك زاهر توجه رسالة مؤثرة من داخل المستشفى    آداب الرجوع من الحج.. دار الإفتاء توضح    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المفكر السياسي الدكتور مأمون فندي.. مدير برنامج الشرق الأوسط بمعهد الدراسات الاستراتيجية في لندن:
الرئيس القادم معرض لهزة وثورة خلال عام أو عامين النفاق الاجتماعي هو الذي أسقط نظام مبارك أخلاقيا
نشر في الأخبار يوم 20 - 05 - 2012

غاص في أعماق مشاكل مصر ثم عايش عن قرب معظم تجارب دول العالم المتقدم وذلك في محاولة للوصول إلي بيت الداء فلديه قناعة جازمة بأن التشخيص الدقيق هو نصف العلاج وسيختصر علي مصر فترة طويلة من الزمان لم تعد تحتمل إنتظارها.
آراؤه صادمة في كثير من الأحيان لكنها تظل مفعمة بالخيال السياسي لقناعته بأن بتر الأجزاء المريضة وإقامة البنيان علي أسس سليمة ستنقل مصر إلي مشارف ومستقبل مأمول بعيدا عن المسكنات التي ستضيف إلي أمراضها أمراضا أخري عضال وسنظل ندور في حلقات مفرغة تبعدنا عن العلاج الناجع.
المفكر السياسي الدكتور مأمون فندي أستاذ العلوم السياسية بجامعة
»جورج تاون« الأمريكية ومدير برنامج الشرق الأوسط وأمن الخليج بالمعهد الدولي للدراسات الإستراتيجية بلندن والذي يطلق في هذا الحوار جانبا من رؤاه نحو جميع القضايا التي تشغل مصر غير عابيء بحساب التوازنات أو مسك العصا من المنتصف.. ينفذ إلي عمق الأشياء من أقصر الطرق وسواء اتفقنا أو اختلفنا معه تظل آراؤه ذات قيمة كبيرة تستوجب التوقف أمامها طويلا.
أكد أن المناظرة التي جرت مؤخرا بين كل من عمرو موسي وعبد المنعم أبو الفتوح لا تقل عن فضيحة »ووتر جيت« وأنها كانت سقطة مهنية كبيرة وأن شكل المناظرة كان يبدو عادلا لكن مضمونها كان تضليلاً للرأي العام ونوعا من الفجور السياسي وأن القائمين علي المناظرة كانوا يلبسون لباس الغرب لكن غرضهم كان تأدية مهمة طلبت منهم وعلي الإجمال فالمناظرة لم ينجح فيها أحد.
ونفي أن تكون الثورة بداية تاريخ جديد لمصر وأنها لم تكن سوي مجرد فاصل إعلاني استمر لمدة 18 يوما عدنا بعده كما كنا
وأعرب عن أمله في أن يري الرئيس القادم مصر بشكلها الكامل وأن يدرك التحديات الداخلية والخارجية في نفس الوقت ولا يردد مجرد أكليشيهات سئمنا من ترديدها محذرا من قيام ثورة ثانية في مصر بعد انتخاب الرئيس الجديد ما لم يتم التعامل مع مشاكل الفقر والعشوائيات بمنتهي السرعة والجدية في إطار منظومة متكاملة تستهدف الخروج بالبلاد من محنتها الراهنة وتفاصيل اخري كثيرة سوف نقف عليها من الانصات لتفاصيل هذا الحوار والذي نبدأه بهذا السؤال:
جدل كبير أثارته المناظرة التي جرت مؤخرا بين مرشحي الرئاسة عمرو موسي وعبد المنعم أبو الفتوح .. فكيف رصدت هذه المناظرة؟
يهمني في البداية أن أؤكد علي ضرورة وضع مستقبل مصر بعد الثورة أمام أعيننا وأن نري المواجهات بين المرشحين في إطار هذا الهدف الكبير.. من هذا المنطلق فإنني أري عدة جوانب أساسية في تلك المناظرة أهمها: الجانب الخاص ببداية التزوير فهناك 4 مؤسسات إعلامية يمتلكها رجال أعمال قررت أن تختار نيابة عن الشعب المصري بأن هناك حصانين رابحين في الموضوع وحصرت الخيارات بينهما وقررت من هو المتقدم ومن هو المتأخر وهذا غش لم يختلف كثيرا عن غش أحمد عز الذي كان ينشره في ذلك الوقت.. فالشكل كان يبدو عادلا لكن المضمون كان تضليلا للرأي العام ، والمشكلة في هذا الجانب الذي يجب أن يعلمه المصريون هو شرعنة الأمور عن طريق الإجماع وذلك بالتكرار فيبدأ العامة في تصديقه بما يسمي بصناعة الإجماع .. فقد تآمر الإقتصاد السياسي لرجال الأعمال مع إعلاميين »وربما ليس عن قصد بل بحكم أكل العيش " فكان تضليلا بواحا لا شك فيه ، وأري أن المناظرة كانت فضيحة لا تقل عن فضيحة »ووتر جيت« التي عصفت بنيكسون بل إنها نوع من الفجور السياسي حيث سوقت له علي اعتبار أن هذا صراع منقسم في اتجاهين وتلك كانت عقلية النظام السابق التي كانت تتبني تقسيم الشارع إلي نصفين يستطيع أن يكون نصف معها يضمن لها النجاح »مثلما قال مبارك أنا أو الفوضي« والآن يريدون أن يسوقوا لنا إما عمرو موسي أو أبو الفتوح وهذا يؤكد لنا أن الثورة لم تستمر سوي 18 يوما فقط فقد كانت عبارة عن فاصل إعلاني عدنا بعده كما كنا ولم تكن بداية تاريخ جديد كما تصور الكثيرون
فنفس اللاعبين وهم رجال الأعمال هم نفس الناس الذين يتحكمون في رسم ملامح الملعب الذي يلعبون فيه واختيار الفرق المنافسة ومعهم الحكم وبالتالي نتيجة المباراة معروفة سلفا.
استطلاعات الرأي
لكن استطلاعات الرأي كانت تشير إلي ارتفاع أسهم كلا المرشحين وبالتالي فالمناظرة بينهما أمر طبيعي فما التضليل في ذلك ؟
أعرف تمام المعرفة كما يعرف أي باحث أو أستاذ محترم أن استطلاعات الرأي في مصر لم تصل إلي درجة النضج التي تجعلنا نحكم بأن فلانا تفوق عن فلان ، وتلك الإستطلاعات لم يكن الهدف منها السياسة بل التسويق للسلع ورغبات السوق وإذا كانت المؤسسات التي أقامت تلك المناظرة غير قادرة علي استقطاب إعلانات حيث إن معظم إعلاناتها من أصحاب الأعمال الذين يديرونها أنفسهم فليس هناك إعلانات تدل علي دراسة للسوق .. فكيف يمكن أن تنجح هذه المؤسسات في إستطلاعات الرأي التي تجريها بشكل دقيق ؟ ونتيجة تلك الإستطلاعات لا يصدقها عقل ويجب ألا تكون مبررا للتضليل .. كما أن هناك جانبا مهنيا وهو أنه ليس من المعقول أن تكون هناك 4 مؤسسات صحفية بهذا الحجم لا تستطيع أن تأتي برقم صحيح في هذه المناظرة وإنها إن كانت في أمريكا أو بريطانيا فأول شيء نتحدث عنه هو الإقتصاد من خلال 3 محاور هي: »ماحجم هذا الإقتصاد؟ ماهي القطاعات الناجحة والفاشلة ؟ وما حجم الدين العام؟ وميزان المفوعات؟
والشيء المثير للتعجب أنه لم يتم سؤال أي من المرشحين عن هذه المحاور وكيف سيتعامل معها وإدارته القادمة للمشاكل الخاصة بحياة المصريين فلم أسمع في المناظرة أي سؤال يتحدث عن أرقام دقيقة ويغوص في أعماق المشاكل بل كان أقرب إلي حديث المقاهي فأحدهما يقول للثاني أنت
»إخواني« والآخر يقول له انت »فلول« والشعب المصري لا يعنيه هذا ولا ذاك بل يعنيه الثورة وأهدافها والعدالة الإجتماعية والأمان ومن أداروا الحوار كانوا يلبسون لباس الغرب فقط دون جوهره فكان غرضهم تأدية مهمة طلبت منهم.. الأمر الذي يعد سقطة مهنية ورئاسية في ذات الوقت وعلي الإجمال لم ينجح فيها أحد بل كانت أكبر خدعة تعرض لها المصريون خلال هذه المرحلة.
أسباب الهجوم
المناظرات في الغرب ينتظرها المواطنون بشغف شديد وتكون كاشفة للكثير من جوانب شخصية المرشحين فتساعد الناخب علي إختياره .. فلماذا نالت تلك المناظرة منك كل ذلك الهجوم ؟
لا يمكن مقارنة تلك المناظرة بالمناظرات المحترمة التي تجري هناك حيث تجري المناظرات من خلال لجان محايدة تضم صفوة الخبراء وتحدد 3 مناظرات للمشاركين جميعهم ولا تشارك المؤسسات الإعلامية التجارية في هذه المناظرات بل يشارك فيها التليفزيون العام الذي يموله دافعو الضرائب وليس له مصلحة إلا المواطن ، فلم نر مؤسسة تهدف للربح يملكها رجال أعمال تقوم بتلك المناظرات لأن هذا معناه أن الرئيس القادم سيدخل نفس اللعبة وكان يجب أن يربأ كل منهما بنفسه بأن يكون مدينا للتجار وألا يكرر سقطة النظام السابق في إختلاط الثروة بالسلطة فلا يجب خلط الثورة بالثروة لأن ذلك يدخلنا في متاهات وبناء منتجعات مغلقة ونحن لا نريد أن تقف القوات المسلحة والأمن المركزي بين تلك المنتجعات والنوادي المغلقة وأبناء الشعب.. فقد انشغلت القوات المسلحة والشرطة قبل ذلك بالفصل بين عالم مبارك المغلق بشرم الشيخ والعشوائيات.
الناس كانت متشوقة لمثل تلك المناظرة باعتبارها الأولي من نوعها في تاريخ الإنتخابات الرئاسية في مصر وأنه كان من المستحيل إجراء مناظرة تضم ال 13مرشحا.. فكيف كان يمكن تدارك هذا الأمر؟
لو تمت تلك المناظرة في دولة محترمة فهي غير قانونية لأنها أخلت بحقوق المرشحين الآخرين ولو رفع أيا منهم دعوي قضائية لأبطل الإنتخابات برمتها وهي مثلت المال السياسي علي حساب أهداف وطموحات الثورة، والمال السياسي لا يمكنه أن ينتج ثوريين لأن الولاء سيكون لهذا المال والذين قادوا الثورة ودفعوا دماءهم في الشوارع اختفوا من المشهد.
إن السلفيين لم يقوموا بالثورة والإخوان إستفادوا رغم تباطؤهم في النزول للشارع كما استفاد النصابون في الإعلام والسياسة.. فنحن الآن أمام عبقرية جديدة من عبقريات المصريين وهي »بزنس الثورة« إذا لا أحد ضد المناظرات علي إطلاقها بل كان يجب إقامتها وفقا للمعايير المهنية والسياسية والأخلاقية للمناظرات.
الاختيار الأصوب
ألم تكن المناظرة كاشفة عن رؤية المرشحين وبرامجهم في حال فوز أي منهما وبالتالي تساعد الناخب المصري علي الإختيار الأصوب؟
المناظرة كانت كاشفة بالفعل وقد أظهرت أن أبو الفتوح ليس رئيسا لعدم إلمامه بالمعلومات والتحديات وكل ما قاله لم يكن كافيا حتي فهمه للأمن القومي المصري كان فهما سطحيا فالأمن القومي المصري له جانب إقتصادي فأين نحن من الجانب المعرفي والمعلوماتي فيه وأين نحن من التكنولوجيا الحديثة وما هي رؤيتنا للتعليم وتأهيل الطلاب لدينا للمنافسة فأكثر الوظائف في أمريكا يحصل عليها الهنود فمتي يمكن أن نؤهل أبناءنا لتلك المنافسة.
كما أن عمرو موسي رغم الكاريزما لم يظهر بآراء رجل الدولة الملم بالحقائق الناصعة ومن ساعده في الإعداد للمناظرة حولها لحلبة ملاكمة يفوز فيها بالنقاط ضد خصمه وعلي الإجمال لم يكن هناك إطار وطني للمناظرة.
وهل كشفت المناظرة أيضا عن قدرة أه منهما في إدارة الدولة حال نجاحه؟
لقد غابت الرؤية الخاصة بمصر بعد الثورة عن كليهما وصحيح أنه ليس من اللياقة أن الإنسان يثبط من همة المرشحين لكن يظل مستقبل مصر ومصر التي نريدها أهم من الأشخاص.. فلم تُطرح فكرة ذات بال نقول عنها انها فكرة براقة توحي بأن مصر تبعث علي الأمل بالنسبة للشباب أو الناس الذين قاموا بالثورة، فقد بدا أن ما نصبو إليه الآن هو نظام مبارك »بشرطة« وكم عدد الكراسي التي سنضيفها لجماعة الإخوان المسلمين وإجراء تعديل وزاري لفك الإشتباك بين مجلس الشعب والحكومة.
إن جوهر المسألة قد تاه .. فالنقطة الأساسية وهي فكرة الدولة وهي
»الشراكة الوطنية المبنية علي الشراكة الفكرية« كان يجب أن تظهر بعد الثورة لكننا نزلنا لفكرة الدولة بمستويات أدني وهي فكرة الجماعات وبدلا من أن نسمو بالدولة لأعلي بدأنا نشدها لخلافة إسلامية، والعروبة خارج الحدود ونسينا مكوناتها الداخلية ولو نظرنا إلي ثورة 25 يناير في إطار الثورات الأخري فسنجد أن ثورة 19 كانت ثورة ضد الإحتلال وثورة يوليو كانت ضد ثورة 19 الليبرالية ثم كانت ثورة الإخوان علي يوليو ثم انحرفت الثورة إلي ثورة ضد الدولة الحديثة والتي أسسها محمد علي حتي وصلنا إلي حالة التصحر الفكري الحادث في مصر حيث لا توجد لدينا محاولة لضم التاريخ المصري في إطار مترابط.
ليس ذلك فقط بل أن الأفكار لدينا مجرد نزعات عاطفية وردات فعل للإتهامات المتبادلة فمثلا : فعندما ينتقد أحد حركة يوليو يفاجأ بهجوم ضار ويحدث غلط في المفاهيم فعبد الناصر كان صادقا ووطنيا ومخلصا.. لاشك في ذلك .. لكن في نفس الوقت كانت لديه قصور في الرؤية.. هذا لا يخرجه عن وطنيته وإخلاصه ، فمكمن الخطر أن لدينا خلطا في المفاهيم تجعلنا نشكك في كل الناس ولا نضع كل إنسان في المصفوفة الوطنية فكل شخص يجب أن يكون له عمله في دورة الإنتاج كصناعة السيارة في خط نهائي فهي سلسلة مرتبطة ببعضها تنتج لنا في النهاية المنتج النهائي وهذا ما نحتاجه في مصر أن تكون لدينا القدرة علي العمل الجماعي في اطار هدف واضح وكلٌ يؤدي دوره وفق قدراته ومؤهلاته.
مهام الرئيس
علي ضوء الواقع الذي ترصده في مصر هل تعتقد أن الرئيس القادم ستكون لديه القدرة علي الخروج بالبلاد من أزماتها الخانقة؟
لم تظهر حتي الآن قيادة تتمتع بالكاريزما من الذين يتصدرون المشهد تكون لديها قدرة علي المناورة السياسية والذهن المتقد كما لم يظهر لدينا رجل دولة أو زعيم تاريخي بحجم ديجول أو تشرشل كما إفتقدنا الجنرالات الكبار أمثال سعد الدين الشاذلي وأبو غزالة الذين كان لهم جميعا انتصارات في حروب كبري وأصبحنا نتحدث »مع إحترامنا الكامل« عن عبد المنعم أبو الفتوح الذي لم يكن له تاريخ وطني بالمعني المعروف بل كل ما هو معروف عنه انه كان رئيسا لإتحاد الطلاب.. قد يكون مؤهلا لإدارة محافظة أو حكم محلي وهذا ليس إنتقاصاً من شأنه لكن معايير رجل الدولة تكون مختلفة ورغم أن عمرو موسي كان أنجح وزراء الخارجية إلا أنه بدا مؤخرا وكأنه عدو لنفسه.
فالمشهد مازال مفتوحا ولم تظهر القيادة القادرة علي الوصول بمصر لدرجة الإجماع الوطني أو القبول العام فالرئيس القادم معرض لهزة وثورة إلا لم يكن خلال عام فخلال عامين كحد أقصي بالإضافة إلا أن هناك شيء دنيويا يخص طبيعة الثورة التي رفعت سقف التوقعات وأن الإنسان سيكون حرا كريما ليس أقل من أي دولة متقدمة في العالم وفجأة وجد الواقع مغايرا لما توقعه وهناك من يريد أخذنا للعالم الإسلامي كأن يتجهون بنا إلي ماليزيا مثلا رغم أننا زمنيا أقرب لأوروبا حيث نحتاج إلي 12 ساعة للوصول إلي ماليزيا مقابل 3 أو 4 ساعات للوصول إلي روما ولندن، والأخطر أننا نحاول البحث عن ذاتنا خارج الحدود وهي مسألة إيمانية فالإسلاميون وغيرهم يرفعون أيديهم لله.. والله بداخلنا وليس خارجنا ففكرة الضمير في الداخل وليس بالخارج ويجب أن نبحث عما يحقق إستقرار المجتمع المصري في منظومة قيمية تحتاج إلي صيغة توافقية وليس رئيسا توافقيا.
فالمصري محظوظ في مخزون الحب الذي تمنحه الأسرة المصرية لأبنائها ولولا هذا الحب وتلك العواطف الجياشة للمصريين لكانوا قد فقدوا القدرة علي العيش ، فهذا الحب هو البنزين الوحيد الذي يعيش به المصريون ونحتاج إلي تطعيمه ببنزين آخر ليكون قادرا علي العمل والإنتاج وليجد وظيفة ومأكلا بشكل كريم.
ويجب أن ندرك أن الدول تصنع من الداخل وليس من الخارج وأن الحوار الوطني يحتاج إلي حوارات وطنية صغيرة علي نطاق أوسع في المحافظات بل في قاع المجتمع لنصل في النهاية إلي حوار أوسع.. كما يجب أن نتجاوز سيادة جو الشك في هذا الوطن.. هذا الشك الذي وجد لأنه ليس هناك ما يقنع الناس بالمصداقية فما تقوله التليفزيونات والصحف غير الممارسة علي الأرض.
انتاج الشرعية
لكن أليست هناك مؤشرات تدل علي عودة الإستقرار بعد بناء المؤسسات كالمجالس النيابية خاصة والإنتخابات الرئاسية علي الأبواب ؟
أي نظام سياسي لابد أن يكون له قبول إجتماعي وأن يؤمن الجميع بأن هذا النظام شرعي ولا تجب الثورة عليه ولكن بعد الثورة في مصر مجلس الشعب الذي إختاره الناس بأنفسهم لا توجد هناك علامات رضا عليه وهناك نقص مخيف لشرعيته فالنظام يحتاج إلي إعادة إنتاج الشرعية ومهما قيل فمن الواضح أن أعضاء مجلس الشعب أنفسهم يذهبون للناس للبحث عن الشرعية فنزلوا الميادين بعد أن فقدوا قدرتهم علي جذب الناس لهم فقد تآكلت شرعيتهم بسرعة كبيرة.
وثورة يوليو هي الأخري قد فقدت شرعيتها بعد أن فشلت في تحقيق أهدافها الستة التي توقفت بعد قوانين الإصلاح الزراعي ففي أي دولة محترمة تجد ان الإستقرار أساسه المؤسسات وليس الأفراد كما أنه قد غاب علينا أن الضمير الذي يعد رقيبا علي السلوك مبني علي الجوهر وليس المظهر وسلوك الإسلاميين اهتم بالمظهر دون المخبر.
فالمنطلقات القيمية ليست نابعة من الداخل سواء من حيث احترامنا لأنفسنا أو للقانون وسيطرت علينا عقلية النفاق الإجتماعي وهذا ما أسقطه نظام مبارك فقد سقط أخلاقيا قبل سقوطه سياسيا ولدينا مجتمع لايزال يري أن المظهر أهم من الجوهر.. فلم يعد لدينا إحساس ومسئولية بفكرة الضمير الحقيقي وهذا ما يبدو واضحا في مسلكنا العام.
وما الذي تتمناه في الرئيس القادم؟
أتمني أن يكون مصريا يؤمن بالإنسان البسيط قبل أن يحرص علي رضا من ساعدوه للوصول للمنصب وأن يري مصر بشكلها الكامل وأن يري التحديات الداخلية والخارجية في ذات الوقت وألا يجعل شيئا يطغي علي بناء الإنسان المصري القادر علي مواجهة التحديات وأن يعد لفكرة الإنسان أولا وِأن يكون مخططا لهذا المبني الجديد »يقصد مصر« ببناء مؤسسات دستورية جديدة وفقا للرضا والإجماع الوطني وأن يبدأ بحل مجلسي الشعب والشوري حتي يمكن أن ننتقل لمصاف الدول المحترمة.
تحديات.. تحديات
وما أهم التحديات التي تنتظر الرئيس القادم ؟
هناك تحديات يجب أن تسير في خطوط متوازية أهمها التفكير في الحفاظ علي حدود الدولة المصرية بقوات مسلحة قادرة علي ذلك علي أن تكون تلك القوات لائقة بحجم الدولة المصرية والتحديات التي تواجهها وأيضا إعادة بناء الشخصية المصرية بالتوازي مع بناء القوات المسلحة ثم بناء المؤسسات بناء سليما وعندما نقوم بالتجارب يجب أن نجرب في المسائل الأقل خطورة حتي إذا فشلت لا تفشل تجربة الوطن بكاملها كما يجب أن نبدأ في بناء إقتصاد سليم مبني علي المنافسة وليس القرصنة قائم علي الإنتاج الحقيقي وليس مجرد إنتاج السيراميك والسجاد وإن كان هذا شيئا جيدا فإنها ليست صناعات وطنية فنحن نريد مشاريع كبري يصلنا بالعالم عقليا فمصر ليست دولة فقيرة لكن المشكلة أنها حكمت بعقلية اللصوص علي مدي 60 عاما
لابد أن نبحث عن بناء هذا الوطن للمستقبل جهارا عيانا من أجل أبنائنا وأحفادنا ولا نتعامل بأفكار الجيل الحالي وهذا لن يتأتي إلا بإنكار الذات فبناء المستقبل ليس أمرا هينا فإسرائيل بجوارنا إستطاعت أن تجذب أفضل عقول أبنائها التي تعلمت بالخارج فكانت دولة جاذبة للعقول ونحن كنا دولة طاردة لها ولدينا دائما فجوة بين الرئيس ومن يليه بإعتبار أن الرجل الثاني يجب أن يكون أكثر جهلا بمساحات كبيرة بينه وبين الرئيس فنحن ضد عقلية الكفاءة وعلي سبيل المثال تم إستبعاد الشاطر وأبو إسماعيل وعمر سليمان بصرف النظر إتفقنا أو إختلفنا معهم بإعتبار أن كلا منهم كان الرقم الأول في التيار الذي يمثله لنتعامل بعد ذلك مع رقم 2 وكأننا نعيش بالفعل في دولة الإستبن.
ومصر بكمبيوتر كبير مكون من هارد وير وسوفت وير.. الهارد وير مازال موجودا لكننا نحتاج إلي سوفت وير، أي نحتاج إلي تنمية العقل المصري وأن نسير في ذات الوقت في اتجاه بناء مؤسسات التعليم والصحة وليس معقولا بأنه لا يوجد في الوطن مستشفي واحد به غرفة إستقبال لائقة لكرامة المريض وكرامة الإنسان.
هل أنت متفائل بالمستقبل؟
نعم لايزال لدي التفاؤل فالنيل لن يجف وهذا المجتمع عبقري وقادر ويجب ألا نسجن عبقريته في اللهث وراء لقمة العيش لكن ينبغي أن نوجهها للبناء
كما أن عدد سكان مصر الحقيقي يزيد عن 100 مليون نسمة وأن الإحصاءات المنشورة غير دقيقة فنحن في مجتمع سكانه يصل لمرة وربع من الأرقام المعلنة وهذا يحتاج إلي عمل جاد وجهد شاق وإلا فعلينا أن نعد العدة لأن هناك ثورة أخري قادمة .
ولابد أن نخرج من حالة الوحل الفكري والتشكيك في وطنية المصريين في الخارج.. فكيف نجعل ما يقرب من ربع المجتمع غير وطني ونشكك في وطنيته وأن الجاهل الذي وضع قانون إزدواج الجنسية ليجعل من مصر دولة طرد بدلا من دولة جذب، وأتمني من كل قلبي الهدوء الفكري والصفاء الذهني لكي تسطع شمس الحرية فنحنا مازلنا خارجين من حالة ظلام دامس نخرج كالخفافيش نعيش في حالة تخبط لفترة لكن يجب أن نتجاوزها سريعا لأن عنصر الوقت ليس في صالحنا.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.