مجدى العفىفى جِزُّه.. هي الكلمة التي تكررت في رسالة هذه السيدة التي أقل ما توصف به أنها رسالة مرعبة من سيدة أكثر رعبا. جِزُّه.. فعل أمر سمعته ورأته يطلقه خمسة أفراد داخل القطار القادم من الاسكندرية في يوم ليس ببعيد من هذه الأيام، فارتعدت خوفا وماتت رعبا، بالضبط ماتت من هول هذه المفردة التي لا تزال تحيطها سمعا وبصرا وتفكيرا وتأملا. جِزُّه.. فعل وفاعل ومفعول في كلمة هي جملة واحدة مفيدة في معناها، قاتلة في معناها محملة بكمية ضخمة من »الدين والديناميت«. جِزُّه.. كتبتها السيدة بحروف خائفة مرتعشة، باكية، حارقة طارقة، تتغشاها ليل نهار، ومن ثم لا تتعجب كما تذكر هي من هول ما يحدث من دمار تسيل في مرحلة سائلة القوام، بل كل شيء فيها سائل جدا، زئبقي، مائع، لا لون ولا طعم ولا رائحة، إلا رائحة القتل وسفك الدماء والوجوه وقتل النفس التي حرم الله وهتك غشاء الأمن والامان، تلك الكلمة التي صرنا نشتاق إليها اجمعين، ونتشوق لتحققها الذاتي والموضوعي. جِزُّه.. حين سمعتها السيدة، ظنت ببراءتها انها لعملية قتل بشعة رغم البساطة التي اطلقها الرجل ذو اللحية الطويلة جدا والجلباب القصير جدا والجسم السمين جدا، والعقل الضئيل جدا، رغم علامة الصلاة في جبهته، وبعد الكلمة راحت تتساءل السيدة »الصلاة لمن«؟ لا يمكن ان لله تعالي، استحالة لمخلوق فيه بقية من روح انساني يطلق هذا الأمر الوحشي والمتوحش. جِزُّه.. تعترف السيدة انها كانت ضيقة الافق حين توهمت انها محددة المعني، فإذا بها تفيق لينسحب المعني علي فضاء واسع في الساحة المصرية ليكون »الجز« في اكثر من اتجاه. وعلي أكثر من مسار، وأكثر من عملية رصدتها في الأيام الأخيرة وتستبق بها الأيام القادمة.. قل هو هاتف داخلي، قل هي نداهة القتل الخارجي. جِزُّه.. الفعل يتشكل ويتلون، تتعدد اساليبه والفاعل واحد ووحيد، والفعل يتكرر نسخه، وتتشعب اذرعه في السياسة والاقتصاد والمجتمع والناس. جِزُّه.. والجز يستشري في القطيع، هل صرنا كلنا مجرد قطعان؟ هكذا تتساءل السيدة المرعوبة هل نحن عبيد وإيماء يبيعون ويشترون فينا من احزاب وجماعات وتكتلات وائتلافات، يتقاذفوننا ويقتسموننا غنائم؟ جِزُّه.. والجز صار يرتكب بفعل فاعل في وسائل الاعلام، في منظومة القيم، في العلاقات، في التعاملات، في الرؤي، في التفكير، في كل عقل يفكر، في كل قلب يخفق. جِزُّه.. والجز أصبح علنيا ومباحا ومتاحا ومفتاحا لفهم ما يجري وسيجري في السنوات العجاف القادمة، فالبقرات السمان يجزونها حتي تصير عجافا، والسنبلات الخضر تتيبس. جِزُّه.. والعاقبة عندكم في الانتخابات، تري في اي عصر من التاريخ نحن نعيش، انا الذي اسأل هذا السؤال من وحي المرارة التي تنز من حروف رسالة السيدة المرعوبة »وأكثر من مرة اكتب كلمة (حروف) فاذا بحرف »الحاء« يتحول إلي حرف »الخاء«.. فالمعني يغالبني ولا فرق انها ظلال ودلالات كلمة القطيع تفرض نفسها إلا قليلا. جِزُّه.. وعفوا سيدتي المرعوبة، يا من يزحف الرعب في شرايينها، وكلنا أيضا، قلوبنا متصلبة، وعقولنا متسلطة، ونفوسنا متيبسة، وأجسادنا متخشبة. كلنا اشباح.. كلنا مستباح كلنا نستحق ما يجري لنا، لاننا باركنا شعار »الجز« وحيثما تكونوا يول عليكم. نحن ضحايانا..!!