السقا مات ..!

مات صلاح السقا .. ذهب الي لقاء ربه راضيا مرضيا .. صاحب الليلة الكبيرة التي ستبقي في الوجدان عملا خالدا من أعمال مسرح العرائس علي مستوي العالم .. المسرحية التي مازالت تحقق أعلي الايرادات في المسرح المصري حتي الآن .. الرجل الذي قدم عشرات المسرحيات لأطفال مصر منها حلم الوزير سعدون وصحصح المصحصح وحسن الصياد والديك العجيب وعقلة الصباع وحمار شهاب الدين .. الرجل الذي أنشأ مسرح القاهرة للعرائس ليس مجرد مبني لكنه كيان ينبض بالحياة والحب والود .. المسرح الذي يحلو لنا أن نسميه بالمسرح العائلي لأن صلاح السقا جمع فيه كل الاحبة وجعل منهم أسرة واحدة وشهد المسرح علي يديه زيجات ناجحة وبقيت رائحة السقا في كل جوانبه حتي بعد أن تركه وأصبح رئيسا لهيئة المسرح عام 1988.
صلاح السقا الذي تخرج في حقوق عين شمس وعمل محاميا لفترة بسيطة كان علي موعد مع القدر حينما اختار المسرح طريقا له ودرس فن العرائس علي يد الخبير العالمي ورائد هذا الفن علي مستوي العالم سيرجي أورازوف وتخصص في فن العرائس علي يد الخبراء الرومانيين في بوخارست ليصبح رجل العرائس الأول في مصر بدون منازع .. عرفته عام 1976 في مسرح القاهرة للعرائس أخا حنونا علي الجميع واقتربت منه كثيرا وكنت أزوره في بيته بالمهندسين وعندما تولي رئاسة هيئة المسرح عرضت عليه طلبا انسانيا لإحدي خريجات الجامعة التي أمر بتعيينها علي الفور بعد أن عرف حالتها واحتياجها للعمل .. كانت القيمة الانسانية عنده ترتفع لعنان السماء فقد سعي لإصلاح أحوال العاملين في هيئة المسرح لتحسين أحوالهم وكان مهتما بفن العرائس وحريصا علي تطويره وهو الذي قدم فيه الليلة الكبيرة التي وجهت الاهتمام الي هذا الفن الذي نهض وكان سببا في انشاء مسرح القاهرة للعرائس فقد ذهب الرئيس جمال عبد الناصر والدكتور ثروت عكاشة وزير الثقافة لمشاهدة احدي مسرحياته بدون ترتيب مسبق وفوجئ العاملون بالمسرحية بالرئيس والوزير بينهم ووقتها قرر الرئيس عبد الناصر انشاء مسرح القاهرة للعرائس بالعتبة مكانه الحالي الان .. لم يكن ابداع السقا مقصورا علي مصر فقد ساهم رحمه الله في انشاء مسارح للعرائس في سوريا والكويت والسودان وتونس وقطر والعراق .. رحم الله المبدع الكبير صلاح السقا الذي أهلته خبراته ليكون عضوا في الهيئة العالمية لفنون ومسارح العرائس وكرمته معظم الدول فنال تكريما من رومانيا والمانيا والولايات المتحدة الامريكية والنمسا والاردن والشارقة وايطاليا .. كما كرمه المهرجان القومي للمسرح في العام الماضي وكان مقررا تكريمه هذا الاسبوع في هيئة قصور الثقافة التي نظمت أول مهرجان لمسرح الطفل بالفيوم تقديرا لمشواره الطويل في الارتقاء بمسرح الطفل في مصر والعالم العربي . . صلاح السقا سيبقي بيننا بما قدمه لنا من أعمال خالدة في مسرح العرائس .
التكريم الحقيقي لصلاح السقا هو في اطلاق اسمه علي بيته الذي عاش فيه أطول سنوات حياته وهو مسرح العرائس تقديرا لمكانته وعلو قامته في مجاله وعطائه الذي لم ينقطع الا بسبب مرضه وكما يقول المثل الشعبي (اللي خلف مامتش ) فقدم للفن المصري ولده البار النجم أحمد السقا ليكون خير خلف لخير سلف .