د. أحمد درة عدة أحداث يجمعها خيط واحد أثارت شجنا دفينا في قلب المصريين كان ذلك خلال الايام القليلة الماضية حين فوجئ الناس باعلان تعديل وزاري باهت الملامح لا يحمل إلا معني واحدا. فيه من الاستهانة بهذا الشعب ما يكفي لادانة الاطراف التي تلعب به وتضيع وقته وفرصه في الخروج من ازماته بمنتهي البساطة، لقد دلل هذا التعديل الهزيل علي سطحية الذين صعدوا للعمل العام بعد الثورة وافتقارهم لادني قواعد المسئولية الوطنية، ولا أعني هؤلاء الذين عادوا من الصمت والكهوف وخيمة الانزواء ليعلنوا اليوم بطولات مزعومة لا وجود لها من أساس. سوف تذكر الأيام بمرارة، ان التصالح الذين جري بين برلمان ينبغي ان يكون للثورة وحكومة يفترض انها تعمل للشعب، جاء علي حساب الشعب وزاد من آلامه. اما حالة اليأس التي ضربت باطنابها في جموع الناس حينما شاهدوا ما يعرف بالمناظرة بين مرشحين للرئاسة كليهما له تاريخ لا يعدو أن يكون قشريا عابرا في ضمير الوطن، فكانت تدعو إلي الندم علي كل قطرة دم سالت لتأتي لنا بهؤلاء المعبأين باحقاد الماضي وصدورهم موغرة، لقد كانت مناطحة ومبارزة محبطة جرعتنا الحقيقة المرة، هل علي هذا القدر من الاندفاع والعدوانية سيكون رئيس مصر بعد الثورة؟! ولا أريد أن اسميهما أو أسميها مناظرة، لانني ومعي شعب مصر رأينا جريرا والفرزدق ومن كان علي شاكلتهما يتنابذان بالالقاب ويتبادلان اتهامات، كان الله في عون الناس ان يستعيدوها ويذوقوا عذابها من جديد. اننا سمعنا منهما نفس ما أثير علي مدي أشهر طوال من حملتهما الانتخابية، ولم يأت احدهما بجديد، فالأول كما هو في قلب الاحداث يرمي بالوعود البراقة، ويستثني نفسه من مواقف وجودية، كان يمكن ان يستثمرها اليوم بحق، خاصة يوم غادر اردوغان وتركه يستكمل الندوة التافهة التي سيطر عليها عدو لنا جميعا. أما الثاني فلم يقدم جديدا إلا هذه المحاولات للتنصل من التاريخ الطويل لوجوده في الجماعة، وكذلك ابعاد شبح تأييده وتحريضه علي العنف في فترة من فترات العمل السياسي الذي كان مغلفا بالدين، ويمارس باسمه، لقد اسفت بشدة لان احرارا وثوريين راهنوا عليك بعد ان سقت لنا جميعا افكارا رائعة بعد الثورة، كان يمكن ان نأتلف حولها، ولا نصطف كما عبرت في المبارزة، لكن الذي جري تحت جنح الظلام، اعادنا إلي الماضي سريعا ونبه الكثير الي التساؤل ودفعنا الي الحيرة، لماذا يوصي من خارج مصر كل هؤلاء بأن تراجع الجماعة قرارها بشأن عدم تأييدك في انتخابات الرئاسة. وانتهت المبارزة الي حسرة، تفجرت في نفوسنا واحبطت آمالنا في الظفر برئيس يمكن ان يخرج الوطن من كبوته ويجمع شمل الأمة علي حق، وبالرغم من انهما ليسا المرشحين الوحيدين، إلا ان اختيارهما لهذه المواجهة من قبل اجهزة اعلامية يفترض انها محايدة، أوحي للناس بأنهما أفضل المطروحين علي الساحة السياسية والحقيقة غير ذلك علي كل حال. ولقد زاد من مرارتنا ان صحونا علي تصريحات الخارجية الأمريكية حول هذه المبارزة، ملتقطة أهم ما يريده منا الامريكان في المرحلة المقبلة، ان لا مساس بمعاهدة السلام، وكان وصف المتحدثة باسم الخارجية الامريكية لتصريحات المرشحين بانها مجرد كلام للاستهلاك الاعلامي لنيل اكبر قدر من اصوات الناخبين، اما علي أرض الواقع فإنه سوف يتبخر لا محالة امام القوة العظمي واليهود المتحكمين فيها. ألا يدعو ذلك الي حزن من نوع عميق وآلام مبرحة تمزق منا الضلوع لان شعب مصر كله يعلم ان سيناء مكشوفة والأمن علي جوانبها ضعيف جدا، والاستثمارات فيها متراجعة وتكاد تكون معدومة لهذا السبب، وكم من مرة هددت اسرائيل الغاصبة باعادة احتلالها في دقائق معدودات، ألا يحزنك قولهم، ويجعلنا نتشكك فيما يقول المرشحون اذ انهم يقولون ما لا سوف يقدرون عليه ان يفعلوه. الصحة في غرفة الإنعاش الأزمة الصحية التي تعرض لها وزير الصحة في حكومة الجنزوري هي بذاتها نفس الأزمة التي تتعرض لها السياسة الصحية في مصر، وهي ان العلاج الممتاز للقادرين فقط وان غيرهم عليهم ان يصبروا ويحتسبوا انفسهم عند الله شهداء الفراش لقد مر عام ونصف العام بعد الثورة وغير القادرين يتخبطون بين المستشفيات والنظام القديم هو كما هو، الخدمة تزداد سوءا وقرارات العلاج علي نفقة الدولة تتعثر وتنتظر حتي يقضي المريض أو ييأس فيذهب مع الريح الي مكان سحيق. ورغم ذلك فإن برامج المرشحين للرئاسة خلت من برنامج عظيم يمكن ان ينقذ المصريين من براثن الأمراض المتراكمة في اجسامهم ونفوسهم عبر السنين الطوال، مصر التي كانت تصدر الطب والأطباء العظام الي العالم اجمع تعاني من مرض عضال في عصب السياسة الصحية القتالة التي اودت بملايين من ابناء الشعب ومازالت ويريد البعض اليوم ان يمارس احتكار رجال الأعمال بشكل جديد لمشروع انقاذ مصر من الأمراض الناقعة في احشائها.