رغم نجاح مصر في تمرير مشروع القرار الذي تقدمت به إلي وكالة الطاقة النووية بالعمل علي إخلاء الشرق الأوسط من الاسلحة النووية بأغلبية 021 صوتا إلا انه رغم هذا النجاح تمكنت الضغوط الأمريكية المحمومة وبمشاركة الحلفاء الغربيين من عرقلة القرار العربي الذي يطالب إسرائيل بالانضمام إلي معاهدة حظر الأسلحة النووية. وقد فضحت الضغوط والمناورات اصرار واشنطن علي منع وكالة الطاقة النووية من ممارسة مسئولياتها تحيزا ونفاقا لإسرائيل. هذا الموقف يكشف ان هناك توافق امريكي بلا أي شروط علي استمرار عمليات التهديد والابتزاز التي تمارسها اسرائيل ضد العرب وكل منطقة الشرق الاوسط لتكريس عدوانيتها القائمة علي التوسع والاستيطان. ان تبرير أمريكا لمحاولات التغطية علي الملف النووي الاسرائيلي.. بأنه لصالح استمرار مفاوضات السلام يعد أمرا مضحكا علي ضوء المعوقات والعراقيل التي يتم وضعها لنسف هذه المفاوضات وفي مقدمتها مواصلة استمرار البناء الاستيطاني علي الأرض الفلسطينية المحتلة. لقد كان قد صدر قرار في اجتماع الوكالة في العام السابق يطالب إسرائيل بالانضمام إلي معاهدة منع انتشار السلاح النووي. تنفيذا لما جاء في هذا القرار ُكلف مدير عام الوكالة الدولية »امانو« باجراء الاتصالات اللازمة مع اسرائيل لحثها علي الالتزام بمضمونه. في نفس الوقت تركزت المساعي الأمريكية علي تفعيل ابطال هذا القرار. لقد مُورست الضغوط علي مدير الوكالة من أجل العمل علي تمييع هذه القضية. اتضح ذلك خلال الزيارة التي قام بها مدير الوكالة لاسرائيل وجنوحه إلي عدم الاصرار علي الزامها بالانضمام إلي معاهدة منع الانتشار النووي ومكتفيا بمطالبتها بالنظر في الأمر. من المؤكد ان موقف الولاياتالمتحدة السلبي من قرار انضمام اسرائيل إلي معاهدة منع الانتشار يكشف عدم مصداقيتها واصرارها علي سياسة ازدواجية المعايير ارضاء لاسرائيل ضاربة عرض الحائط بمصالح كل دول منطقة الشرق الاوسط وبكل المبادئ والمواثيق الدولية. انطلاقا مما حدث فانه كان واضحا ان اجتماعات الوكالة سوف تشهد مساومات ومناورات تستهدف عدم الربط بين ضرورة إلزام اسرائيل بالتوقيع علي معاهدة منع الانتشار النووي وبين التعامل مع الملف النووي الايراني الذي تعد اسرائيل ايضا طرفا أساسيا في إثارته. ورغم انه كان هناك شعور بعدم التفاؤل العربي من جراء الضغوط الأمريكية والأوروبية تجاه توجهات المجتمع الدولي بشأن انشطتها النووية فإن الوفود العربية الأعضاء في وكالة الطاقة النووية لم تتوقف عن إثارة هذه القضية ومتابعتها حرصا من جانبهم علي أمن واستقرار الشرق الاوسط. وقد أخطأت هذه الدول عندما أعادت طرح القرار للتصويت. كان عليها الاحتفاظ بما سبق انجازه في العام الماضي إلي أن يُعقد الاجتماع المقرر لبحث اخلاء الشرق الاوسط من أسلحة الدمار الشامل. تجسد هذا الخطأ في اعادة طرح قرار انضمام إسرائيل لمعاهدة منع الانتشار والذي رفضه محافظو الوكالة عند طرحه للتصويت حتي ولو كان بفرق ضئيل لا يتعدي 5 أصوات »15 ضد 64« صوتا! بعد هذا الذي جري فإن من حق المجتمع الدولي ان تتملكه الشكوك حول ما تقوم به الولاياتالمتحدة وحلفاؤها من أجل منع إيران من امتلاك السلاح النووي. من المؤكد ان هذا الموقف يهز ثقة العالم في هذه السياسة الغربية التي تفرض العقوبات علي ايران بسبب عدم وقفها لبرنامجها النووي. في نفس الوقت الذي ترفض فيه تطبيق هذه المعايير علي اسرائيل!! ان مصداقية الموقف المصري تجاه هذه القضية تتمحور حول الرفض التام لما تقوم به كل من اسرائيل وايران من أنشطة نووية وان علي الغرب ان يتعامل بمسئولية ومساواة وعدالة في كلتا الحالتين.. ولكن تقول لمين. جلال دويدار [email protected]