سلىمان قناوى أفقيا : (1) اصبحنا أمة لوامة، فقدت النفس المطمئنة، وطغت عليها النفس الأمارة بالسوء، تتربص كل مؤسسة فيها بالاخري.انظر اليوم الي العلاقة بين الاطراف الثلاثة الحاكمة في مصر: المجلس العسكري والبرلمان والحكومة، لتدرك مدي الكارثة التي نعيشها. كل مؤسسة من هذه المؤسسات إلا وتتربص بالاخري، وتتمني لها السقوط والخطأ، وتشمت فيها عند وقوعها فيه ، وكأن البرلمان مثلا، هو الكنيست الاسرائيلي، أو مجلس الوزراء يرأسه بنيامين نتنياهو، أو أن المجلس العسكري ماهو الا رجال الجنرال فرانكو ديكتاتور اسبانيا المقبور. حكومة الجنزوري سعدت باعتراض 158 نائبا علي تعليق جلسات مجلس الشعب، وفرحت في " شرشحة" بعض النواب للكتاتني، وبصفة خاصة النائب ابو العز الحريري، الذي استحق بجدارة النائب الطعان، الذي يطعن في البرلمان الذي هو عضو فيه، والرئاسة التي هي مرشح لها، واوشك ان يطعن في عقد الشقة التي يقيم بها!! البرلمان شمت في أحداث العباسية وتورط المجلس العسكري فيها، والمجلس العسكري يخرج لسانه لمجلس الشعب بفرض الحكومة عليه رغم رفض البرلمان لبيانها. دولة بهذا الشكل لايمكن ان تقوم لها قائمة، فبرنامج القوي الحاكمة الثلاثة:البرلمان والحكومة والمجلس العسكري، يقوم علي بند واحد فقط هو التربص بالآخر وتمني له الغلط.. الي هذه الدرجة وصل الشقاق والخصام بين من يديرون أمور الدولة في أخطر مراحلها. أما الاحزاب السياسية فلا تفعل شيئا سوي المزايدة علي هذه القوي الثلاث ووضعها بشكل دائم علي طريق الصدام معا، وتزداد سعادتها كلما سددت قوة منها لطمة الي الاخري، لا يهم في النهاية ان نكون كلنا خاسرين، لكن المهم عند تلك الاحزاب هو تسجيل المواقف بأعلي الصوت حتي ولو كان عائد ذلك، خراب البلد. اصبح الاتفاق الوحيد بين أهل مصر اليوم الا نتفق ابدا. وفي هذه الظروف لو شكلت الجمعية التأسيسية لوضع الدستور من مائة عضو كلهم من صحابة رسول الله وحواريي السيد المسيح، سيختلف عليها المسلمون والمسيحيون، ولو دارت منافسات انتخابات الرئاسة في سقيفة بني "سلطان وبجاتو" بين الخليفة العادل عمر بن الخطاب والخليفة الراشد عمر بن عبد العزيز(رضي الله عنهما) لاختلف المصريون حولهما. كل ذلك .. نتيجة طبيعية لباب الحرية الذي اغلق لمدة 60عاما، فتحت خلالها ابواب الديكتاتورية والفساد علي مصراعيها، وما يجري اليوم، هو اعراض انسحاب الطغيان من الجسد المصري، فالاستبداد كالهيروين اذا تمكن من الجسد ، لن يخرج الا بعد استشفاء يحتاج الي وقت طويل وصبر أطول ، حتي يعود الانسان الي فطرته الطبيعية التي فطر الله الناس عليها وهي" متي استعبدتم الناس وقد ولدتهم امهاتهم احرارا". وكان من اسوأ أعراض الديكتاتورية الحاكمة طوال هذه الفترة ، اننا واجهناها بديكتاتورية فردية، مارسها كل فرد من الشعب المصري علي مستواه وضد مرؤسه او الادني منه، فمارسها المدير علي موظفيه ومارسها الموظفون علي زوجاتهم- ان استطاعوا- او ابنائهم، حتي اصبحنا يا عزيزي كلنا مستبدين، وترسخت الديكتاتورية داخل كل منا، وحين أطلقت ثورة يناير العنان للحرية، لم يعد احد يطيق أن يسمع رأيا مخالفا لرأيه، واصبح الكل يتكلم ولا أحد يسمع، ويا ويلك لو اختلفت معي فأنت إما خائنا او كافرا او جاهلا او متخلفا. المستبدون اصبحوا منتشرين في جميع الطرقات.. لايكتفون باحتلال الرصيف بل اصبحوا يحتلون نصف نهر الطريق ايضا.. اياك ان تحاول ان تتجاوزني بسيارتك..ليلتك سودة.. لو كنت ديكتاتورا متسامحا - ان صح هذا التعبير - سأكتفي بتحطيم اكصدام سيارتك، اما اذا كنت ديكتاتورا باطشا، يبقي عليه العوض في السيارة. واذا كان الاستبداد قد ترسخ داخل كل منا الي هذه الدرجة، ابشركم بأن الشفاء من أعراضه، سيحتاج الي وقت، لكن علينا أن نعترف اولا اننا كلنا مرضي، حتي نبدأ العلاج. (2) في كل مرة تقع مذبحة للشهداء، يحرص المجلس العسكري علي الحديث عن اصراره علي سرعة تسليم السلطة لحكم مدني دون أن يشغل باله بوقف هذه المجازر اولا، لانها لو استمرت بهذا الشكل، لن يكون هناك هذا المدني الذي سيستلم السلطة، ودون أن يشغل باله ثانيا بالقبض علي هؤلاء البلطجية ومحاكمتهم، خاصة ان صور من اطلقوا النار علي المتظاهرين واضحة لكل ذي بصر، حتي لو كان معدوم الضمير والبصيرة. قد يكون تسليم السلطة وعودة الجيش الي ثكناته هدفا في حد ذاته، الا ان استمرار المجازر دون وقفها والقبض علي المتهمين، سيجعل هذا التسليم يتم علي جثث المصريين التي هي أغلي وأعز ما نملك. ولو استمر طغيان البلطجية في الشارع المصري بهذا الشكل، لن يهنأ الرئيس المنتخب بأي سلطة، في حالة ما انسحب الجيش من تأمين البلاد في ظل عجز الشرطة وسيادة الانفلات وليس القانون، لان ما نريده ليس فراق بيننا وبين جيشنا، ولكن ما نريده الا يتدخل المجلس العسكري في شئون السياسة حين يأتي الرئيس المنتخب الذي سيدير البلاد . ابقوا.. لان من بدأ ينهيها. رأسيا : (1) من أجمل ما قرأت: * اصطاد صياد سمكة كبيرة وأبصره أحد حاشية الأمير فاغتصبها منه بدون ثمن ، فقال له الصياد: إنما أردت أن أبيعها وأشتري قوتا لعيالي. فقال له: "البر والبحر ملكنا وما فيهما ولا شيء لك عندنا". فنظر إليه الصياد وقال بنفس حار " اللهم إنه تقوي عليّ بجاهه فأرني قوتك فيه" فعضته السمكة في إصبعه فأحدثت به جرحا سمم جسده وسري السم تحديدا في الكف ثم الذراع فأمر الطبيب بقطع ذراعه ولما أحس بالهلاك وقف في السوق يبكي وينادي " من أراد أن ينظر إلي عاقبة الظلم والبغي فلينظر إليّ". (2) أجّل فرحك عندما يكون مَن هم حولك حزاني ..وخبّئ أحزانك في مكان قصيٍّ عندما يفرح الجميع حولك.