[email protected] الظروف والاحداث الاخيرة فرضت علي الرأي العام متابعة مشكلة بدو سيناء، فالمشكلة تنحصر في التنمية والاعلام والامن ونستطيع ان نستعرض المشاكل بأبعادها الحقيقية ودور الدولة فيها، فالامر يتطلب تحركا حكوميا متكاملا لا يقتصر علي التنمية فقط بمعزل عن الاعلام والأمن. المشكلة ليست في عمليات التنمية التي تقوم بها المحافظة أو الجهاز القومي لتعمير سيناء المزمع إنشاؤه.. المشكلة ليست في المحافظة، ولكن في الحكومة كلها! لا أعتقد ان المحافظ لديه عصا سحرية تستطيع ان تصلح الإعلام الأصفر، أو ان تدفع لإنماء المنطقة بدون تمويل حكومي حقيقي، أو تتعامل مع مشاكل البدو بتعمق في ظل الصدامات الجارية بين البدو والأمن، فالمشكلة مترابطة ولا يمكن ان نجزئها لنصل إلي حلول تضمن استثمار جهود أبنائنا في شمال سيناء يكون ذخيرة لمصر واقتصادها وأمنها القومي. قبل أن تكون مجرد قضية استثمار بعض الامكانيات الاقتصادية للمنطقة.
للأسف الشديد هناك اعلام غير واعي يسعي إلي تفجير شعارات وأحداث غير حقيقية شوهت شكل البدو واتهمت البدوي في ولائه وانتمائه رغم ان البدو هم الذخيرة الأساسية التي لعبت دورا فاعلا في حرب الاستنزاف حتي انتصارات أكتوبر 37 فسيناءالمحتلة كانت معبر رجال القوات المسلحة والمخابرات لرصد حركات إسرائيل وقواتها، وكانت القاعدة المتقدمة لتوجيه العمليات ونقل الأسلحة وكانت مركزا للرصد والتقدم أثناء حرب أكتوبر 37، وقد كرمت الدولة زعماء ورجال القبائل ومنحتهم أوسمة ونياشين وخصصت لهم معاشات ورواتب، فكيف بعد كل هذا الدور يتهم أهل سيناء في ولائهم وانتمائهم؟! للأسف هناك أقلام مسمومة ترتبط بمشروع أجنبي هو في الحقيقة يظهر من خلال تصريحات قلة مأجورة إجرامية أخطأت في حق الدولة، صنعت منها هذه الإقلام أبطالا ورموزا، فبدلا من أن تتجاهل التحدث عن سيرتهم الذاتية أصبح مراسلو الوكالات يتندرون ببطولاتهم في عمليات تهريب السلاح والمخدرات وقطع الطرق، ثم مؤخرا تصريحات القلة من العشرات التي تتحدي الدولة في عملية عدم اتمام الانتخابات، فبدو سيناء يزيد عددهم عن 057 ألف نسمة منهم حوالي 02 شخصا خارجون عن القانون والاجماع السيناوي .. فهل يعقل ان نصنع من هؤلاء أبطالا، ويكونوا وصمة عار علي كل جبين أهل سيناء؟ للأسف الشديد من خلال متابعة الإعلام الخارجي ووكالات الأنباء نجد ان هناك ظلا لمشروع إسرائيلي لتخوين أهل سيناء بما يضمن استمرار أزمة علي الحدود تسمح لإسرائيل بطرح حلول غير عادلة لإنهاء المشكلة الفلسطينية علي حساب سيناء والبدو. فتارة تروج إسرائيل أن البدو ليسوا مصريين وإنما فلسطينيون، وتارة أخري تطلب إسرائيل حل المشكلة الفلسطينية من خلال دمج رفح الفلسطينية مع رفح المصرية باعتبار إنها امتداد طبيعي، وبالتالي تكون إسرائيل قد نجحت في تفتيت مشكلة غزة السكانية وتفريغها تجاه الحدود المصرية. للأسف أيضا الإعلام غير الواعي يروج لهذه الأفكار وهو لا يعلم أبعادها السياسية ومخططاتها الحقيقية!
من هنا أقترح ان يخصص الإعلام القومي صفحات اسبوعية لاستعراض التراث البدوي والثقافة البدوية والعادات العشائرية وتاريخ البدو المشرف والمشاكل الحقيقية التي يعاني منها البدو وكيفية طرح الحلول التي تظهر اهتمام الدولة بأبنائها وهو واجب حكومي وليست العصا السحرية في يد محافظ شمال سيناء. المطلوب عمل جماعي لحل هذه المشكلة وليست تعويذة سحرية يقدمها المحافظ للبدو لاحتواء مشاكلهم، فالحلول تعني المصداقية كما تعني واقعا جديدا يدعم واقع هؤلاء ويربطهم بالوطن ويؤكد انهم ضمن النسيج الوطني ويحافظ علي خصوصياتهم سواء العشائرية أو الثقافية التي نعتز بها دائما.
البدو لهم خصوصية في تعاملاتهم وأعراف تحكم تقاليدهم وأمورهم المعيشية، وهذه العادات والتقاليد مكتسبة من التراث البدوي القديم، فهناك زعيم القبيلة وشيخ العشيرة ومحكمة قوانين عرفية تحكم الحياة البدوية تبني علي الشرف والثقة والقيم واحترام الكلمة، لكن للأسف نتيجة بعض الممارسات تم كسر هيبة زعماء القبائل وشيوخ العشائر، وظهرت زمرة من الشباب تمردت علي هذه القيم، وهو الأمر الذي فرض واقعا جديدا علي قانون العشائر وأفقد الشيوخ قدرتهم علي السيطرة وحل المشاكل . وبالتالي تفجرت مشاكل أمنية وظهرت تجارة غير شرعية وأصبحت سيناء مرتعا للجريمة المنظمة وانتشر السلاح وارتبط بثقافة البدوي وظهرت قلة من قطاع الطرق وهو الأمر الذي يتطلب من الدولة أن تتدخل وبشدة أولا لإعادة هيبة الدولة، فليس من المعقول أن تخرج زمرة من العشرات لتهز كيان سيناء وتهدد الاستقرار والسياحة، وصلت إلي حد إعلان العصيان والتمركز في أماكن معلومة للجميع، بدليل أن بعض مراسلي الصحف يذهبون إلي هذه الأماكن ويلتقون بهؤلاء! فالأمر معروف ومحسوب والمطلوب من الدولة تدخل حاسم لضبط الأوضاع والسيطرة علي الأمور خاصة وأن هناك رأيا عاما كاملا يناشد الدولة التدخل للقضاء علي هذه الظاهرة التي بدأت تستفحل وتتزايد وتحتاج إلي وقفة حاسمة من الدولة، وعلي الدولة أيضا أن تدعم دور شيوخ العشائر والقانون العرفي الحاكم للقبائل والبدو، خاصة وأنها لا تتعارض مع قوانين الدولة ودستورها، فبعودة هيبة وصلاحية زعماء القبائل وشيوخ العشائر سوف يستقر النظام والأمن في سيناء، بعد ذلك نستطيع أن ننفذ خطط التنمية التي تعود علي أبناء سيناء ومصر بكل الخير.