جلال دويدار علي ضوء قرار الأغلبية الإخوانية في مجلس الشعب بتعليق اجتماعاته لمدة أسبوع يغيب الأمل عن تفعيل الصيغة التوافقية التي توصل إليها اجتماع القوي السياسية مع المجلس العسكري لوضع معايير تشكيل اللجنة التأسيسية للدستور والانتهاء من وضعه قبل اتمام اختيار رئيس مصر. لا أصدق ان هذه الخطوة من جانب هذا المجلس تعود الي عدم الانصياع لرغبته في اقالة حكومة الدكتور الجنزوري كما قيل.. وإنما الهدف ووفقا لما تشير اليه الوقائع هو تعمد تعطيل عملية إعداد الدستور وهو ما يعني الاصرار علي استمرار حالة الفوضي وعدم الاستقرار. هذا الموقف يعكس في نفس الوقت الاعتراض غير المباشر علي الحكم القضائي الذي رفض محاولة جماعة الإخوان وأغلبيتها البرلمانية السيطرة والهيمنة والتسلط علي تشكيل لجنة إعداد الدستور. لقد كان هناك أمل في ان تطوي الصيغة التوافقية لتشكيل لجنة الدستور صفحة التخبط في عملية الالتزام بمسيرة الديمقراطية الصحيحة وفق ما يحقق تطلعات الشعب.. ليس هناك ما يقال تعليقا علي هذه المواقف غير المسئولة سوي دعوة المجلس الأعلي للقوات المسلحة إلي تحمل مسئولياته تجاه هذا الوطن الذي استؤمن عليه وهو ما يتطلب اتخاذ جميع الإجراءات ضد محاولات التصدي لرغبة الغالبية الشعبية الرافضة لمخطط الوصاية. كل الدلائل تشير إلي ان حالة من الغرور والغطرسة وعدم احترام إرادة الشعب تقف وراء محاولة فرض دستور تفصيل لمصر الشامخة تفوح منه التوجهات الاخوانية.. انهم لا يريدون ان يفهموا ان الدستور ليس مباديء تؤسس لصالح جماعة أو تيار وانما هو عقد اجتماعي بين الشعب والدولة يحدد الحقوق والواجبات والسلطات.. ووفق ما تقضي به عملية بناء الديمقراطية الحقيقية التي نتطلع إليها جميعا. ان الادراك الضيق للحقيقة من جانب قادة الجماعة يدفع بهم الي عدم الايمان بأن هذا الدستور إنما يوضع لسنوات وسنوات وليس للفترة التي أتاحتها لهم مرحلة انتخابية كانت ضحية ظروف وضغوط غير عادية.. في هذا الاطار يبدو انهم يرون ان من حقهم ان يأتي هذا الدستور وفق ما يريدون وعلي غير الرغبة الشعبية.. انهم بذلك يؤكدون انهم ورثة شرعيون للحزب الوطني وبالتالي فإنهم يعتبرون أنفسهم مخلدين في السلطة.. انطلاقا من هذا الواقع يأتي التلاعب ومحاولات اللف والدوران علي حكم القضاء الاداري الذي أبطل تشكيل لجنتهم التأسيسية وأصلح عوارا كان محتما ان يقود الي ثورة شعبية عارمة.. ليس أدل علي ذلك من هذا الرفض الشعبي لهذه التوجهات الاخوانية والتي تتجسد حاليا في الآراء الموقنة بالوقوع ضحية خديعة كبري. ان حالة الصدمة والخوف من الجشع الاخواني للسلطة والسيطرة والهيمنة علي مقدرات الوطن استغلالا للتأييد الذي حصلوا عليه بالخداع والتضليل والرشاوي الانتخابية ادت الي الهبوط الحاد بشعبيتهم الي أدني المستويات. لم يكن غريبا ان تتبدل نظرة قطاعات كبيرة من الناخبين الذين اعطوهم أصواتهم في الانتخابات الي شك وريبة في الوقت الحالي خاصة بعد ان ظهروا علي حقيقتهم. ان قادة الجماعة ونتيجة للتحول في اتجاهات المؤيدين لها اصيبوا بانفلات اعصاب وفقدان توازن دفع بهم الي ارتكاب مزيد من الاخطاء. مشكلتهم انهم وبتأثير النجاح غير المتوقع الذي حققوه في انتخابات مجلس الشعب قد اصيبوا بحمي الغرور وهو الامر الذي جعلهم يفقدون قدرتهم علي الادراك والتقدير السليم للامور. وللحديث بقية.