اليوم.. يوم الحسم للمعركة الدبلوماسية الشرسة بين المجموعة العربية تقودها مصر، وبين اسرائيل.. بدأت المعركة رحاها بمقر الوكالة الدولية للطاقة الذرية في العاصمة النمساوية فيينا منذ الاثنين الماضي، بعد طرح مصر لمشروع قرار تحقيق اتفاقات الضمان النووي في منطقة الشرق الأوسط بما فيها اسرائيل.. والذي سيتم التصويت عليه اليوم في ختام المؤتمر الدولي السنوي للوكالة.. مشاورات ومداولات حثيثة ومكثفة بين الوفود وعواصم دولها أولا بأول. أصبح واضحا الآن موقف عربي موحد بعد الاصرار علي عدم سحب مشروع القرار وبالتشاور مع المجموعتين الافريقية والآسيوية وحركة عدم الانحياز التي ترأسها مصر، في مواجهة شرسة تقودها امريكا والمجموعة الأوربية لصالح اسرائيل، لمنع مناقشة القدرات النووية الاسرائيلية في محفل دولي هام مثل الوكالة أو غيرها من المحافل. استخدمت امريكا وأوربا جميع الوسائل بالتهديد تاره والترغيب تارة أخري لوفود الدول لحثها علي التصويت ضد القرار أو الامتناع عن التصويت أو علي الاقل الغياب عن الجلسة. ولهذا كان السبب في تأجيل التصويت علي مشروع القرار الي اليوم الأخير في المؤتمر، علي أمل أن تكون بعض الوفود قد غادرت الاجتماعات بالعودة الي بلادها بالفعل. النجاح في تمرير مشروع القرار ممكن والفشل في ذلك وارد. ولكن التطور الإيجابي مما حدث في فيينا بشأن هذه القضية، أنها المرة الأولي في الوكالة الدولية للطاقة الذرية التي يتم فيها فتح النقاش والجدل حول قدرات اسرائيل النووية، بعد أن ظلت طوال السنوات الماضية شبحا يكتنفه الغموض ولا يجرؤ أحد علي الإشارة اليه أو فتح حوار هامشي بشأن. وهذا هو سر الهجوم الشرس الذي شنه شاؤول سوريد مدير هيئة الطاقة الذرية الاسرائيلية علي مصر في بيان حكومته والذي القاه أمام المؤتمر يوم الثلاثاء الماضي. منتقدا بشدة تقدم مصر والمجموعة العربية بمشروع القرار، ومهددا بأنه يقوض فرص السلام أو تحقيق تقدم في تنفيذ المبادرة المصرية بإخلاء منطقة الشرق الأوسط من الأسلحة النووية وأسلحة الدمار الشامل. مشروع القرار افقد الوفد الاسرائيلي صوابه وأثار حفيظة امريكا التي أكد رئيسها أوباما انه ينظر بعين الاعتبار الي حاجة اسرائيل لإجراءات أمنية خاصة، في اشارة الي حقها في امتلاك اسلحة نووية. وخاصة ان مشروع القرار يأتي مكملا لسلسلة من النجاحات الدبلوماسية المصرية والعربية التي تحققت في مجال تضييق الخناق علي اسرائيل بضرورة الكشف عن قدراتها النووية وإخضاع منشآتها للتفتيش للضمانات الشاملة للوكالة الدولية. وانضمام اسرائيل الي معاهدة منع الانتشار النووي، وذلك من خلال الحشد الدبلوماسي للمجتمع الدولي. هذه الانتصارات التي حققتها الدبلوماسية المصرية توجت في مؤتمر مراجعة معاهدة منع الانتشار النووي بالموافقة علي عقد مؤتمر عام 2102 لبدء تنفيذ قرار انشاء منطقة خالية من السلاح النووي بالشرق الأوسط.